رئيس التحرير
عصام كامل

أشهر قراء القرآن الكريم في زمن النبوة

أشهر قراء القرآن
أشهر قراء القرآن الكريم في زمن النبوة، فيتو

القرآن الكريم هو كتاب الله المعجز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه، وقد تكفل الله سبحانه وتعالي بحفظه، حيث يقول الله تعالى “إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون”، كما سخر  له من عباده الكثير من الحفاظ والمقرئين الذين يتلون كتاب الله حق تلاوته ويحفظونه عن ظهر قلب، وفي هذا التقرير سنذكر أشهر قراء القرآن الكريم في زمن النبوة فإلي التفاصيل.

مراتب قراءة القرآن – في رحاب القرآن
أشهر قراء القرآن الكريم في زمن النبوة

عبد الله بن مسعود

ينتمي أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود إلى بني سعد بن هذيل بن مدركة وقد نشأ في مكة، وكان من السابقين الأولين في الإسلام،  وقيل إنه سادس ستة أسلموا، وكان أول من جهر بالقرآن في مكة بعد النبي محمد، وممن هاجروا إلى الحبشة ثم إلى المدينة، ولزم هو وأمه خدمة النبي محمد، وأصبح صاحب سواد النبي ووساده وسواكه ونعليه وطهوره.

 شهد ابن مسعود المشاهد كلها مع النبي، وكان هو من أجهز على أبي جهل يوم بدر بعد أن ضربه ابني عفراء، ونفله النبي محمد يومها سيف أبي جهل، كما كان ابن مسعود أحد أربعة ثبتوا مع النبي محمد بعد أن تقهقر عنه أصحابه يوم أحد.

كان لملازمة ابن مسعود  للنبي محمد أثرها في سعة علمه بتفسير القرآن وأسباب نزول آياته، فقد روى مسروق بن الأجدع عن ابن مسعود قوله: «والله الذي لا إله غيره، ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا أنا أعلم أين أنزلت، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم فيم أنزلت، ولو أعلم أحدًا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه».

 أخذ ابن مسعود من فم النبي محمد مباشرة بضعًا وسبعين سورة، وكان حسن الصوت بقراءة القرآن، فكان النبي محمد يحب أن يسمعه منه، فقد روى ابن مسعود أن النبي محمد قال له يومًا: «اقرأ عليّ سورة النساء»، فتعجّب ابن مسعود وقال: «أقرأ عليك وعليك أُنزل؟»، فقال النبي محمد: «إني أحب أن أسمعه من غيري»، فقرأ عليه حتى بلغ قوله تعالى:  فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا، ففاضت عينا النبي محمد، وقال: «من أحب أن يقرأ القرآن غضًّا كما أُنزل، فليقرأ قراءة ابن أم عبد». 

وقد تفرّغ ابن مسعود لخدمة القرآن وأهله، فكان يملي المصاحف عن ظهر قلب في الكوفة، وأخذ عنه القراءة مجموعة كبيرة من القراء، وإليه تنتهي قراءة عاصم وحمزة والكسائي وخلف والأعمش. 

أبيّ بن كعب 

يعتبر الصحابيّ أبي بن كعب من أشهر كتّاب الوحي، وقراء القرآن الكريم وقد طلب منه الرسول عليه السلام أن يقرأ عليه القرآن، وإن دلّ ذلك على شيء فإنه يدل على رسوخ باعه رضي الله عنه في قراءة القرآن الكريم، وقد قال صلى الله عليه وسلم فيه: (وأقرؤُهُمْ لِكتابِ اللهِ أُبَيُّ بنُ كعْبٍ).

وهو من أشهر الصحابة علمًا بكتاب الله تعالى، كونه من المقربين إلى النبي عليه السلام، وهذا ما جعله صاحب علمٍ بأسباب النزول، وعلوم القرآن المختلفة، كالمقدم والمؤخر والناسخ والمنسوخ، ونحو ذلك، وقد كان من المكثرين في تفسير القرآن الكريم، فأتاح له فهمه للقرآن الكريم قدرة على تبيان معانيه وكشف أسراره.

 سالم مولى أبي حذيفة 

كان -رضي الله عنه- يحسن تلاوة القرآن الكريم، وكان ندي الصوت، يرقق القلوب بتلاوته ويبهج النفوس بقراءته ويجذب الناس لسماع ترتيله.

