فن الهندسة المعمارية في عصر النهضة
شهدت فترة النهضة التي امتدت من القرن الرابع عشر إلى القرن السابع عشر تحولًا ثقافيًّا وفنيًّا مهمًّا في أوروبا خلال هذا الوقت حيث أنتج الفنانون والمهندسون المعماريون بعضًا من أكثر الأعمال الفنية والعمارة شهرة والتي لا تزال تثير إعجاب الناس وتلهمهم حتى يومنا هذا.
كان الفن والعمارة في عصر النهضة متشابكين بشكل وثيق حيث استعار الفنانون والمهندسون المعماريون أفكار وتقنيات بعضهم البعض وكانت النتيجة اندماجًا فريدًا بين الفن والعمارة والذي يظل موضوعًا مثيرًا للاهتمام ومهمًا لاستكشافه.
وتتيح لنا دراسة هذا التقاطع فهم السياق التاريخي والثقافي لعصر النهضة بشكل أفضل فضلًا عن العمليات الإبداعية التي شكلت إنجازاته الفنية والمعمارية.
العمارة والرسم - عالمان متشابكان
يمكن تتبع هوس الفن بالهندسة المعمارية طوال تاريخ الفن الأوروبي مما أدى إلى ولادة نوع يعرف باسم الرسم المعماري حيث ينصب التركيز الأساسي على المشاهد الحضرية ذات المباني المهيبة التي تتميز بطابع العمق والمكانية في هذه الأعمال حيث يوفر التمكن من المنظور انطباعًا مكانيًا واقعيًا تقريبًا.
في حين أن العديد من هذه الأعمال تصور مناظر مدينة فعلية إلا أن هناك الكثير من الأمثلة حيث يعيد الرسامون ابتكار وتخيل التضاريس الموجودة عن طريق إضافة ذخيرة معمارية متخيلة إلى البيئة الحضرية الموثقة تاريخيًّا.
كانت العصور القديمة الكلاسيكية والكتاب المقدس مصدرين مهمين للإلهام وغالبًا ما نتبع الفنانين في مهامهم لإعادة بناء الأماكن الأسطورية أو التاريخية الضخمة مثل بابل مع برج بابل أو المنارة في الإسكندرية.
ما هي الوظائف الرئيسية الثلاث لرسومات عصر النهضة؟
كانت المدينة المثالية موضوعًا برنامجيًا في فن عصر النهضة والذي ردد الرؤية الإنسانية للكون باعتباره إلهيًّا ومتناغمًا وقائمًا على مبادئ رياضية يجب أن تمثل هذه اللوحات للمدن نموذجًا معماريًّا مثاليًا وعالمًا مدنيًا مثاليًا محسوبًا لا تفسده الحياة التافهة ويعتمد على التناسب.
الوظائف الرئيسية الثلاث للهندسة المعمارية في لوحة عصر النهضة:
1- العمق: ترجمة الفضاء الإدراكي إلى فضاء بصري
الهندسة المعمارية هي صناعة الفضاء - وهي كلمة شهيرة يعرفها كل من يشارك بأي شكل من الأشكال في صناعة البناء الفرق بين العمارة والرسم متجذر في كيفية تجربتنا للفضاء تقدم العمارة تفاعلًا فوريًا مع الفضاء المادي ثلاثي الأبعاد تُترجم هذه الظاهرة الإدراكية حتمًا على أنها تسطيح في الرسم ويتم ترتيبها بمساعدة المنظور الخطي كتقليد للعمق.
من أجل المحاكاة فإن اللوحة مفتونة بالفضاء المادي وتحاول دائمًا تجاوز حدود وسطها اللوحة لالتقاط ما هو أبعد من تسطيحها الوشيك من المتوقع أن تحقق اللوحة ذلك بمساعدة الهندسة المعمارية كعنصر هيكلي محوري في التكوين.
يعمل المنظور من خلال العمارة الخارجية أو الداخلية ويمنح الامتياز لوجهة النظر فقط من خلال إدخال خطوط متوازية تتلاقى في نقطة التلاشي هذه هي الطريقة التي ندرك بها الحيز المكاني في الرسم الفضاء الإدراكي يتحول إلى فضاء بصري.
كما هو الحال في اللوحة الجميلة لدومينيكو بيكافومي، قصة بابيريوس ، فإن الهندسة المعمارية هي عنصر نشط في بناء المكاني البصري للوحة من خلال المنظور الخامس عشر.
