رئيس التحرير
عصام كامل

نفس الفيلم والعرض مستمر!

حين يتصدى الكاتب لتناول الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، وغزة بالذات، يشعر أنه كتب ذلك من قبل وعلى مدى أربعة عقود على الأقل. ليس ثمة جديد في الصراع بين قوة احتلال تحميها قوة ظلم أمريكية متجبرة، وبضع فصائل متناحرة، متنابذة، متعازلة! بينها من حمل اسم الجهاد، وحماس وسرايا القدس، والقسام، ولا بأس بالأسماء فهى جميعها أسماء ذات دلالة دينية، لأن الصراع في جوهره يهودي إسلامى، وإن أغمضنا عيوننا عن هذه الحقيقة.

 

يمكن لأى كاتب معنى إذن بالقضية الفلسطينية أن يستخرج من أرشيفه مقالا كتبه منذ سنوات وسنوات، ولن يكون مخطئا في التحليل وفي التناول، لأن الأحداث هي ذاتها، فما يجرى اليوم، جري وسيجرى، عدوان بالصواريخ والطائرات والقصف والاغتيالات الممنهجة، يقابلها وابل من صواريخ بلا فعالية، تزعج ولا تقتل !

 

في المواجهة التى استمرت حتى أمس، لخمسة أيام، سقط للفلسطينيين ٣٣ شهيدا، مقابل مقتل إسرائيلي واحد. تتحدث قيادة الأركان الإسرائيلية بفخر عن إنجازات هائلة حققتها عملية السيف الواقي. ضمن بنك أهداف واسع النطاق، ويتحدث بلسان الفصائل المجتمعة في غرفة عمليات فصائلية مشتركة عن أن عملية ثأر الأحرار، يستخدم فيها سلاح صاروخى ضد مستعمرات غلاف غزة وعلي اسدود وعسقلات وجنوب تل ابيب هو إبداع فلسطيني خالص!

القضية الفلسطينية

هذا الإبداع لم يقتل سوى إسرائيلي واحد، مقابل عشرات الفلسطينيين، وهذا كلام مكرر حين أكتبه وحين أقوله، وحين يفعله الطرفان المتصارعان. كلاهما يعرف أن هذه هي البروفة الألف للدمار والخراب وهدم البيوت من طرف واحد.


لماذا تطلق صواريخ تعرف أنها بلا فعالية؟ هل لجلب صواريخ ذات فعالية من العدو تتساقط معها البيوت والناس أشلاء؟
يبدأون القتال، ويطلقون الشعارات، وتقوم إسرائيل بقصف المنازل، وحملات مداهمة واعتقالات، وتنسف عمارات كاملة، وبعد ساعات تتدخل القاهرة للتوسط ولوضع هدنة !

 

فيم كان القتال أساسا.. لتحرير فلسطين؟ لقمع إسرائيل؟ أم لمنح حكومة الإرهاب والتطرف الفرصة لغسل سمعتها أمام مظاهرات السبت المناهضة لخطة نتنياهو لاصلاح القضاء؟

 

مع كل التقدير للتضحيات الفلسطينية، والحزن يملأ قلوبنا على نزيف الشهداء المتواصل، فإن الانقسام الحاصل بين الضفة حيث الرئيس الشرعي محمود عباس، وبين غزة المارقة تحت مظلة حماس، سيظل الوقود الذي يغذي الصواريخ التى تغتال قيادات الفلسطينيين. تضرب اسرائيل غزة منذ الثلاثاء الماضى، وأمس فقط، سمع العالم ببيان تنديد من الرئاسة الفلسطينية.

 

يعاني الشعب الفلسطيني معاناة هائلة، تحت سمع وبصر عالم بلا شرف في قراره السياسي، وما لم يوحد صفوفه، وأهدافه وادواته، فإن سياسة المسكنات بالتهدئة، وبالوساطة، لن تحقق للفلسطيينين إلا بعض الهدوء، تستغله اسرائيل في تنفيذ اغتيالات جديدة، تستدعي صواريخ تزعج ولا تقتل، يقابلها صواريخ تنسف وتحرق، فيتدخل المصريون، فيلتزم الطرفان، ويمر وقت، ثم تعود القصة إلى فصولها المتتالية مرة بعد أخرى !


من باب الأمانة المهنية كتبت هذا المقال طازجا، لكن يمكن لرئيس التحرير الكاتب الكبير عصام كامل أن يستدعي مقالا سابقا لى منذ سنوات عن حرب غزة. نفس السيناريو، ربما مع اختلاف الأسماء الإسرائيلية، ومؤكدا مع ثبات الأداء الفلسطيني الشكلي غير المؤثر !

أسابيع ونعود لكتابة نفس المقال.. فالعرض المضجر مستمر، ما لم يوجه الفلسطيني المطحون ضربة قاصمة.. توجع حكومة التطرف النازية.. اجعلوا العالم يعرف أنكم أمة واحدة فيحترمكم.

الجريدة الرسمية