رئيس التحرير
عصام كامل

ما بعد حماس.. ألف حماس!

مشاهد قتل الأطفال والنساء بالقصف والنسف، بطائرات أمريكية الصنع، وصواريخ أمريكية الصنع، تتوحش بها النازية الإسرائيلية، تحولت بالاعتياد والتكرار اليومي إلى مجرد لقطات سريعة في فيلم مقرف بغيض، ماتت فيه ضمائر المشاهدين، وعميت أبصارهم.


لم تنجح مليونيات البشر العاديين في عواصم الصليبية الجديدة في رد العقل إلى الحكام في أوروبا وفي واشنطن.. وحين تتأمل الخطاب السياسي للغرب يفجعك الانفصام الظاهرى بين إصرارهم على إبادة الشعب الفلسطيني عبر إسرائيل، وإصرارهم على إمداد غزة بالماء والغذاء والدواء.. بالتنقيط، والتقسيط. إسرائيل تقتل وتنسف وتدمر وتزيل أحياء كاملة، والغرب يتكلم عن القتل الرحيم للمدنيين، اقتل ولا تسرف.


واليوم يعود إلى المنطقة مندوب الصليبية الجديدة أنتوني بلينكن في زيارة بدأها بالسعودية ليتأكد من تهدئة محور إيران، وغدا في إسرائيل، وهذه الزيارة لها عدة أبعاد، أولها التحول الذي حدث في موقف الرئيس الأمريكي فجأة متزامنا مع بدء رحلة بلينكن. 

 

فهو وافق على وقف مؤقت لإطلاق النار، وكان حتى ليلة أمس يرفض وقف النار ويردد ما تقوله القيادات الاسرائيلية من أن الوقف يفيد حماس في إعادة صفوفها وجاهزيتها وترميم موقفها، ونذكر أيضا أنه كان طيلة الوقت يكرر مع ماكرون والاتحاد الأوربي عامة الكلام عن هدنة إنسانية مؤقتة.

حماس جديدة


بايدن إذن يرغب فى وقف النار مؤقتا، بهدف إطلاق سراح المحتجزين، كما يبرر البيت الأبيض.. 
من ناحية أخرى يتحدث محللون دوليون عن سيناريوهات ثلاثة يحملها وزير الخارجية الأمريكي في زيارته الثانية للمنطقة المشتعلة بالنار والقلق، وهي سيناويوهات حكم غزة وإدارتها بعد زوال حماس. 


وأيا كانت السيناريوهات، حكم أممي تحت مظلة الأمم المتحدة، حكم ناتو على حدود مصر مع غزة، حكم مختلط لرام الله مع دعم دولى، أو السيناريو الفرنسي الأسوا وهو تحالف دولى يفك شبكة أنفاق غزة، وهذا بدوره ينطوى على مزيد من الدماء والخراب. 

نقول أيا كانت هذه المخططات، فإنها تفترض أن حماس زالت وانتهت إلى الأبد. يحدث كثيرا أن أي حل دولى تفرضه القوى المنتصرة، يحمل فيروس زواله، ويهيئ لحروب تالية، فكما أسرف الحلفاء في انتصارهم على ألمانيا في الحرب العالمية الأولى وأذلوها، فصنعوا هتلر والنازية واشتعلت الحرب العالمية الثانية، هم أيضا صنعوا ألف حماس جديدة.

ليس فقط من الشباب الذي تروعه الفظائع، يراها ويعيشها كل لحظة، بل من الصبية، والأطفال سحبوهم من تحت ركام البنايات بدمائهم وغبارهم، الذين سيتحولون بدورهم إلى كتائب انتقام لمن فقدوهم تحت الأنقاض، قتلتهم اسرائيل بقنابل أمريكا.

 


كل طفل وصبى وشاب ممن عاصروا المجزرة الجارية هو حماس جديدة تنمو مع الزمن، لتقاوم وتنتقم للدم الطاهر الذي أريق بخسة ونذالة وتواطؤ صليبي جديد. هم يكرهوننا لأننا مسلمون.. وهو ما يتظاهر بايدن حاليا بأنه يكافح كراهية المسلمين في بلاده.. كاذبا.

الجريدة الرسمية