رئيس التحرير
عصام كامل

تقديس الأموات

أتابع مثل كثيرين غيري ما يحدث من تطورات عمرانية كبيرة في القاهرة، ورغم أنني لست من مواليد القاهرة إلا أنني ألحظ كل يوم جديدًا يحدث هنا أو هناك، وما كان يقبع من رمال خلال السنوات الماضية تحول إلي كتل خرسانية في طريقها للعمران، أو إلي أرض ينبت ويزهر فيها اللون الأخضر كل يوم، وما يحدث علي طريق الصعيد الغربي والشرقي خير شاهد علي ما أقول.. 

 

فخلال السنوات الأخيرة حدثت العديد والعديد من الأمور التي تثبت أننا نتغير، لكن ما يؤلمني أن البعض لا يرى مثل هذا التغير بل ويستنكره ، وما جماعات الاعتراض على نقل المقابر وتوسعة الطرق في القاهرة الكبرى ببعيد.. 

 

ففي كل مرة يتم الحديث فيها عن مقبرة الكاتب أو الصحفي أو القارئ المشهور أو الشيخ فلان ، وجميعهم انتقل إلي جوار ربما يتباكى المتباكون حول إزالة المقابر خاصة مقابر المشاهير وأصحاب النفوذ، ويدعون إلي إعطاء أصحابها قدسية ومكانة إلى جانب قدسيتهم ومكانتهم في الحياة الدنيا.. 

 

ولا أدري ألهذا الأمر علاقة بأجدادنا الفراعنة الذين قدسوا الإنسان حيا وميتا، ولا أقول الملوك والكهنة وهي حقيقة نراها في المعابد والاكتشافات الأثرية، أم أن هذا الأمر-عدم إهانة الرموز وتقديسها- وهو للأمانة قول حق يراد به باطل، أمر يستحق النقاش..

 

وقد علمنا ديننا الحنيف أن الحي أبقى من الميت، وأن فقراء المسلمين أولى من كسوة الكعبة، وأن تعبيد الطرق ونشر العمران هو أحد أسباب خلق الإنسان، وأن  ديننا الحنيف لم يقدس الأموات ولم يطالب بذلك، بل إن أبا بكر الصديق صاحب رسول الله وثاني الاثنين في الغار، وكما هو معروف عنه حينما حضرته الوفاة قال قولته المشهورة الحي أبقى من الميت، حينما جاءوا له برداء جديد ليكفن فيه وأمر أن يكفن في ثيابه.. 

 

 

كما هدمت حجرات رسول الله لتوسيع الحرم، وحتي مقام سيدنا إبراهيم في الحرم تم هدمه وتم توسعة وبناء الحرم أكثر من مرة.. فكيف يطالب البعض الآن بعدم إزالة هذه المقابر تحقيقا للنفع العام؟ وكيف طالب البعض بإعطاء قدسية وقداسة لأصحاب هذه المقابر عليهم رحمهم الله جميعا، بينما هناك من الأحياء من فقد بيته في مثل هذه القرارات، وهناك مناطق بأكملها تم تغيير معالمها بسبب ما يحدث من تغيير..  أعتقد أننا جميعا لسنا ضده.

الجريدة الرسمية