رئيس التحرير
عصام كامل

كفاكم.. ما عاد ينفع الانتظار!

رغم ما يجرى في كل لحظة من جرائم إبادة ترتكبها بحماقة وجنون آلة الحرب الإسرائيلية في عمليات أفضت إلى استشهاد عشرات الآلاف من الشهداء ووقوع أكثر منهم ما بين مصاب ومفقود تحت الأنقاض أغلبهم من الأطفال والنساء.. لا تزال واشنطن ترى الأحداث في الأراضي الفلسطينية المحتلة لا أقول بعين واحدة بل بعين كليلة.. 

 

ذلك أن الموقف الأمريكي ثابت منذ زيارة بايدن العاجلة لتل أبيب في الأيام الأولى من اندلاع عمليات طوفان الأقصى لإعلان التأييد الرسمي الكامل لإسرائيل عسكريًا وماليًا واستخباراتيا ولوجستيا.. وصولًا لزيارة وزير خارجيته بلينكن لإسرائيل ثم للأردن ولقائه وزراء خارجية عدد من الدول العربية وفي مقدمتها مصر.. 

 

صحيح أن الموقف الأمريكي تغيرت وتيرته شيئًا ما من التركيز على الإدانة المطلقة لحركة المقاومة الفلسطينية والتبرئة الكاملة لإسرائيل وجرائمها الوحشية إلى الحديث عن هدنة إنسانية مؤقتة لإدخال المساعدات الإنسانية وإنقاذ المدنيين.

نتنياهو وبايدن


لكن الموقف الأمريكي الذي يقع تحت ضغوط دولية هائلة لايزال يراوح مكانه في مغامرة غير محسوبة على المستقبل السياسي لجون بايدن الذي تنتظره انتخابات رئاسية أمريكية العام المقبل.. وربما يطيح به طوفان الأقصى كما سيطيح بنتنياهو وعصابته المجرمة التي قتلت بدم بارد وبلا رحمة آلاف الأطفال والنساء ثم يهرول ذعرًا جيشه المتغطرس الذي يضم مئات الآلاف من الجنود المدججين بأحدث وأشد الأسلحة الأمريكية فتكًا أمام بضعة مئات من المقاومين.


الموقف الأمريكى لا يزال مراوغًا، ولولا الرأي العام الغربي الضاغط على إدارة بايدن لظلت على غيها في الدعم لإسرائيل التي تعلم قبل غيرها أنها دولة احتلال، فهل يجوز لدولة احتلال أن تقطع المياه والكهرباء والإنترنت عن شعب أعزل محتل.. وهل يحق لدولة احتلال أن تقصف بلا رحمة شعبًا أعزل بدعوى أن المقاومة تتحصن خلفه.


حديث المتحدث الرسمى باسم الخارجية الأمريكية لإحدى القنوات العربية التي لا تخفى تأييدها للتطبيع مع الاحتلال كان أشد مراوغة؛ ذلك أنه لم يجب عن كثير من أسئلة المذيعة بصورة واضحة بل تهرب كرئيسه بايدن وألقي باللائمة على حماس التي يراها رأس الخطيئة ومصدر الإرهاب..

 

وحين واجهته المذيعة بسؤال مباغت: هل تأكدتم أن إسرائيل تمتلك معلومات قاطعة بأن حماس قامت ببناء أنفاق تحت المستشفيات لم يذكر إجابة شافية وتهرب منها.. وشتان بين موقفه وموقف الأمين العام للأمم المتحدة الذي أعلن منذ اليوم الأول لطوفان الأقصى أن ما فعلته حماس لم يأت من فراغ بل إنه نتاج استفزازات وانتهاكات وجرائم ترتكبها إسرائيل على مدى عقود.

 


أيها الدول العربية والإسلامية أفيقوا.. فانتصار المقاومة، مهما اختلفنا معها أيديولوجيًا، على الكيان الإسرائيلي الغاصب هو انتصار للأمة كلها؛ أما إذا تركتم إسرائيل تستفرد بشعب فلسطين ومقاومته سعيا لتصفية قضيتهم بأي شكل فلسوف تتفرغ بعدها- لا قدر الله- وبدعم إمبريالى أمريكى وغربي، لدول عربية أخرى احتلت ولا تزال جزءًا من أراضيها حتى تحقق حلمها المزعوم من النيل إلى الفرات.. وساعتها سوف يكون لسان الحال "أكلت يوم أكل الثور الأبيض".

الجريدة الرسمية