رئيس التحرير
عصام كامل

حتى نعيد للبشرية إنسانيتها المفقودة!

أعظم عمل تتقرب به إلى الله هو جبر الخواطر؛ والسعى في قضاء حوائج الناس، بهذا العمل يمكن للمرء أن يستعيد روحه الإنساني الجميل، وهو ما يورث الحب بين الناس ويصنع مجتمع التكافل.. اقرءوا إن شئتم سير العظماء في التاريخ وأعظمهم محمد صلى الله عليه وسلم بشهادة أبرز مفكري الغرب مايكل هاري في كتابه المهم "العظماء مائة أعظمهم محمد". 

 

ستجدون سر العظمة كامنا في إنسانيتهم العالية وإحساسهم بالناس من حولهم ورأفتهم بهم وبكل مخلوق ضعيف.. أما رسولنا الكريم فقد جاءت دعوته لتحرر الإنسانية من ربقة الظلم والأنانية والاستعلاء الطبقي لتنشر رايات العدل والمساواة انطلاقا من قوله صلى الله عليه وسلم: "كلكم لآدم وآدم من تراب".


واقرءوا ما قالته أم المؤمنين خديجة بنت خويلد زوج النبي الكريم بعد أن نزل عليه الوحي.. قالت له واصفة أخلاقه: "أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا والله إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق".. هذه هي صفاته حتى قبل البعثة الشريفة.. صفات تأصلت فيه كبشر أوتي أجمل الصفات وأعظم الأخلاق.

 

العطاء وجبر الخواطر


وكان من هديه صلى الله عليه وسلم جبر خواطر الناس وخاصة الضعفاء كالصغار والخدم والمعدمين.. كان يلاطفهم ويحمل عنهم همومهم ويؤنسهم بحديثه الودود ليعلمنا أن الحياة عطاء أدناه التبسم في وجه الناس وإماطة الأذى من طريقهم.. وأعلاه الإيثار وحب الخير للغير كما تحبه لنفسك.


هذه هي عظمة الرسالة الخاتمة؛ أنها صنعت مجتمعا راشدا لا مثيل له في التاريخ.. وهاتوا لي من وقائع التاريخ ما يقول إن هناك بشرا صنعوا صنيع الأنصار مع إخوانهم المهاجرين، حين سارع الأولون باستضافة الآخرين وعرضوا عليهم اقتسام اللقمة والزوجات والمسكن.. وكيف تعفف المهاجرون ورضوا بشظف العيش ولم يطمعوا فيما عند غيرهم  حتى من الله عليهم برزقه وفضله الواسع ودانت لهم الدنيا وجاءتهم صاغرة.


كل هذه العظمة إنما تشكلت على أسس متينة من العطاء وجبر الخاطر والحب والإيثار والعطاء الذي يخرج من البشر أعظم ما فيهم؛ إنسانيتهم وصفو مودتهم وتجردهم من نوازع الأنانية والسيطرة والجشع والاستغلال الذي ندفع اليوم ثمنه باهظا؛ غلاء فاحشا يهدد السلام الاجتماعي ويضرب الاستقرار في مقتل إذا لم يتم العلاج الناجع بأقصى سرعة.. فهل من مجيب؟!

 

 

متى يكون العطاء ثقافة ويكون جبر الخواطر سلوكا متجذرا في مجتمعنا ليتوقف الاستغلال والغلاء الفاحش ليجنى الناس ثمرات هذا السلوك الإنساني النبيل؟!

الجريدة الرسمية