روى الإمام أحمد -رحمه الله- في مسنده عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: أبطأت على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: «ما حسبك يا عائشة؟، قالت يا رسول الله، إن في المسجد رجلًا ما رأيت أحدًا أحسن قراءة منه، فذهب -صلى الله عليه وسلم- فإذا هو سالم مولى أبي حذيفة، فقال رسول الله: الحمد لله الذي جعل في أمتي مثلك».

وقد روى الإمام البخاري والإمام مسلم والنسائي والترمذي عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنَ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ».

وقد كان سالم -رضي الله عنه- من سادات المسلمين وكبراء الصحابة، وقد مدحه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وزكاه، وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يكثر من الثناء عليه، وقد بلغ حد التزكية لسالم عند عمر بن الخطاب أن اعتبره أكفأ الصحابة لاستخلافه أميرًا للمؤمنين بعده، فقد ذكر ابن كثير -رحمه الله- في كتابه «البداية» قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: «لو ادركني أحد رجلين ثم جعلت هذا الأمر إليه لوثقت به سالم مولى أبي حذيفة وأبو عبيدة بن الجراح».

مخطوطة القرآن بجامعة برمنغهام - ويكيبيديا
أشهر قراء القرآن الكريم في زمن النبوة

 

 

 

 اقرأ أيضا: 

 

من بينها المدينة وخزائن الأرض، أسماء مصر في القرآن الكريم

 

زيد بن ثابت الضّحاك 

 هو زيد بن ثابت بن الضّحاك الأنصاري من بني النجار،  أخوال رسول الله، نشأ زيد يتيمًا وكان قد أسلم مع أهله وباركه الرسول بالدعاء له، وشهد غزوة الخندق ولم يشهد غزوتي أحد وبدر؛ حيث ردّه رسول الله لصغر سنه، كان مثقفًا ذا علم وحكمة، وحيث أمره رسول الله بتعلم لغات مُلوك الأرض ليلقب بترجمان الرسول، وكان من الثلة المباركة التي حفظت كتاب الله بالآيات المسطورة، توفي سنة 45 في عهد معاوية.

 معاذ بن جبل رضي الله عنه

 هو معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس ويكنى بأبي عبدالرحمن، أسلم وهو ابن ثماني عشرة سنة، وكان ملازمًا لرسول الله وأخذ عنه القرآن فكان من أقرأ الصّحابة لكتاب الله، وهو من حُفاظ القرآن في عهد رسول الله

 كان عالمًا وواعظًا حكيمًا، أثنى عليه جَمعٌ من الصّحابة لزهده وعلمه بالحلال والحرام، مرِض -رضي الله عنه- بطاعون عمواس الذي وقع في الشام  وتوفي فيه.

أُسَيد بن حضير 

صحابي جليل كان مولعًا بالقرآن الكريم، فكان يقرأه بصوت رخيم وتلاوة عذبة، حتى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول له: "اقرأ فقد أوتيت مزمارًا من مزامير آل داود"، وكان زعيمًا للأوس من الأنصار، وكان قومه يلقبونه بالكامل. 

وله مع قراءة القرآن قصة عجيبة.. ففي احدى الليالي كان يقرأ القرآن وبجانبه صغيره "يحيي" وفرسه التي أعدها للجهاد مربوطة بجانبه، وبدأ في قراءة سورة البقرة، فما أن قال: {ألم.. ذلك الكتابُ لا ريب فيه هدىً للمتقين.. الذين يؤمنون بالغيبِ ويقيمون الصلاةَ ومما رزقناهم ينفقون}. حتى هاجت فرسه وجالت حتى كادت تقطع الحبل الذي يربطها، فخاف على ولده يحيى أن تدوسه الفرس فسكت أسيد.. فسكنت الفرس،  ثم عاود القراءة: {أولئك على هدىً من ربهم وأولئك هم المفلحون}.. فهاجت الفرس مرة أخرى وجالت أكثر من ذي قبل، فخاف على ولده يحيى فتوقف عن القراءة، فسكنت الفرس.

وجرب القراءة مرة ثالثة فحدث مثلما حدث، فذهب إلى ابنه الراقد بجانبه وحمله وحينها رفع بصره إلى السماء فرأى غمامة كالمظلة لم تر العين أروع ولا أبهى منها قط وقد عُلِق بها ما يشبه المصابيح, فملأت الآفاق ضياءً وسناءً، وظلت تصعد إلى الأعلى حتى غابت عن ناظريه.

فلما أتى الصباح ذهب مسرعًا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليقص عليه ما حدث، فطمأنه  صلى الله عليه وآله وسلم وقال له: "وتدري ما ذاك". قال أُسيد: لا، فقال النبي: "تلك الملائكة دنت لصوتك، ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم".

الجريدة الرسمية