رئيس التحرير
عصام كامل

عيد رأس السنة القبطية.. عيد النيروز

يحتفل الأقباط في كل ربوع العالم برأس السنة القبطية (ا توت 1740 والتاريخ للشهداء والتعييد لذكراهم المجيد الموافق 2023/9/12)، في جو من النهضات الروحية في جميع الكنائس، والنيروز كلمة فارسية استخدمها الفرس عندما دخلو بلادنا العزيزة مصر وأرادوا أن يحتفظوا بالتقويم المصرى القديم وأطلقوا لفظه (نى روز).. ومعناها السنة الجديدة أو أول العام.. 

 

حيث يتناول الأقباط البلح الأحمر والجوافة في ذلك اليوم حسب التقاليد الأجتماعية المتوارثة عبر الأجيال وهذه الأطعمة لهما معانى روحية كرمز للإستشهاد والإيمان في المسيحية، حيث يرمز البلح الأحمر إلى دم الشهداء الأبرار فنتذكرهم وحينما نخلع النوء من الثمرة ونراها ونمسكها نتأمل فى صلابتها كما كانوا هؤلاء الشهداء وقت الأستشهاد يعيشون حياة الصلابة والثبات والقوة والإيمان الحقيقى والتماسك بالسيد المسيح مخلص العالم..   

 

وحلاوة البلح تشبها بحلاوة الإيمان المستقيم حتى النفس الأخير، أما تناول ثمرة الجوافة تشير أى بياض قلوب هؤلاء الشهداء القديسين، فهى رمز الطهار والنقاء الحقيقى، أما بذور الجوافة الكثيرة داخلها فهى تشير إلى كثرة عدد الشهداء.. وبهذه المناسبة المجيدة فى حياتنا نطرح لكم بعض الأسئلة فى صلب هذا الاحتفالات الروحية والإجابة عليها، حتى نعيش حياة هؤلاء الأبرار،  كما أكد لنا الكتاب المقدس عن هؤلاء الشهداء “أنظروا إلى نهاية سيرتهم فتمثلوا بإيمانهم”.

 

السؤال الأول: هل يوجد فرق بين الشهادة والأستشهاد ؟ وماهى العلاقة بينهم ؟
الأجابة: ينبغى إن يدرك كل إنسان مسيحى على الأرض أن المسيحية أولًا وأخيرًا هى كرازة للمسيح شهادة.. وكلمة الإستشهاد مستقة من الشهادة مثلاُ: استشهاد فلان لانه سئل عن إيمانه وعن عقيدته وعن كلمة الحق وعن مسيحه.. وكانت إجابته بقوة وثبات وشجاعة أنا مسيحى.. هذا الإنسان قد دافع عن طهارته وعفته ومحبته للمسيح حتى الموت الجسدى فهذا شهيد فى المسيحية.


وفكانت شهادة هؤلاء الشهداء الأطهار القديسين منذ العصور الأولى للميلادى كرازة بإسم المسيح للحكام الرومان واليهود. وهذه الكرازة ربحت الكثيرين للملكوت الأبدى والسر فى ذلك: لان صفة السيد المسيح له المجد موضوعه فى ذاتهم.. ويقول الكتاب "وضع ذاته واطاع الأب الأزلى حتى الموت: موت الصليب".

 
وهكذا يشهد المؤمن شهادة كاملة للمسيح تحت أى تهديد من أى شكل.. ونحن نعلم جميعًا أن أول شهداء فى القرن الأول الميلادى -مذبحة أطفال بيت لحم- على يد هيردوس الملك ظن أن الطفل يسوع المسيح من بينهم.. وأول شهيد فى المسيحية اسطفانوس رئيس الشمامسة من أجل الإيمان بالمسيح.

 
الشاهد والشهيد مكملين بعضهم، ومفهوم الشهادة لايقتصر فقط على الذين قتلوا جسديًا، ولكن مفهموم الشهادة يكتمل مع الشهيد بقبول نعمة الأستشهاد أى كان: بالقتل أو الذبح أو بالحرق أو من بعض العذابات. فالشهادة هى بذل وعطاء ومحبة وشهادة حق وإيمان كامل بالسيد المسيح له المجد.


كثير جدا في هذا العالم شهداء وهم أحياء! عندما يضهطدون ويسرقون ويحرقون وتحبس حريتهم ويتهجرون قصرًا من بيوتهم وبلادهم، ويخطفون أولادهم ونساءهم.. فهولاء شهداء في المسيحية.
محبة الأعداء في حد ذاتها صليب كبير جدًا: فهى أعظم شهادة في المسيحية.. وليس منصبًا على فئة معينة أو زمان معين أو مكان بعينه. 

 

فجميع الذين يريدون أن يعيشون مع المسيح بالتقوى والقداسة والمحبة فهم يضطهدون فالأستشهاد نعمة في محبة الله لم يحصل عليها إلا القليون. فيقول الكتاب: "كن أمينًا إلى الموت فسأعطيك أكليل الحياة الأبدية" فالشهيد لا يخاف الموت لان المسيح حقيقته العظمى والوحيدة"، لذلك صرخ القديس أغسطينوس وقال جلست أعلى قمة الجبل.. لا أخاف شيئًا. وداود النبى قال "أن سرت في وادى ظل الموت لا أخاف شرًا لانك معى".

