رئيس التحرير
عصام كامل

صفقة القرن بالسيوف الحديدية!

هل ما يحدث الآن سيناريو أمريكي إسرائيلي محكم لتنفيذ صفقة القرن أو بالتحديد خطة ترامب الشهيرة التي لاقت اعتراض العرب جميعا وقتها رغم بلطجة ترامب والتلويح بالسيف والجزرة وعدم التقاط الطعم؟ وصفها بنيامين نتنياهو بأنها الطريق الواقعي للسلام بعد إطلاق ترامب عليها السلام على طريق الازدهار بعناوين هوليودية وفي مشهد يقترب من لاعبي الـ3 ورقات في الكوتشينة في إشارة صريحة لخفة اليد أو بالتحديد النصب السياسي، لكنه مفضوح!


بدأت تتكشف السيناريوهات الآن والتي تنفذها أمريكا وبريطانيا مع إسرائيل ومعهم بعض الدول الأوروبية وبالقوة ليقبل العرب تحت ضغط السلاح ما لم يقبلوه بالإشارات وبالجزرة الترامبية
وحتى يكون الكلام واضحا والمقارنة لما يحدث الآن بسيناريو البيت الأبيض الذي وضعه خبراء هوليود لإنتاج أكبر فيلم درامي للعرب، تعالوا نستعرض بعضا مما نشر عن خطة ترامب الموجودة على موقع البيت الأبيض الإلكتروني.


أولا، استمرار السيطرة الإسرائيلية على معظم الضفة الغربية التي احتلتها إسرائيل عام 1967، وضم الكتل الاستيطانية الضخمة في الضفة الغربية إلى إسرائيل وبقاء مدينة القدس موحدة وتحت السيادة الإسرائيلية.


ثانيا، وللدولة الفلسطينية -الرمزية دون جيش ومقطعة الأوصال التي ستقام بموجب الخطة- عاصمة تحمل اسم القدس في بعض الضواحي النائية من القدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل عام 1967، لكن لا علاقة له بمدينة القدس الحالية والتي ستبقى موحدة وتحت السيادة الإسرائيلية وعاصمة لها.


ثالثا، الحرم الشريف في القدس تحت الحماية الإسرائيلية وستواصل إسرائيل حماية الأماكن المقدسة في القدس وضمان حرية العبادة للمسلمين والمسيحيين واليهود والديانات الأخرى.


ولاستكمال مسلسل النصب تتكلم الخطة لأول مرة عن اللاجئين اليهود ويقصد به اليهود الذين كانوا يعيشون في الدول العربية قبل إقامة إسرائيل عام 1948 وهجرة عدد كبير منهم إلى إسرائيل أو غيرها من الدول.

 

خطة ترامب

وتقول الوثيقة إن الصراع العربي الإسرائيلي خلق عددا متساويا تقريبا من اللاجئين الفلسطينيين واليهود وتؤكد أن اليهود الذين فروا من الدول العربية عانوا مثل أقرانهم الفلسطينيين. ومن المثير للاستغراب ذكر هؤلاء رغم مجيئهم إلى إسرائيل في نفس الوقت، ومع ذلك ترفض الوثيقة أي عودة للاجئين الفلسطينيين إلى إسرائيل وإسقاط أي مطالب مستقبلية بالتعويض!
 

ولأن الدولة الفلسطينية الجديدة حسب خطة ترامب ستكون بلا موانئ أو مطارات، اقترح ترامب قيام مصر بمنح أراض إضافية للفلسطينيين من أجل إنشاء مطار ومصانع وللتبادل التجاري والزراعة دون السماح للفلسطينيين في العيش فيها -لا أعرف كيف ومن سيديرها ويعمل فيها- وسيتم الاتفاق على حجم الأراضي وثمنها -أي بيع الأرض، ولكن لمن إذا كان الفلسطينيون لن يعملوا أو يعيشوا بها- كما سيتم إنشاء جسر معلق يربط بين غزة والضفة لتسهيل الحركة.


ولن يدفع إلا العرب ثمن هذه الصفقة المريبة التي تتكلف نحو 50 مليار دولار ستمولها في الغالب دول عربية ومستثمرون أثرياء من القطاع الخاص. ينقسم التمويل إلى 26 بليون دولار قروض، و13.5 بليون دولار منح، و11 بليون دولار في الاستثمار الخاص.


وإذا كان الرفض العربى واضحا من خلال مصر وفلسطين والأردن والجامعة العربية للعرض الترامبى أكثر العروض الأمريكية سخاء لإسرائيل، فما لم يقبله العرب بالجزرة يقبلونه بالسيوف الحديدية الآن وهى عنوان الهجوم الإسرائيلي على غزة الآن!


