رئيس التحرير
عصام كامل

حديث قلب

الربع الأخير من العمر

الصحة تاج علي رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى، هي مقولة اختلف الكثيرون على قائلها، فمنهم من قال إنها تعود إلى الإمام علي (كرم الله وجهه)، ومنهم من قال إنها تعود إلي أبوقرط (أبو الطب)..
وأيا كان من قائلها، فلا يختلف أحد على أهميتها في حياتنا، فهي أحد النعم المهمة التي لا تقدر بثمن، أغلى من الذهب والفضة وكل المعادن النفيسة..

 

وهذا ما أكده عالم اجتماع شهير ضمن نصائحه لكبار السن، مطالبا بأن يستثمروا الوقت الباقي من العمر على أفضل ما يكون.. فماذا قال؟
كتب عالم الاجتماع السويدي بير يوهانسون والذي دَرَّسَ مادة علم الاجتماع في جامعة ستوكهولم مقالا لكبار السن واضعا تجربته الشخصية بعد تقاعده عن العمل والتدريس في الجامعة بعنوان: الربع الأخير من العمر، وأحسب أن هذا المقال واحد من أجمل ما قرأت منذ فترة..

 

يقول يوهانسون في المقال: كما تعلم.. للوقت طريقة للتحرك بسرعة وإلقاء القبض عليك وأنت غير مدرك للسرعة التي انقضت بها السنوات، يبدو أنني بالأمس فقط كنت صغيرًا وأبدأ حياتي الجديدة.. لكن بطريقة ما بدا الأمر وكأنه منذ دهور، وأتساءل أين ذهبت كل تلك السنوات؟!.

 

أعلم أنني عشتها كلها دون نقص، لدي لمحات عن كيف كنت في ذلك الوقت ولمحات عن  آمالي وأحلامي فيها.. ولكن فجأة اكتشفت أني أعيش الربع الأخير من حياتي وقد أدهشني ذلك الاكتشاف.. 
أين ذهبت كل تلك السنين؟! ومتى وإلى أين غادر شبابي؟! 

 

كم قابلت وعرفت من كبار السن طوال حياتي؟! وكم اعتقدت أن الشيخوخة التي إتصفوا بها بعيدة عني؟! ذلك حين كنت في الربع الأول من رحلة العمر، وكان الربع الرابع بعيدًا عني لدرجة أنني لم أتمكن من تخيّل كيف يمكن أن يكون حين أبلغه..

نصائح لكبار السن

ولكن.. ها هو الربع الرابع قد إقتحم بابي وتجاوز اعتابي وسلبني شبابي.. أصدقائي متقاعدون وأصبحوا شيبا، يتحركون ببطء، ويسمعون بعسر، ويفهمون بمشقة! بعضهم في حال أفضل مني وبعضهم أسوأ.. لكني أرى التغيّر الجسيم في أحوالهم.. ليسوا مثل الأشخاص الذين أتذكرهم والذين كانوا صغارً ونابضين بالحيوية..

 
نحن الآن أولئك الأشخاص كبار السن الذين اعتدنا على رؤيتهم ولم نتخيل يوما أننا سنكون مثلهم.. اليوم أصبحت أرى أن مجرد الاستحمام هو هدف حقيقي لهذا اليوم، والقيلولة لم تعد اختيارية بعد الآن.. إنها إلزامية!، لأنني إن لم آخذ قيلولتي بمحض إرادتي فأني سأغفو حيث أجلس!

 

وهكذا أدخل الموسم الجديد من حياتي غير مستعد للأوجاع والآلام وفقدان القدرة على القيام بأشياء كنت أتمنى أن أفعلها ولكني لم أفعلها أبدًا! كم ندمت على أشياء كنت أتمنى لو لم أفعلها، وكم ندمت على ما كان يجب أن أفعله ولم أفعله، كما اكتشفت أن هناك العديد من الأشياء التي أسعدنى القيام بها خلال ما مضى من العمر.

 

لذا.. إن لم تكن في الربع الأخير من عمرك بعد، دعني أذكرك أنه سيأتيك أسرع مما تتوقع، لذلك كل ما ترغب في تحقيقه في حياتك إفعله بسرعة! لا تؤجل! تمر الحياة بسرعة.. لذا أفعل ما تستطيع اليوم، إذ لا يمكنك أبدًا التأكد مما إذا كنت في الربع الأخير أم لا؟!

 

ليس لديك وعد بأنك سترى كل فصول حياتك.. لذا عش اليوم وإفعل وقل كل الأشياء التي تريد أن يتذكرها أحباؤك، وكن على أمل أن يقدّروك ويحبوك على كل الأشياء التي فعلتها لهم في كل السنوات الماضية.

 

الحياة.. هدية لك، الطريقة التي تعيش بها حياتك هي هديتك لمن سيأتي بعدك.. إجعلها رائعة، عشها بشكل جيد، تمتّع بيومك، افعل شيئا ممتعا، كن سعيدًا. أتمنى لك يوما عظيمًا.. وتذكر أن الصحة هي الثروة الحقيقية وليست قطع الذهب والفضة.. 

 

يفضل أن تضع في اعتبارك ما يلي:                                                                       الخروج جيد، والعودة إلى المنزل أفضل!
نسيت الأسماء لا بأس.. لأن بعض الناس نسوا أنهم يعرفونك حتى!!
أنت تدرك أنك لن تكون محترفا في كل شيء مثل الجولف. 


الأشياء التي اعتدت على القيام بها لم تعد مهتمًا بها بعد الآن، لكنك لا تهتم حقًا بأنك لست مهتمًا بهذا القدر. 
تنام على كرسي الاستلقاء مع التلفزيون بشكل أفضل مما لو كنت نائما في سريرك.
تفوتك الأيام التي كان فيها كل شيء يعمل فقط بمفتاح تشغيل وإيقاف.

 


أنت تميل إلى استخدام الكلمات ذات الحروف القليلة، ماذا ؟.. متى؟ 
لديك الكثيرمن الملابس في الخزانة.. أكثر من نصفها لن ترتديها أبدًا، سيكون للقديم قيمة أكثر من ذي قبل في حياتك.. الأغاني القديمة؛ الأفلام القديمة؛ وأفضل ما في الأمر الأصدقاء القدامى!

الجريدة الرسمية