رئيس التحرير
عصام كامل

رفع الغمة عن الأمة

عندما تقرر الصلاة علي النبي (ص) منذ أسابيع تنطع البعض مستغربا تخصيص خمس دقائق وكأن الدعوة شيئا إدا، بينما يبلع هؤلاء ألسنتهم في اللهو والعبث والمجون لماذا لم يأخذوا تصرف وزارة الأوقاف علي محمل حسن النية في إحياء سنة مهجورة (من سنن الجمعة)- شوش عليها السلفية المعاصرة كثيرا بدعوي البدعة-.

 

وحتي لو فيه أهداف أخري للوزراة فهي دعوة ايغجابية لاستعادة منابر الدعوة من دعاة السلفية والاعخوان والوزارة للاغسف موبوءة بهم والمقصود أن يتم التضرع لله سبحانه وتعالى بالصلاة على رسول الله بالملايين لرفع الغمة عن الأمة وتخصيص الصلاة علي النبي بعد صلاة الجمعة فهذا من سبيل الجمع أي جمع كل المصلين علي الصلاة علي النبي.. 

 

وهذا أمر محمود لعل الله يقبله فيكشف عنا وينير بصيرتنا ويرزقنا التغيير  فالصلاة علي سيدنا محمد تنحل بها العقد وتنفك بها الكرب وتفتح لنا بها أبواب الفرج والصلاة علي النبي حاضرة بقوة في الحياة اليومية ومختلف المناسبات الاجتماعية للمصريين وثقافتهم وتصبح كلمة "صلى على النبى" بشير كل المواقف الإنسانية مهما تنوعت واختلفت.. 

 

فنقول للغاضب: صلي ع النبى، ونقول للمتخاصمين:  صلوا ع النبى، ونقول للمتباطئ فى العمل صلى ع النبى وأبدأ، ويقولها التاجر وهو ينظر إلى حصيلته قبل أن يأخذ فى عدها، وتصلى الأم على النبى وهى ترفع ابنها لتحمله أو تتناول أخرى ابن أو بنت صديقة، ونقول لأبنائنا حين يأتون بشهاداتهم الناجحة: اللهم صلى ع النبى.


ولم يوقر شعب ويبجل ويصل على الرسول الكريم بين مسلمى الأرض أكثر من المسلمين المصريين، فقد اعتبر المصريون أن الصلاة على النبى بداية لكل نشاط: زفة فرح أو قراءة قرآن فى مأتم عزاء، أو جلسة صلح أو مجلس عرفى، ويفتح الباعة دكاكينهم وورشهم ويرصون بضاعتهم بالصلاة على النبى..

الصلاة على رسول الله

ونادرا ما تجد محاضرا أو مناقشا لرسالة علمية لا يبدأ قوله: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على خاتم المرسلين، وقد ذكر لنا ربنا في كتابه المنة التي تطوق عنق كل مسلم في كل زمان ومكان فقال: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [آل عمران:164]. 

 

ومن ثم يؤكد على مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم لدى كل مسلم؛ فيقول: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب:6]. فهو أقرب إلينا من قلوبنا، وأحب إلى نفوسنا من نفوسنا، وهو عند كل مسلم منا أعز لديه، وأغلى من جميع الخلق دونما استثناء، وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين". 

 

كما قرن اللهُ –جل وعلا- طاعته -صلى الله عليه وسلم- بطاعته -جل وعلا-: {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ}[(80) سورة النساء]، بل اشترط لقبول طاعته طاعة الرسول -عليه الصلاة والسلام-، {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ} والهداية لا تحصل إلا لمن اتبعه وأطاعه، {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}[(158) سورة الأعراف]، {وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا}[(54) سورة النــور].. 

 

طاعة الرسول -عليه الصلاة والسلام- هي السبب في محبة الله للعبد، طاعة الرسول وإتباعه -عليه الصلاة والسلام- هي السبب في محبة الله -جل وعلا- لعبده، قال -جل وعلا-: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ}[(31) سورة آل عمران]، طاعته -عليه الصلاة والسلام- تجعل المطيع رفيقًا لأعظم الخلق وأشرفهم وأكرمهم: {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}[(69) سورة النساء].


السنة النبوية ذكرت الكثير من الأدلة على أن الصحابة الكرام كانوا يحتفلون بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم مع إقراره لذلك وإذنه فيه، فعن بُرَيْدَةَ الأسلمي رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم في بعض مغازيه، فلمَّا انصرف جاءت جاريةٌ سوداءُ فقالت: "يا رسول الله، إنِّي كنت قد نذرت إنْ ردَّكَ الله سالمًا أن أضربَ بينَ يَديْكَ بالدَفِّ وأتغنَّى، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: "إن كنت نَذرت فاضربي، وإلا فَلا"..

 

والنبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يحتفل بميلاده الشريف، وسنَّ لنا بنفسه الشريفة الشكرَ لله تعالى على ميلاده الشريف، فقد صحَّ عنه أنه كان يصوم يوم الاثنين ويقول: "ذلك يومٌ ولدتُ فيه" رواه مسلم من حديث أبي قتادة رضي الله عنه، فهو شكر منه عليه الصلاة والسلام على منة الله تعالى عليه وعلى الأمة بذاته الشريفة..

 

 

وجماهير العلماء سلفًا وخلفًا منذ القرن الرابع الهجري أجمعوا عَلى مَشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، بل ألَّف في استحباب ذلك جماعةٌ من العلماء والفقهاء، وبَيَّنوا بالأدلة الصحيحة استحبابَ هذا العَمل، بحيث لا يبقى لمن له عقلٌ وفهم وفكر سليم إنكار ما سلكه سلفنا الصالح من الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، فقد كانوا يقومون بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام، وتلاوة القرآن، والأذكار، وإنشاد الأشعار والمدائح في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فالسلام عليك يا رسول الله، يوم وُلِدتَ، ويوم ارتفعت روحك إلى الله.

الجريدة الرسمية