رئيس التحرير
عصام كامل

استرداد طابا.. ملحمة الوثائق والمستندات.. دبلوماسيون يكشفون قتال الدبلوماسية المصرية عن كل نقطة رمل فى شبه الجزيرة

طابا،فيتو
طابا،فيتو

ما أخذ بالقوة استرددناه بالقوة، وبدماء آلاف الشهداء حررنا سيناء وأعدنا طابا، فى ملحمة عسكرية عام 1973 وملحمة دبلوماسية أخرى بعد سنوات قليلة، رغم ذلك لم يهدأ العدو الصهيونى ولم يكف عن رسم مخططات بموجبها يتم تهجير الفلسطينيين إلى سيناء.

وطابا هى مدينة تتبع محافظة جنوب سيناء وتقع على رأس خليج العقبة بين سلسلة جبال وهضاب طابا الشرقية من جهة، ومياه خليج العقبة من جهة أخرى. وتبلغ مساحتها 508.8 فدان تقريبًا.

تمثل مدينة طابا قيمة تاريخية واستراتيجية كبيرة لموقعها المتميز الذى يشرف على حدود 4 دول هى مصر، السعودية، الأردن، فلسطين، حيث تبعد عن ميناء إيلات الإسرائيلى نحو 7 كم شرقًا، وتقع فى مواجهة الحدود السعودية وتعد آخر النقاط العمرانية المصرية على خليج العقبة.

عقب حرب أكتوبر عقدت فى 1979 اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، والتى بموجبها بدأت إسرائيل انسحابها من سيناء، وفى أواخر عام 1981 الذى كان يتم خلاله تنفيذ المرحلة الأخيرة من مراحل هذا الانسحاب، سعى الجانب الإسرائيلى إلى افتعال أزمة تعرقل هذه المرحلة، وتمثل ذلك بإثارة مشكلات حول وضع 14 علامة حدودية أهمها العلامة 91 فى طابا.

محاولة فاشلة

وفى محاولة فاشلة افتتحت إسرائيل فندق سونستا وقرية سياحية وأدخلت قوات حرس الحدود فقامت الحكومة المصرية بالرد عن طريق تشكيل اللجنة القومية للدفاع عن طابا أو اللجنة القومية العليا لطابا، وتشكلت بالخارجية المصرية لجنة لإعداد مشارطة التحكيم.

وعقب قرار مجلس الوزراء الإسرائيلى بالموافقة على التحكيم، تم توقيع اتفاقية المشارطة بمشاركة شمعون بيريز فى 11 سبتمبر 1986، والتى قبلتها إسرائيل بضغط من الولايات المتحدة.

وأكد السفير محمد العرابى، أن مصر اعتمدت فى معركتها الدبلوماسية على الوثائق والمستندات التى أثبتت أحقيتها لأراضى سيناء وهو ما مكن فريق التفاوض المصرى من إقناع لجنة التحكيم الدولى، موضحا أن الدبلوماسية المصرية كانت ذكية وعلى قدر عال من الكفاءة واستطاعت استغلال كل دليل وبرهان لإثبات أحقيتها بسيناء، مشيرا إلى أنها استعانت بكبار رجال القانون المصريين ورجال التاريخ والجغرافيا.

ونوه إلى أن اختيار فريق التحكيم الدولى كان انتصارا للدبلوماسية المصرية، والتى تمكنت من اختيار قضاة محايدين وإقناع إسرائيل بالقبول بهم، إضافة إلى الفريق المصرى بقيادة السفير نبيل العربى وهو دبلوماسى محنك وعلى قدر عالى من الذكاء والكفاءة كان له دور كبير فى قيادة المعركة الدبلوماسية.

معركة شرسة

وفى السياق ذاته قال السفير جمال بيومى مساعد وزير الخارجية السابق، إن لجنة المفاوضات وفى مقدمتها الدبلوماسية المصرية خاضت معركة شرسة من البحث وتجميع الأدلة التى تثبت لمصر أحقيتها فى طابا، فبعد توقيع معاهدة السلام بين البلدين برعاية أمريكية، بدأت إسرائيل فى المراوغة فى تسليم آخر مناطق سيناء «طابا»، ومن هنا بدأ الخلاف، وتم تشكيل اللجنة القومية العليا لطابا والتى ضمت كفاءات قانونية وتاريخية وجغرافية وعسكرية وبعض السياسيين والمؤرخين، فضلا عن عدد من الدبلوماسيين.