2- الإطار - خلق مساحات مفاهيمية
الفضاء المفاهيمي في العمارة هو الخطة الذهنية التي تم تطويرها وتخزينها في ذاكرتنا فيما يتعلق بهيكل المبنى ونموذجه وميزاته تخلق عيننا العقلية مخططًا أوليًا للمبنى يكون منطقيًا وتحليليًا فيما يتعلق بتشريح البناء ومواصفاته تعمل الأعمدة والأروقة والواجهات الرائعة التي تزين العديد من الأعمال الفنية في عصر النهضة كمفاهيم تتعلق بالهيكل السردي للوحة إنها تشكل بصريًا الفضاء السردي للصورة وتدل على الحدود الوجودية بين الفضاء المادي (الحقيقي) والسرد (الخيالي).
يترجم الرسام هذه الحدود المادية إلى مفهوم من خلال تطبيق عناصر معمارية على جوانب اللوحة أو داخل الصورة. يحدد الإطار اختيار الرسام للأبطال أو الأحداث أو التفاصيل التي تم تصويرها، مما يسمح للسرد بالتعبير عن نفسه بشكل كامل ؛ يحدد البدايات والنهايات، ويضيف الانفصال والإيقاع للصورة، ويخلق الوهم بوجود نافذة مفتوحة (aperta finestra) أمام المشاهد، والتي من خلالها يحدقون في عالم جمالي متماسك ومتناسق ومحور.
وبالتالي لا ينبغي أن نعتبر العمارة جودة إضافية ذات أغراض زخرفية للغاية بل نهجًا واعيًا لصنع الصور وهيكلة السرد المرئي من خلال تضمين عناصر نحتية أو معمارية في الإطار يمكن للفنانين تعزيز الصفات ثلاثية الأبعاد لأعمالهم.
في كثير من الأحيان، كان الإطار الغني للعمارة المرسومة بمثابة كيان مفاهيمي لإعطاء التوازن السردي والتماثل والاكتمال من خلال التعبير عن الفضاء من خلال الهندسة المعمارية، تمكن الرسامون من إنشاء سرد متعدد الأبعاد في شكل قصص داخل القصص أو عن طريق إضافة طبقات إلى قصة معينة.
الهندسة المعمارية هي أداة تأطير سهلة الاستخدام تُستخدم كسرد مستمر للأحداث المصورة وتوضح بشكل متزامن مشاهد متعددة تحدث في لحظات مختلفة داخل إطار واحد. تم ترتيب التراكيب عمومًا حول أجهزة تأطير مثل الأقواس أو الأروقة أو المداخل وتحتوي على هياكل معمارية رائعة تم تنظيم الأحداث حولها
- ترجمة الفضاء السلوكي إلى فضاء سردي
يعد الديكور المعماري في لوحة عصر النهضة عنصرًا حاسمًا في التنسيق البصري للمشهد وإحدى أعظم أساتذة الهندسة المعمارية هي التشكيل الحاسم للفضاء السلوكي - المساحة التي يمكننا التنقل خلالها والاستفادة منها - مساحة أداء تشكل مجالًا دراميًا محتملًا للعمل.
الأحداث تحدث بالفعل وتحويل الفضاء السلوكي إلى مساحة للمشهد السردي لإظهار نفسه هو أحد أدوار العمارة في الفن تصبح المنطقة جزءًا من العمل إنها الجوهر الأساسي للمشهد وتحويلها إلى فضاء سردي من المفترض أن تكون قادرة على سرد القصة بوسائلها.
العمارة هي قطعة أثرية ثقافية غنية بالمعلومات ذات صفات سردية لا نهائية تتحدث الكتل والهياكل والديكورات عن نفسها حيث تحيط وتحدد المساحات الأمامية حيث يحدث شيء ما مع مفاصل مكانية ضرورية للحدث المصور.
هذا ما نسميه الإعداد المعماري حيث وراء الموضوعية الواضحة للمباني والواجهات المطلية تعتبر العمارة عنصرًا حاسمًا في معالجة الرسائل المقدسة أو السياسية أو تحديد السياق التاريخي والجغرافي للمشهد يفسر الدماغ الشكل الذي يُرى في سياق الفضاء المحيط به كشكل مقابل المشهد وهذا تعايش ذو أهمية أساسية.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
