رئيس التحرير
عصام كامل

الإمام الطيب ينتصر للمرأة.. ضد التشدد والانغلاق! (1)

من فضائل الإسلام التي يجري تغييبها بسوء فهم أحيانًا وسوء قصد أحيانًا أخرى تحريره للمرأة واعتناؤه الكبير بها؛ حتى أن بلا مبالغة انتصر لها في وجه التشدد والانغلاق الفكري وسبق في تحريرها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ودعاة تحريرها لفظًا لا طائل منه.. 

 

ذلك أنه أقر مبدأ المساواة بين المرأة والرجل في أصل الخلقة والإنسانية، وفي التكريم الإلهي لبني آدم، وفي تلقي الخطاب الإلهي والتكاليف الشرعية، والثواب والعقاب، والمسئولية الفردية، والحدود والآداب والأخلاق، وحقوق أخرى كثيرة، نأسى لتآكل بعضها، وذهاب بعضها الآخر، وتلاشي بعض ثالث تحت مطارق سطوة العادات وعنفوان التقاليد، وكلها مما ينكره الإسلام، ونادت شريعته الغراء بوقفه كما يقول الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب.


ومما نأسف له في عصرنا أن جماعات متشددة تتعصب لأفكار وآراء تجافي روح الدين؛ ويمارسون أبوية فجة ووصاية لا أساس لها إلا الفهم الضيق لروح القرآن والسنة؛ ويلزمون تفسيرات دينية خاطئة تفرض على النساء ستارًا من الإقصاء والإخفاء.. 

المشاركة في اختيار قادة المجتمع 

فهل ينكر هؤلاء أن النساء في الإسلام شقائق الرجال، وماذا يقولون فيما كانت عليه المرأة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم أجمعين.. ألم تكن تشارك في الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف الرجال، وتسافر في المغازي، لتقوم بأعمال سقاية الجنود، وحمل الجرحى وعلاجهم، والاشتراك في المهمات القتالية؟!

 

ألم يكن من حقها ما للرجل من حق اختيار الشريك مشافهة أو كتابة، وحق مفارقته إن بغى عليها أو أهان آدميتها ألم يكن من حقها أيضا طلب العلم، الذي يوشك أن يكون- حسبما يؤكد الإمام الطيب- فريضة دينية فرضها عليها الإسلام، وحضور حلقاته ودروسه، وأن تناقش وتعبر عن رأيها في حرية تامة مكفولة لا يملك أحد أن يصادرها عليها؟!

 

فماذا حدث حتى تنكبت طائفة من المتشددين لجادة الصواب فارضين على المرأة عزلة تخصم من رصيد المجتمع أكثر من نصف طاقته.. أليست المرأة هي الأم المربية والمعلمة الأولى.. أليست هي الأخت والسند لإخوتها.. أليست هي الزوجة والشريكة.. فكيف نرضى لها أن تغيب عن دورها أو تمارسه بطريقة منقوصة إذا ما جرى حجبها عن تلقى العلم والفقه بدعوى تجنب المخالطة والشبهات؟!


أليس المرء الجاهل أكثر خطرًا على المجتمع وأسهل في الغواية والانحراف والضياع.. أليس العقل والفهم والوعي والتربية السليمة ضمانة مثلى لتحقيق المراد ودمج النساء في المجتمع وتحقيق الفائدة المرجوة منهن؟! 

 


لقد ذهب الإسلام إلى أبعد من ذلك  للمرأة حق المشاركة في اختيار قادة المجتمع والقائمين على أمره، سواء كانت المشاركة بانتخابهم، أو بالمشاورة في اختيار واحد منهم من بين المرشحين، كما حدث من الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف في مشاوراته في اختيار عثمان -رضي الله عنه- خليفة للمسلمين، وكيف أنه، كما يقول الإمام الطيب، بعدما شاور فيه رءوس القوم جميعا: مثنى وفرادى ومجتمعين، وبعدما استقر الرأي على عثمان -رضي الله عنه-، خلص عبد الرحمن إلى النساء المخدرات وراء حجابهن لاستطلاع رأيهن فيما انتهى إليه مجلس شورى المسلمين.. هل هناك أكثر من ذلك تقديرًا للمرأة وإنصافًا لها؟!

الجريدة الرسمية