رئيس التحرير
عصام كامل

تفكير خارج الصندوق والمنطق!

هناك نصيحة متكررة في أيام المشاكل والأزمات بضرورة التفكير خارج الصندوق، أي التفكير بشكل غير تقليدي ومعتاد والبحث عن أفكار جديدة مبتكرة ومبدعة.. لكن لا يجب أن يدفعنا ذلك إلى التفكير خارج المنطق وخارج القدرة على التنفيذ والتطبيق أساسا، مثلما يبدو في الفكرة التي طرحها نائب وتقضى بإلزام كل من يعمل بالخارج بتحويل نصف دخله عبر الجهاز المصرفي إلى داخل البلاد!

 
نعم الفكرة وراءها نوايا طيبة لوقف التراجع في تحويلات العاملين بالخارج والذى بلغت نسبته العام المالى الأخير إلى الربع.. ولكن الفكرة من شأنها تعميق أزمة النقد الأجنبي لا حلها، لأنها من شأنها إثارة فزع العاملين بالخارج خوفا على أموالهم التى تردد الأبواق الإخوانية أن الدولة تريد الاستيلاء عليها.. أي إنها تعمق أزمة النقد الأجنبي ولا تقدم حلا لها سواء مبتكر أوغير مبتكر!

 
ثم إذا تغاضينا حتى عن ذلك وقبلنا بتنفيذ الفكرة التى خرجت عن كل الصناديق، فكيف ستقوم الدولة بتنفيذها؟! إن الدولة لا تملك حصرا دقيقا للعاملين بالخارج، ولا علم لها بدخول كل واحد منهم، لأن العمل بالخارج يتم بالتعاقد الشخصي المباشر بين العامل وجهة العمل، وإما بلا تعاقد أصلا.. 

 

أي أن التطبيق سوف تواجهه صعوبات لوجستية مهمة أساسا.. أيضا لماذا تحويل نصف دخل كل عامل بالخارج، بينما لدينا عاملين قد لا يكفيهم نصف دخولهم لتغطية نفقات معيشتهم بالخارج، خاصة إذا كان يرافقهم أفراد أسرهم!

 


إن إجهاد العقل والتفكير في مساعدة الحكومة على حل أزمة النقد الأجنبي أمر طيب ومفيد بالطبع، ولكن بشرط أن يكون التفكير عميقا، وأن يكون العقل مهتما بكل التداعيات لما يقدمه من أفكار.  

الجريدة الرسمية