رئيس التحرير
عصام كامل

غزة تنتصر وحدها

على قلوبهم وعلى سمعهم ختم العنصرية وعلي أبصارهم غشاوة الصهيونية وعلى قلوبنا وعلي أسماعنا ختم اللامبالاة وعلى أبصارنا غشاوة العدم.. على قلوب الغرب وعلى سمعه ماض من القتل والعنف وعلى قلوبنا وعلى أسماعنا حاضر من الغياب والضياع والجبن.


لا الغرب كله أشرار ولا كلنا أخيار، فالغرب الرسمي المتمترس خلف آلة الصهيونية يقابله غرب لايزال يحتمى بالإنسانية عنوانا وضميرا ويخرج في ميادين المدن الغربية ليفضح آلة الحرب والقتل والتدمير، بينما تحول أجهزة الأمن في بلادنا بيننا وبين مجرد الهتاف إحياء لغزة وأهلها.


في الغرب الرسمي القابع خلف تاريخ عريق من العنصرية كثير من ذئاب البشر المطالبين والداعمين لآلة الحرب على عزل غزة، وفي بعض بلادنا يقبع الحكام خلف الخوف على الكرسي وحلاوة الكرسي، وبهاء الكرسي وسلطان الكرسي ومكاسب الكرسي فلا يهمه ما يجرى ولا تحرك شعرة من رأسه طفلة أخرجوها الآن من تحت الركام.


لا نحن مسموح لنا بالصراخ ولا شعوب الغرب مسموح لها إلا بالصراخ.. معادلة معقدة تتحكم في البشر هنا وتحكم البشر هناك، بيننا مظلوم تسيره الحكومات ولديهم مظلوم يستطيع أن يغير الحكومات.. كلانا مظلوم غير أن مظلومهم بيده بعض الأمر بينما نحن فأمرنا بيد من بيدهم القوة.


وما بين مظلوم الشرق ومظلوم الغرب تتأرجح غزة وكل غزة ويموت أطفال غزة وكل غزة وتنهار بنايات غزة وبنايات كل غزة والأمر يمضي من قرن إلى قرن ومن زمن إلى زمن دون أن يصبح للبشرية كلها ضمير موحد وقلب موحد وعيون ترى كل ما يُرى.


لا تصب جام غضبك على من بيدهم الأمر فالأمر هنا وهناك واحد.. هنا يحكمنا ولاة الأمر وإن جلدوا ظهورنا وهناك ولاة الأمر يخطفون إرادة شعوبهم في طريق صناعة المجد الذي ترسمه عصابات الصهيونية التي ابتدعوها كما قال كبيرهم في البيت الأبيض.. إن لم تخلق إسرائيل لخلقناها.


غزة التي تنزف دما وتبكى أرواحا طاهرة تصعد للسماء أقوى من كل تظاهرات خرجت هناك وأخرى هنا حبست خلف قضبان العسس ورجال الأمن الساهرين على حراسة الكراسي وحماية مكاسبهم وترقياتهم ومناصبهم ومواقعهم وبعض قروش يحصلون عليها كلما وأدوا صوتا حرا أراد أن يصرخ.


غزة التي يتصورها البعض عاجزة هي الوحيدة القادرة على النزف خارج مسارات العروق والشرايين أما نحن هنا وهم هناك فإن شرايينا تحكمها مسارات من أرادوا.. غزة وحدها تنتصر للإنسانية فهل فضح القتلة إلا أهلها وهل عرى ازدواجية الغرب إلا أطفالها.


غزة لم تهزم الكيان المحتل وحده.. غزة هزمت كل عواصم التجارة في عالمنا وكل عواصم الدعارة في عالمهم الذي تحركه هرة في طريق عام ولا تحركه أشلاء النساء تحت الأنقاض.. غزة انتصرت وحدها دون مساندة منا أو دعم منهم.. غزة هي البطل الباقى على قيد الحياة.

الجريدة الرسمية