رئيس التحرير
عصام كامل

أزمة صناعة الأسمنت


مما لا شك فيه أن صناعة الأسمنت فى مصر تواجه مأزقاً خطيراً يتلخص حالياً فى كلمة واحدة هى (الطاقة) والزيادة الطارئة على أسعارها محلياً مما يدفع كل الشركات للبحث وبجنون عن بدائل للوقود (الغاز والمازوت(أياً كان السعر المدفوع لهذه البدائل وبغض النظر عن الآثار البيئية المترتبة عليها.



ونحن نتساءل الآن سؤالاً مشروعاً يتردد وبشدة على ألسنة العاملين بهذه الصناعة الوطنية وهو أنه وفى ظل تصدير مصر لكميات كبيرة من الغاز الطبيعى للأردن وإسرائيل فى عهد ما قبل الثورة لم يكن أى من مصانع الأسمنت يعانى هذا النقص الحاد فى الغاز أو المازوت والآن ومع توقف التصدير لإسرائيل ونقص التصدير للأردن نفاجأ بإخطار جميع مصانع الأسمنت العاملة فى مصر وعن طريق شركة (سيتى جاز) التى تقوم بضخ الغاز الطبيعى لمعظم شركات الأسمنت بالالتزام بكميات محددة من الغاز الطبيعى مما يؤثر سلباً على الإنتاج المحلى ويؤدى إلى نقص الإنتاج وبالتالى الارتفاع السريع لسعر الأسمنت وما يصحبه من ارتفاع أسعار المشروعات السكنية والتأثير السلبى على حركة العمران وحتى المشروعات الحكومية نفسها.

وفى استعراض سريع لسوق الأسمنت المصرى نجد أنه مع بداية الإعلان عن زيادة أسعار المازوت لشركات الأسمنت قامت الشركة القومية للأسمنت بالإعلان عن توقف الإنتاج بها مما دفع أسهمها المتداولة بهيئة سوق المال المصرى للانحدار قبل أن يتم تكذيب هذا الخبر على استحياء.

أما المجموعة الإيطالية للأسمنت فقد أشارت تقاريرها أنها عانت نقصاً حاداً فى مبيعات الأسمنت بمصر فى عام 2012 ولكنها أرجعت ذلك إلى عدم الطلب على الأسمنت كسابق الأعوام انعكاساً من تأثر السوق من حركة التظاهرات المستمرة.


ولم يكن الحال أحسن مع لافارج مصر والتى قامت بخفض إنتاجها بنسبة 11% فى الربع الثانى من 2012 وأكثر من 20% فى الربعين الثالث والرابع وذلك لعدم توافر الكميات المناسبة من الغاز الطبيعى لرفع الإنتاج إلى المعدلات الطبيعية له.

أما إنتاج مصر من الأسمنت فقد انخفض بنحو 8%  ليستقر عند 45.2 مليون طن وذلك انعكاساً لكل ما سبق ذكره وحتى لا ننحدر أكثر من ذلك فى عام 2013 والذى نبدأه بداية غير مبشرة بأى تقدم لابد وبسرعة أن تتبنى حكومة الثورة حزمة من الإجراءات التشجيعية التى ترتفع بإنتاج هذه السلعة المهمة والحيوية فلا نقول .. لا ترفع أسعار الطاقة ولكن لابد أن يأخذ فى الاعتبار هامش الرفع فى أسعار الطاقة وأن يكون ملائما لحركة السوق متماشياً مع هامش الربح المتاح من هذه الصناعة وأن تضمن الحكومة وصول الغاز والمازوت لشركات الأسمنت بالكميات المطلوبة فمن غير المعقول من حكومة الثورة ألا تشجع المجتهد من المنتجين الذى يسعى لزيادة إنتاجه وبالتالى زيادة الدخل القومى المصرى.

من غير المعقول أيضاً من حكومة مصر أن تساوى بين المستثمر المصرى الذى يستثمر فى بلده وبين الشركات الأجنبية العاملة داخل مصر والتى تصدر الأرباح تباعاً إلى بلادها فلابد من ميزة لذلك المستثمر الذى أصر على أخذ قرار الاستثمار داخل بلده فى ظل هذه الظروف الصعبة.

 

الجريدة الرسمية
عاجل