حيث يهدمون غزة على أهلها، يدمرون الملاجئ والمستشفيات ويقتلون منهم الألاف ويعلنون بكل بجاحة وصفاقة ليست غريبة عليهم من يريد النجاة بنفسه ليذهب الى الجنوب وهناك معبر رفح ومن لم يقتحمه سيتم قتله في العراء بالطائرات، ثم يفضح بعض قادة الكيان الصهيونى سيناريو الغزو بقولهم صراحة بأن مصر عليها استيعاب المهاجرين الفلسطينيين في سيناء الواسعة.

 

وهم القوة

لذلك جاء رد الرئيس عبد الفتاح السيسى واضحا وحاسما وكل الشعب المصرى وراءه، مصر دولة ذات سيادة لن تقبل استيعاب 2.3 مليون فلسطينى في غزة تحت لافتة تطهير غزة من حماس، وإذا كان التهجير لا بد منه فلماذا لا يتم في صحراء النقب الفلسطينية أصلا؟!


ومن قبل وبشجاعة وحسم فضح الرئيس السيسي خلال اللقاء مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بعض مزاعم إسرائيل وعنصرية أمريكا وتطرف بعض التصرفات التي ستؤدي إلى مزيد من العنف والتطرف.

لا أحد يريد النظر إلى السبب، أو يغض الطرف عنه، وهو ما تؤكده مصر والعرب طوال السنوات الماضية بأن سبب الأزمة الحقيقي سيظل موجودا طالما لم يحصل الشعب الفلسطيني على حقه في إقامة دولة له، ومهما عقدت إسرائيل اتفاقيات حتى ولو مع كل دول العالم والعرب كلهم دون الفلسطينيين، فلن يقف التوتر والعنف أبدا.


كما قال الرئيس السيسي بوضوح إذا كان الغرب يسعى لإخراج المحتجزين من رعاياه من غزة فلا بد أيضا أن نراعى 2.3 مليون فلسطيني محاصرين دون غذاء أو أدوية أو طاقة ولا بد من إدخال المعونات إليهم لإنقاذ حياتهم مثلما نسعى لإنقاذ حياة الرعايا الأجانب.


ولكن للأسف لا أحد يريد الاستماع للحقيقة تحت وهم القوة التي لا تحل صراعا، نعم قد تحسم القوة الصراع بعض الوقت لكن لن تحل المشكلة أبدا، وستظل النار تحت الرماد كما يقول المثل الشعبي، لأن الشعوب ببساطة لا تنسي أوطانها مهما بلغت قوة المحتل أو طالت مدة الاحتلال.

 

أدرك كما يدرك الكثير مثلى منذ البداية أن الحضور الأمريكي والغربي إلى اسرائيل بهذه الصورة من أساطيل وقطع بحرية وطيران وقادة للدعم لا يمكن أن يكون أبدا من أجل مواطنين عزل يتلقون الموت كل ثانية من طيران وصواريخ من أحدث الأسلحة الغربية؟! فهل يبحث الكاوبوي الأمريكي عن انتصارات وهمية بعد هزيمته المتوقعة في أوكرانيا ومن قبل في أفغانستان وفضائحه في العراق؟!


فهل تريد القطع العسكرية الأمريكية والبريطانية رسم خريطة سياسية جديدة في الشرق الأوسط وبالقوة بعد مرور عشرات السنين على وعد بلفور؟! وهل السيناريو الحالي يؤسس لكيان يهودي يتمدد شرقا وغربا من النيل للفرات كما روج زعماء صهيون منذ عشرات السنين مستغلين حالات الضعف والتشتت العربي من جهة، وخلو المسرح العالمي من روسيا المشغولة في أوكرانيا، والتنين الصيني الرابض في الجحر حتى يخرج ليلتهم من يريد؟!

 


والآن ليعرف العرب أن المثل العربي الشهير يقول: أكلت يوم أكلوا الثور الأسود! ونقول للشعوب العربية كونوا صوتا هادرا في آذان الجميع في الداخل والخارج! للإخوة فى غزة لنظل في أماكننا نحارب عنها بأرواحنا ولن يحدث لنا أكثر مما يحدث! ولأهل فلسطين جميعا نقول: إذا لم تتحركوا الآن فمتى تتحركون؟ وأخيرا نقول لشعوب العالم هل يوجد بقايا انسانية؟!
وبصراحة ليس لها سوى الله
yousrielsaid@yahoo.com

الجريدة الرسمية