رئيس التحرير
عصام كامل

الصراط المستقيم

الصراط المستقيم هو الطريق المعتدل الذي لا عوج فيه ولا إعوجاج وبه تستقيم حركة الإنسان في الحياة وبه يقيم أمانة الاستخلاف في الأرض كما أرادها الله عز وجل، وعلى أثرها يرتقي العبد من إيمان الاعتقاد إلى إيمان الشهود، ويقام في دائرة أهل الأنعام والوصل بالله تعالى والقرب، ولقد أشار الله سبحانه إليه وأمرنا ان نسأله أن يجعلنا من أهله حيث نقول عند قراءتنا لفاتحة الكتاب "اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ".. 

 

وهم الذين أنعم الله تعالى عليهم بالهداية والإيمان والقرب والدرجات العلا هم الذين سبقت لهم من الله تعالى الحسنى، فقد نظر تعالى إليهم سبحانه بعين العناية الإلهية من قبل أن يخلقهم حيث كانوا في مكنون علمه القديم الأزلي الذي أحاط به سبحانه  كل شئ.. 

 

وهم أهل الإجتباء والأصطفاء الذين شرفهم عز وجل بمحبته وخصهم بقربه.. نظر إليهم تعالى بعين عنايته وحينما إذن لهم بالظهور رزقهم أنوار هدايته وأتم عليهم الفضل فتولاهم بولايته.. يقول سبحانه "وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ"..

 

أهل الانعام

وأهل الانعام ذكرهم الله تعالى في قرآنه وأشار إلى منازلهم ودرجاتهم في حضرة القرب، فقال عز من قائل "وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا".. 

 

فيأتي في المرتبة الأولى السادة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وفي مقدمتهم أولي العزم من الرسل، وعلى رأسهم سيدنا محمد فهو سيدهم وإمامهم وقائد ركبهم عليه الصلاة والسلام وعلى آله، ثم يليه سيدنا نوح وسيدنا إبراهيم وسيدنا موسى وسيدنا عيسى عليهم الصلاة والسلام. ثم تأتي المرتبة الثانية من أهل الإنعام وهي مرتبة الصديقين وهم أهل ولاية الله ومحبته عز وجل..

 

ثم يأتي بعد ذلك الشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.. هذا ومن المعلوم أن الله تعالى قد جعل لكل واحد من أهل الاصطفاء والاجتباء والإنعام درجة ومنزلة ومكانة خاصة به لا يشاركه فيها أحد أي متفرد بها، وشاء سبحانه وتعالى أن يجعل الفوقية في الدرجات والمنازل قائمة دائمة إلى يوم الدين.. 

 

وإلى ذلك أشار سبحانه بقوله "وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ".. الخلاصة أن أهل الاجتباء والاصطفاء الإلهي هم أهل الإيمان والاستقامة الإنعام.. وهم صفوة البشر وأحب الخلق إلى الله وأقربهم إليه وأكرمهم عليه سبحانه وتعالى..

 

مقامات أهل الأنعام 

هذا وإذا  نظرنا إلى مقامات أهل الأنعام كما جاء الترتيب في الآية القرآنية الكريمة نجد أعلاها وأرفعها مقام النبوة، فهم على رأس قائمة عباد الله المخلصين المجتبين الصفوة الأخيار، ونجد أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله هو المتربع على عرش هذا المقام، فهو الإمام والسيد وهو الخليل الأكرم والحبيب الأعظم وهو المصطفى من بين جميع الخلق. 

 

ونجد أن مقام الصديقين الذي يلي مقام النبوة وهو كما ذكرنا المقام الجامع لمراتب أهل ولاية الله تعالى، نجد أن سيدنا الإمام علي إبن أبي طالب كرم الله وجهه هو المتربع على عرش هذا المقام فهو إمام المتقين ووصي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وباب مدينة علمه وهارونه كما قال له النبي صلى الله عليه وسلم.. يا علي أما ترضى أن تكن مني بمنزلة هارون من موسى عليهما السلام غير أنه لا نبوة بعدي..

 

هذا وإذا نظرنا إلى مقام الشهداء وهو المقام التالي بعد مقام الصديقين، نجد أن مولانا الإمام الحسين إبن الإمام علي وإبن الزهراء البتول سيدة نساء العالمين عليه وعليهم الصلاة والسلام عليه،  وكذلك سيدنا الحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه هما المتربعان على عرش مقام الشهداء. فهما سيدا الشهداء. 

 

 

هذا وإذا نظرنا إلى مقام الصالحين سنجد أن أهل بيت النبوة هم المتربعين على هذا العرش بل هم المتربعون على عروش ولاية الله تعالى وأهل الإجتباء والإصطفاء.. ثم يأتي بعد ذلك محبيهم  المشار إليهم بقوله تعالى “ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا”.. 

من هنا  نعرف أن النبي الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وإله بيته هم المتربعين على عروش أهل الإجتباء والإصطفاء الإلهي من أهل الإنعام.. جعلنا الله تعالى وإياكم من أهل الإيمان والإستقامة والمحبة والمعرفة به والقرب منه سبحانه وتعالى..

الجريدة الرسمية