رئيس التحرير
عصام كامل

مساعدة الفقراء والمحتاجين.. أولى من تكرار الحج والعمرة؟!

مشاكلنا في الحياة أكثرها نتاج غياب الوعي والفهم الصحيح للأشياء، وغياب العلم الحقيقي وفقه الأولويات، فربما تجد مثلًا من  يظلم عُمَّالًا يعملون لديه، أو يأكل أموال الناس بالباطل ثم يحرص على أداء الحج أو العمرة مرتين وثلاثًا أو ما شاء الله.. مع أنه لو أعطى هؤلاء حقوقهم كان عند الله أفضل من أن يكرر الحج والعمرة. 


العلماء يقولون: إن الله لا يقبل النافلة حتى تؤدى الفريضة، ومن شغله الفرض عن النفل فهو معذور، ومن شغله النفل عن الفرض فهو مغرور، فنحن في حاجة إلى هذا.. فليس هناك أهم من أداء الحقوق للناس.


تكرار الحج دون سبب، وترك الأولويات فهذا جهل بالفقه، وأولى بالمسلم أن يفهم أنه حين يطعم جائعًا أو يداوي مريضًا أو يؤوي مشرَّدًا أو يكفل يتيمًا أو يقضي حاجة أرملة أو يبني مدرسة أو مستشفى أو يفعل ما من شأنه التيسير على الناس في معاشهم، بأن يسهم مع الدولة في رصف طريق أو إدخال مرافق أو بنية أساسية هذا أفضل عند الله وأنفع للناس. 

 

فقه الأولويات

للأسف كثير من الأغنياء ينفقون أموالًا طائلة على تكرار الحج والعمرة ظنًا منهم أن ذلك يغسلهم من ذنوب وأوزار يرتكبونها طيلة العام وهذا  قصور كبير في فهم الفقه، وإهدار لفقه الأولويات.. ولا أدرى إلامَ يستند هؤلاء حتى اطمأنت نفوسهم وظنوا أن مثل هذا التكرار يمحو ذنوبهم ويغسلهم من خطاياهم؟!


الحج فريضة تجب في العمر مرة واحدة وكذلك العمرة -النافلة- وتوفير المليارات التي تنفق عليهما يمكنها إذا وجدت أن تسد ثُغرة في حياة المسلمين وفي حاجاتهم..وما أكثرها هذه الأيام.


فإذا كان هناك من يعجزون عن الوصول للغذاء والدواء في بلادنا فإن سد حاجاتهم بالصدقات أولى بل  فذلك جهاد بالمال أفضل من تكرار الحج والعمرة، بل إن الله يكتب لمن نوى تكرار الحج والعمرة ثم عدل إلى مساعدة هؤلاء المحتاجين أجر الحج والعمرة فضلًا عن أجر الصدقة.. 

 

فتكرار الحج والعمرة نافلة، وسد حاجات المحتاجين من طعام ودواء فرض، فأيهما أولى فإذا كان هناك آلاف الأسر الفقيرة التي لا تجد قوت يومها، فهل تكرر الحج أو العمرة وشراء هدايا بآلاف الجنيهات لأناس لا يحتاجونها أولى.. أم التبرع بها للفقراء وتحصيل أجر الحجة أو العمرة وأجر الصدقة معًا ؟


قد يقول قائل أنا أكرر الحج والعمرة وأقوم في الوقت ذاته بمساعدة المحتاجين فماذا علىَّ؟! وأقول له: وماذا لو زدت مساعداتك.. وهل ما يحصل عليه المحتاجون يكفيهم.. ولماذا يعتبر كل منا أنه إذا تصدق بمبلغ ضئيل فقد أدى واجبه وبرأ ذمته.. ولماذا لا نسعى لاستثمار كل فائض لدينا بما يعود بالنفع على المجتمع كله؟!


ولماذا لا يخرج علماء الدين في الإعلام ليقولوا بوضوح إن على الأغنياء مسئولية اجتماعية كبرى وحقًا معلومًا في أموالهم وأن نهضة المجتمع في أعناقهم.. كما أن حل مشكلات مصر هو أوجب واجبات الوقت وأنها مقدمة بلا شك على تكرار الحج والعمرة وأي مظاهر أخرى للبذخ والإسراف؟

الجريدة الرسمية