رئيس التحرير
عصام كامل

تعديلات الضرائب.. جباية أم مكافحة للاستثمار؟

لا يمر عام منذ صدور قانون الضرائب على الدخل  الحالى رقم 91 لسنة 2005 إلا وتطلب الإدارة الضريبية من المشرع إجراء تعديلات ضريبية جديدة على أحكام القانون حتى بلغت التعديلات لنحو 20 تعديلا حتى الآن بما يؤثر حتما على استقرار المعاملات الضريبية على الانشطة الاقتصادية خاصة الاستثمارية سلبا، ويربك حساباتها لالتزاماتها الضريبية المستقبلية حتما..

 

كما باعدت بين شعارات وفلسفة القانون التى رسمها المشرع وقتها والتى تنص في مواد إصداره على أن الضرائب والاستثمار شركاء في التنمية وأن المعاملة الضريبية ستقوم على التقدير الذاتي، وتحمل جميع أطراف المعادلة الضريبة مسؤوليتهم القانونية..

 

وأن الهدف الأساسى للقانون خلق بيئة مواتية للاستثمار وانتهاء عهد الجباية والتقديرات الجزافية للضريبة، وضمان استقرار المعاملات لفترة زمنية مناسبة، وهو ما يتم التراجع عنه يوما بعد يوم لحساب تحقيق الحصيلة المستهدفة والتغطية على حالة فشل الإدارة في تحقيق أهداف المخطط الضريبى المعتمد في بيانات البرنامج المالى السنوى للحكومة، بالعودة إلى فكر الجباية أحيانا وتعديل أحكام القانون تباعا ليرتفع سعر الضريبة على الانشطة الاستثمارية والخدمية من 20% إلى 22,5% ثم 25% واخيرا 27,5%.

 

بهدف أساسى هو تعويض فشل الإدارة في تحقيق المطلوب منها في خطة توسيع قاعدة المجتمع الضريبى وضم الاقتصاد الموازى أو اقتصاد بير السلم تحت مظلة الشرعية القانونية.. 

أثر التعديلات الضريبية

ولا يتوقف الأثر السلبى للتعديلات الضريبية المتكررة التى تطلبها الإدارة الضريبية من البرلمان في بداية كل عام مالي جديد على إرباك الأنشطة الاقتصادية، وإنما هو تأكيد على عدم امتلاك الإدارة الضريبية رؤية مستقبلية واضحة المعالم لتحقيق برنامجها المالى ولو لعدة سنوات بما يدعم بيئة ملائمة ومستمرة للاستثمار فى بلادنا.

 

كما تؤثر سلبا على مصداقيتها لدى المجتمع الضريبى بصفة عامة والاستثمار سواء الوطني أو الاجنبى، خاصة ووزير المالية يصدر في بيانه المالى الذى يلقيه كل عام على مسامع أعضاء البرلمان يتعهد فيه بعدم فرض أعباء ضريبية جديدة.

 

ثم لماذا كل التعديلات تستهدف فقط الملتزمين بالضريبة وزيادة الأعباء عليهم مرة تلو المرة؟ وماذا عن مكافحة التهرب الضريبى واسع النطاق والتقارير رسمية وغير رسمية تصدمنا كل يوم عن إرتفاع نسبة التهرب فى قطاع المهن الحرة لنحو 95% وإرتفاع أرقام قطاع الاقتصاد غير الرسمى  لما يعادل نسبة 60% من جملة الاقتصاد الوطنى. 

 

ولا يخفى على أحد أن هذا القطاع لا يسدد أى التزامات ضريبية أوغير ضريبية رغم أنه يستفيد بكل الخدمات والمرافق العامة كغيرة من الأنشطة الأخرى المحملة بأعباء ضريبية ورسوم وتأمينات تنوع وتزداد سنة بعد أخرى.

 

فهل هذا في صالح الواقع الاستثمارى الحالى بمشاكله وعثراته التى دفعت البعض إلى الهروب إلى دول مجاورة أو حتى الإحجام عن الدخول في نشاط أو توسعات نحن في أمس الحاجة إليها أكثر من أى وقت مضى.. 

 

ولا شك رغم انتقادنا للتعديلات المتكررة للقانون العام للضرائب في بلادنا، لا ننكر الحسنة الوحيدة لتلك التعديلات وهى زيادة حدود الإعفاء للأعباء العائلية والإعفاء الشخصى إلى 36 ألفا بدلا من 24 ألف جنيه سنويا.

 

وكنا نأمل أن تطال التعديلات خفض أسعار الضريبة على أصحاب الدخول الثابتة من المرتبات وما في حكمها أو توضيح شرائحها باعتبارها الآلية الغائبة في يد الحكومة لمواجهة جائحة الغلاء الشديدة لشريحة كبيرة أصبحت عاجزة عن مواجهة متطلباتها المعيشية.. كل ذلك وأكثر حتى يكون شعار الضرائب والاستثمار شركاء فى التنمية حقيقة مش خيال.

الجريدة الرسمية