رئيس التحرير
عصام كامل

زهرات البيت النبوي في مصر (2).. عقيلة بني هاشم

السيدة زينب، الملكة المتوجة على عرش قلوب المصريين، سيدة الكنانة الأولى، أمها سيدة نساء العالمين، وأبوها باب مدينة العلم، وجدها السراج المنير، والشفيع النذير، سيد المرسلين، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وشقيقاها القمران النيران، سيدا شباب أهل الجنة، سيدنا الحسن، وسيدنا الحسين، عليهم سلام الله جميعا.

 

هي أم العواجز، وأم الحنان، وأم هاشم، ورئيسة الديوان.. كلها ألقاب خلعها أبناء المحروسة، من عشاق الدوحة النبوية المباركة على سيدتهم، الكريمة، الطاهرة، الزكية، التقية، السيدة زينب، رضي الله عنها، وأرضاها.

 

السيدة زينب جاءت إلى مصر برغبتها بعد أن أمر يزيد بن معاوية بمغادرتها المدينة، ومكة، واختيار منفاها، واستقبلها والي مصر وأهل مصر استقبالًا رائعًا لم يسبق له مثيل، وفرحوا بقدومها حبًا في جدها المصطفى، صلى الله عليه وآله وسلم، وتبركًا بنسبها الشريف فهي حفيدة سيدنا محمد، عليه الصلاة والسلام، وابنة سيدنا علي رضي الله عنه والسيدة فاطمة رضي الله عنها وأخت الحسن والحسين محبوبي نبي الله.

تاريخ جديد وشرف رفيع

تاريخ جديد، ناصع، عرفته الكنانة بعد أن وطأتها قدما سيدتنا زينب، وشرف رفيع حظيت به مصر بإقامة العقيلة الطاهرة بين جنباتها.. وبعد الترحيب الكبير من أهل مصر، دعت دعوتها الشهيرة لأهل مصر؛ “يا أهل مصر، نصرتمونا نصركم الله وآويتمونا آواكم الله، وأعنتمونا أعانكم الله، جعل الله لكم من كل ضيق مخرجًا ومن كل هم فرجًا”.

 

 وحين استقرت السيدة زينب بأرض مصر وهبها والي مصر آنذاك قصره للإقامة فيه، لكنها اكتفت بغرفة واحدة في القصر، أقامت بها وجعلتها مكانًا لتعبدها وزهدها، وتحولت هذه الغرفة بعد وفاتها إلى مقامها الآن، فتسمى هذه الغرفة مقام السيدة زينب، وأوصت السيدة زينب قبل وفاتها بأن يتحول باقي القصر إلى مسجد فكان لها ذلك، وتحول قصر الوالي إلى مسجد السيدة زينب رضي الله عنها.

 

عاشت حياة مليئة بالأهوال، فقدت جدها العظيم وهى بنت خمس سنين، وفقدت أمها الزهراء بعد أشهر قليلة لا تتجاوز الستة، بعد مرض شديد وضيق من العيش والاعتكاف فى حزن، فألقي على عاتقها وهى صبية صغيرة عبء إدارة بيت أبيها ورعاية شئون إخوتها، ثم صدمت فيما بعد باستشهاد أبيها الإمام "علي" إثر طعنة قاتلة، ثم رأت الإمام الحسين شهيدا حين نزل بأرض كربلاء، رغم ذلك صبرت على ما ابتلاها به ربها صبر النبيين.

نشأة السيدة زينب

 وُلدت فى شهر شعبان بعد مولد شقيقها الحسين بسنتين، وعاصرت إشراق النبوة عِدَّةَ سنوات، وسَمَّاهَا الرسول صلى الله عليه وسلم "زينب" على اسم ابنته.

 

تزوجت السيدة زينب بابن عمها عبد الله بن جعفر الطيار بن أبى طالب، وأنجبت منه جعفر وعلى وعون الأكبر وأم كلثوم وأم عبد الله، وكان للسيدة زينب موقف عظيم، فعندما انشغلت بأمر الدعوة مع أخويها الإمامين الحسن والحسين رأت أنها لا تستطيع أن تجمع بين واجب الجهاد والواجبات الزوجية، فأذنت لزوجها عبد الله بن جعفر أن يتزوج، فتزوج الخوصاء الوائلية، ثم تزوَّج بجمانة الفزارية بنت المسيب أمير التوابين، حسب ما أكده عدد من العلماء.

 

عاصرت السيدة زينب حوادث كبيرة عصفت بالخلافة الراشدة باغتيال أبيها الإمام على كرم الله وجهه، وبعده وفاة سيدنا الحسن بن على، وإصرار يزيد بن معاوية على أخذ البيعة من سيدنا الحسين، خرج الإمام الحسين وأهله، ومنهم أخته زينب من المدينة سرًا، متجهين إلى الكوفة بعد أن وصلتهم رسائل أهل الكوفة تدعوهم إلى القدوم، وتتعهد بنصرتهم ضد الأمويين.

بعد كربلاء

وفي معركة كربلاء استشهد أخوها الإمام الحسين وابنها عون فى المعركة ومعه ثلاث وسبعين من آل البيت والصحابة وأبناء الصحابة. ثم اجتمع عليها نساء بني هاشم، وتلطفن معها في الكلام، وواسينها.

في مصر

خرجت هي ومن أراد السفر معها من نساء بني هاشم إلى مصر، فقدمتها لأيام بقيت من رجب، هي وفاطمة ابنة عم الحسين، وأختها سكينة. لما دخلت مصر في عام 145، قال عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري، قال: رأيت زينب بنت علي بمصر بعد قدومها بأيام، فوالله ما رأيت مثلها، وجهها كأنه شقة قمر.

وفاة السيدة زينب

وقالت رقية بنت عقبة بن نافع الفهري، قالت: كنت فيمن استقبل زينب بنت علي لما قدمت مصر، بعد المصيبة، فتقدم إليها مسلمة بن مخلد، وعبد الله بن الحارث، وأبو عميرة المزني، فعزاها مسلمة وبكى، فبكت وبكى الحاضرون، وقالت: هذا ما وعد الرحمن، وصدق المرسلون، ثم احتملها إلى داره بالحمراء، فأقامت به أحد عشر شهرا، وخمسة عشر يوما.

 

 

توفيت السيدة زينب عشية يوم الأحد الموافق خمسة عشر من رجب سنة 628 من الهجرة، ودفنت بمخدعها بدار مسلمة المستجدة بالحمراء القصوى، حيث بساتين عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري.

الجريدة الرسمية