وذكر جمال بيومى أن مصر رسمت حدودها مع فلسطين عندما كانت تحت الانتداب البريطانى، وكانت طابا جزأ لا يتجزأ من مصر، مشيرا إلى أن إسرائيل قامت بتحريك العلامة الفاصلة لمسافة ٦٠٠ متر، لإثبات أحقيتها.

وأكد، أن اللجنة اليومية العليا ومعهم الوفد الدبلوماسى بدأت بالبحث عن بعض الأوراق المهمة، حيث تم الحصول على بعض شهادات الميلاد والمدون بها المنطقة محل النزاع كمحل سكن لبعض المصريين بها، كما تم الوصول لعدد من الصور الفوتوغرافية التى تثبت أحقية المصريين بهذه المنطقة منها صور لبعض الشخصيات المصرية العسكرية، وأيضًا صور لهذه المنطقة وهى تحوى شجرتين من الدوم.

وأضاف جمال بيومى وأيضًا استعان الفريق المصرى بالخرائط المصرية التى أصدرتها جهات متعددة، فضلا عن الأرشيف التركى الذى كان أحد أهم الأرشيفات الوطنية التى تم الاستعانة بها، لا سيما أن دار الوثائق البريطانية ساهمت بشكل كبير أيضًا فى إثبات أحقية مصر بهذه الأرض.

وأضاف مساعد وزير الخارجية السابق أن اللجنة المشكلة والتى ضمت مختلف التخصصات والخبراء والدبلوماسيين وجدوا أيضًا بعض الأوراق التى تتضمن أوامر نقل ضباط وموظفين مدنيين سبق وأن عملوا فى هذه المنطقة، وخرائط كثيرة احتفظ بها كبار الضباط كعلامات فارقة لإثبات الحق المصرى بهذه الأرض.

وأوضح بيومى أن هذه اللجنة حققت نجاحا كبيرا حتى أن بعض المؤرخين الإسرائيليين دونوا فى مذكراتهم أنهم لم يتوقعوا أبدا أن المصريين قادرون على إثبات حقهم بهذا الشكل أو أنهم سيجرئون على خوض معركة دبلوماسية ناجحة بهذه القدرة.

حكم التاريخ

وتابع بأن التاريخ لم يثبت فقط نجاح الرئيس السادات فى توقيع معاهدة السلام مع الإسرائيليين وأنه لم يكن القرار الوحيد الذى أنصفه، بل نجح أيضًا عند قبوله استعداده التام للتحكيم الدولى، ونجح أيضًا عندما استقبل اللجنة بصدر رحب واستمع لوجهة نظرها، وبالفعل أثبتت اللجنة نجاحها كأفضل جهد دبلوماسى قانونى سياسى، وأصدرت هيئة التحكيم حكمها التاريخى بأغلبية 4 أصوات، بمصرية طابا، وأقرت حيثيات الحكم بأن إسرائيل أضمرت سوء النية طيلة مرحلة التحكيم، وفى 15 مارس 1989 استعادت مصر طابا إلى سيادتها، وتم رفع العلم المصرى عليها.

وحول النماذج التى شاركت فى هذه المعركة الدبلوماسية أشاد جمال بيومى بالدور الذى لعبه السفير نبيل العربى فى ذلك الوقت، وأيضًا الدور الذى لعبه رجل القانون وحيد رأفت والذى كان معارضا للحكومة فى ذلك الوقت، إلا أنه عندما طلب منه المشاركة فى هذه المعركة الدبلوماسية رحب وشارك دون مقابل مادى.

ومن جانبه ذكر السفير أحمد حجاج أن مصر خاضت معارك دبلوماسية كبيرة من أجل سيناء، سواء منذ بدء الاحتلال الإسرائيلى لها فى ١٩٦٧ أو حتى من بعد نصر أكتوبر المجيد ١٩٧٣.

وأوضح السفير حجاج أن مصر اعتمدت على الدبلوماسية فى بادئ الأمر للدفع بالاحتلال الإسرائيلى إلى الخروج من أرض سيناء دون معارك، ودخلت فى العديد من المبادرات وشكلت جبهات ضغط على العدو، إلا أنه أصر على موقفه المتغطرس حتى اذاقته القوات المسلحة المصرية من بأسها لكسر غروره وإجباره على التفاوض والتخلى عن أفكاره الاستعمارية.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

 

الجريدة الرسمية