رئيس التحرير
عصام كامل

أهمية محور الاقتصاد في الحوار الوطني

تابعت جلستين بالحوار الوطني -المحور الاقتصادي- الأولى تحت عنوان الاستثمار الخاص "المحلي والأجنبي"، والثانية خاصة بالصناعة، ووجدت أن هاتين الجلستين من الأهمية بحيث ينبغي تسليط الضوء على ما جاء بهما لعل المسئولين ينتبهون ويعملون بما جاء فيهما من اقتراحات وآراء طالما نادينا بها.. فكما ذكر معتز محمود، رئيس لجنة الصناعة بمجلس النواب: "إننا بحاجة لتعديل التشريعات المنظمة للصناعة كونها مر عليها أكثر 70 عاما ولا تتماشى مع التغيرات الحديثة". 

 

وما ذكره حقيقة واقعية تجعلنا في تخلف عن الصناعة العالمية وينبغي إصدار قانون صناعة موحد،  ويتم الاستماع لجميع القطاعات المعنية ولابد من مناقشتها مع جميع الجهات المختصة بالصناعة بكافة مراحلها والاستماع لرؤيتها فيما يخص القانون حتى لا يحدث تضارب، ومن الممكن أن يتم دراسة مقترح خاصة بضرورة الاستفادة من الغاز المصري وهل بيعه بالسعر العالمي أفضل أم يتم مده للمصانع بسعر مناسب لتصنيع مواد ومنتجات يتم استيرادها من الخارج. 

 

فقطاع الصناعة مهم وبه تنوع كبير لا نحسد عليه، والقطاع ليس سيئا للغاية، حيث بلغ 16٪ من الدخل القومي في حين نجد كوريا الجنوبية أصبحت 40 ٪، ونحن منذ عدة سنوات كنا عند نفس المستوى، وهذا يؤكد أن قطاع الصناعة لم ينهض كما هو مأمول، والنقطة الحقيقة المستهدفة من الحوار هي الإجابة على لماذا لم ينهض وكيف سيتم توطين الصناعة؟!


وقد تساءل بعض المشاركين في الحوار الوطني هل نريد صناعة حقيقية متقدمة أم لا؟ محذرين من عدم الوقوع في فخ التركيز على إزالة أحد المعوقات بعينه كأسعار الأراضي أو المرافق أو البيروقراطية، موضحين أنه مهم ولكنه ليس أساس المشكلة..

مشاكل قطاع الصناعة

فلدينا منظومة حماية أتلفت الصناعة زيادة عن المطلوب، لافتين إلى وجود دراسة أثبتت أن الصناعات المختلفة التي حظيت بحماية لم تزدهر ولم تحقق تقدم أو تطوير، مشددين على ضرورة أن ننظر للمسألة بإستراتيجية أكثر عمومية فالهدف من الحوار إجراء استراتيجية صحيحة تحقق ما لم تحققه الاستراتيجيات القديمة. 

 

وذكر أحد الخبراء أن العالم شهد خلال الفترة الأخيرة أحداثًا  متلاحقة، أبرزها جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية والتنافسية بين الدول، أدت إلى الضغوط على اقتصاديات دول العالم الثالث وبينها الدولة المصرية. 

 

وأضاف أن القرارات التي أصدرها المجلس الأعلى للاستثمار مهمة جدًا، محذرًا من تخارج رؤوس الأموال خاصة الساخنة منها وتأثيرها على الاقتصاد المصري في الوقت الراهن، مشيرًا إلى أهمية الخطوات التي اتخدتها الدولة لمواجهة الضغوط على الاقتصاد الوطني، مطالبًا ضرورة رسم خريطة استثمارية للدولة، ووضع رؤية لتطوير القطاع الاستثماري الحالي، وتقديم حوافز استثمارية، ومراجعة منظومة الضرائب الحالية. 