الشهادة والاستشهاد


السؤال الثانى: ماهى أنواع الاستشهاد ؟ وهل الاستشهاد بسفك الدم فقط؟
الأجابة: شهادة المؤمن بالمسيح بفمه أى الكرازة بإسمه شئ.. والشهادة للمسيح بالدم شئ آخر،  ولهبركة وكرامة خاصة. وعندما نبحث نجد القديس يوحنا الحبيب أحد تلاميذ السيد المسيح له المجد والقديس العظيم الأنبا أنطونيوس أبو الرهبان ومؤسس الرهبنة فى العالم المسيحى والرجل البار أيوب هؤلاء عاشوا الاستشهاد بدون سفك دم، وغيرهم كثير جدًا.


وهنا نميز ثلاث أنواع من الإستشهاد من حيث الدافع للإستشهاد فى المسيحية: 
1-من أجل ثباتهم على الإيمان المسيحى وأكثرهم هكذا.
2-من أجل المحافظة على العفة والطهارة وجميع الفضائل.
3-التمسك بالعقيدة المسيحية حتى الموت بالسيف أو بأى نوع من العذابات.


* الإستشهاد بسفك الدم هو فى الحقيقه سر من أسرار الكنيسة، ربما يعادل سر المعمودية تمامًا،   وينوب عنه، لانه هو تجديد حمل الصليب “حيث يكون المسيح فى قلب وعقل وفكر وروح الشهيد”. 
*كان يمكن أن تصبح المسيحية شيئًا آخر غير ما نراه،  لولا أولئك الشهداء الذين ثبتوا على الإيمان المسيحى حتى الموت وقدموا دمائهم وحياتهم ثمنًا كبيرًا فى محبتهم للمسيح له المجد لكى يشتركوا معه فى الصليب حينما قدم ذاته ودمه ذبيحة عن حياة العالم والخليقة كلها لكى تخلص.


السؤال الثالث: ماهى طبيعة الشهداء؟!
الإجابة: لا يوجد فى تاريخ البشرية شهداء مثل شهدائنا القديسين فى حماسهم وشجاعتهم وإيمانهم وصبرهم ووداعتهم واحتمالهم وفرحهم بالإستشهاد لقد كانوا يقبلون الإستشهاد والموت بفرح عظيم وهدوء تذهل مضطهديهم.


الشهداء كانت عقولهم وقلوبهم في إنارة شديدة دفعتهم للإيمان، وظللت عقولنا وقلوبنا إلى اليوم وستظل تفعل ذلك إلى آخر الزمان، وستظل مشتعلة في كل انحاء الأرض إلى المنتهى. وتاريخ الشهداء طويل وجليل سواء من أيام التلاميذ والرسل القديسين الأوائل للمسيح أو شهداء المسيحية عبر العصور. فالإستشهاد في المسيحية كان ومازال شهوة لكل مؤمن وبطولة الشهداء ونفسيتهم وقت التعذيب ليس لها مثيل من الإحتمال.


السؤال الرابع: لماذا يسمح الله بالتجارب والضيقات والإضطهادات والالآم القاسية؟! والسؤال الأكبر لماذا يترك الله بعض الشهداء يعذبون، ويأخذون مدة طويلة من العذاب مثل أمير الشهداء مارجرجس أخذ سبعة سنوات؟ لماذا تركه يعذب بأفظع أنواع العذابات؟ وهكذا الشهيد أبى سيفين والأمير تادرس والقديسة دميانة وغيرهم من الشهداء القديسين لماذا تركهم الله؟ ولم يساعدهم أو ينصرهم على الأعداء؟ 


الأجابة: أحكام الله (حكمته  فيقول لستُ تفهمون الآن، ولكن فيما بعد. وهذا من أجل الخير للإنسان. وبسبب كثرة المدة الكثير يخلص من خطاياهم ويستعدون للقاء العريس السماوى. فهو امتحان، ربنا يعطى الفرصة للامتحان أوقات الإستشهاد، ووقت الإمتحان يظهر العنصر المحب ويظهر الإيمان الحقيقى القوى.

 


أما الاضطهادات مفيدة والاستشهاد بركة كبيرة ومفيدة جدًا لاجل البنيان عبر الأجيال..  فهذا خير للشجرة لكى تتخلص من الأوراق الضعيفة الصفراء المعطلة للنمو لكى تأتى الأوراق الخضراء وهناك تكون فرصة للأجيال الجديدة كرازة قوية بإسم المسيح مخلص العالم.
فتاريخ الشهداء هو الأنجيل الخامس الذى كان بمثابة المنارة التى أضاءت طريق المؤمنين، وهم باكورة وحدتنا في المسيح وإسماؤهم كتبت في سفر الحياة.

الجريدة الرسمية