وعن تشخيص مشكلة قطاع الصناعة والاقتصاد الوطني ذكر الدكتور نضال السعيد، أن الاقتصاد المصري ليس في أفضل حالاته، بسبب العديد من التحديات والظروف، خاصة أن مؤشرات الاستثمار انخفضت خلال الفترة الماضية، وهذا الأمر مستمر منذ عقود طويلة. 

 

وشدد على أن هناك فجوة بين اتخاذ القرار فيما يتعلق بالاستثمار وعملية التنفيذ، مطالبا بتقييم قوانين الاستثمار وكفالتها ومدى ملائمتها، كما لابد من استراتيجية واضحة لمجالات عمل الدولة والقطاع الخاص. وطالب بتوفير محفزات للاستثمار في القطاعات التي تتطلب ذلك، معلقا: نحن أكثر الدول التي تفرض ضرائب ورسوم، ولا بد من معالجة ذلك، كما أكد أهمية تقييم البنية التحتية الرقمية بما يتطلب ذلك من قوانين ولوائح تنفيذية بما فيها التوقيع الإلكتروني والملكية الفكرية وغيرها. 

 

فيما أكد أحد النواب أمله في أن تقوم الوزارات المعنية بدورها في إدخال تلك القرارات حيز النفاذ في أسرع وقت لاسيما وأن الاقتصاد المصري لم يعد يمتلك رفاهية الوقت ويحتاج إلى تعديلات سريعة تعيد الثقة في مناخ الأعمال. 

 

ولفت إلى أن الدولة قامت بجهود كبيرة خلال السنوات الماضية في إنشاء العديد من المشروعات والتوسع في تأهيل البنية التحتية وإنشاء المدن الجديدة وإنشاء شبكة طرق، بالإضافة إلى الاهتمام بتطوير المطارات والموانئ، وغيرها من الاستثمارات التي نفذتها الدولة المصرية في ظروف استثنائية استهدفت تعزيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل وبث رسالة طمأنينة للمستثمر المحلي والأجنبي في قدرات الدولة المصرية ولكن لم يتم التسويق إليها بشكل جيد. 

 

ولفت إلى أن هناك حاجة للاهتمام بالقطاعات الاقتصادية القادرة على تحقيق التنمية المستدامة وعلى رأسها الصناعة والزراعة وتكنولوجيا المعلومات والطاقة المتجددة والسياحة، وعمل حوافز خاصة لجذب الاستثمارات في هذه القطاعات القادرة على خلق فرص العمل وتحقيق الأمن الغذائي، وهي القطاعات الأقدر على الاستمرار والإنتاج، وتوفير العملة الصعبة وتحقيق التنمية المستدامة حتى في ظل الأزمات، ومن الضروري وجود خريطة استثمارية واضحة ومحددة توضح ماذا لدينا وما ينقصنا وما نحتاج إليه من استثمارات. 

 

وقال أيضا إن مشكلتنا الأكبر ليست في صدور تشريعات وقرارات جديدة بقدر ما هي تنفيذ التشريعات القائمة والقضاء على البيروقراطية، لدينا قوانين جيدة لكن تحتاج للتنفيذ كما أننا نحتاج إلى مراجعة حقيقية للتشريعات التي تكبل المسئول عن اتخاذ القرارات المناسبة خشية الملاحقة الجنائية بتشريعات عفى عليها الزمن. 

 

 

ولفت إلى ضرورة أن نحتاج تعديل القوانين الخاصة بحبس المستثمر في الأمور الاقتصادية وأهمية سرعة التقاضي في المنازعات الخاصة بالاستثمار، ونحتاج تفعيل سريع لما جاء بوثيقة سياسة ملكية الدولة ووضع برنامج زمني لخروج الدولة من تلك الاستثمارات دون تباطؤ. لان المجال الآن أصبح لتوسيع دور ومشاركة القطاع الخاص بشكل أكبر في المرحلة المقبلة.

الجريدة الرسمية