رئيس التحرير
عصام كامل

منظومة صحية عادلة وآمنة.. كيف؟!

صحة المواطن ينبغي أن تظل أولوية متقدمة في جدول أعمال الدولة، أي دولة؛ فالمريض لا ينتج ولا يبدع.. ورغم أن ثمة تطويرًا جادًا للمستشفيات والمعاهد الطبية القائمة، واستحداث أخرى بمواصفات عالمية، ناهيك عما قدمته المبادرات الرئاسية من إسهامات صحية متميزة أسهمت في تخفيف أوجاع المواطن.. 

 

لكن هل توفر المنظومة الحالية العلاج المناسب في الوقت المناسب وبجرعات مناسبة تدرأ  أخطار المرض وتحقق العدالة والمساواة؛ هل ترحم  الفقراء وتخفف آلامهم  وترأف بحالهم ولا تحملهم ما لا يطيقون، وتتناسب في الوقت ذاته مع ثراء القادرين وذوي الدخول العالية؟!


يحدونا أمل عريض أن تتسارع وتيرة تعميم نظام التأمين الصحي الشامل ليس بإقامة منشآت وشراء أدوات ومستلزمات طبية  فحسب بل بتأهيل واستعادة قوة العنصر البشر المؤهل والمدرب على أداء الخدمة الطبية بالصورة المطلوبة وفقًا لمعايير دولية متعارف عليها تطبقها فعليًا دول ناجحة.. 

حماية الفقراء

الأمر الذي يتطلب تطوير التعليم الجامعي وما بعد الجامعي الذي يتخرج فيه جميع العاملين بالقطاع الصحي ولا يغيب عن الحكومة وهي تتصدى لهذا الملف الحيوي وتضع لمساته الأخيرة، ما يعانيه القطاع الطبي في مصر من مشكلات ليس أقلها هجرة الأطباء نتيجة وجود بيئة طاردة هنا وجاذبة في الخارج، اضطرت معظم أعضاء الفريق الطبي الحكومي للهجرة بحثًا عن عمل برواتب أفضل في دول عربية وأجنبية جراء تدني أجورهم في مصر.. 

 

وهو ما آن الأوان لتداركه والبحث عن حلول مناسبة لاسترجاع الطيور المهاجرة والكفاءات الوطنية من الخارج التي خلقت هجرتها  عجزًا صارخًا في تخصصات بعينها، ناهيك عما يعانيه القطاع من نقص حاد في التمريض.


الحق في الصحة مكفول بالدستور، وتحرص الدولة على توفيره حماية للفقراء الذين يعانون ارتفاع فيزيتا الكشف عند أغلب الأطباء والأساتذة المشهورين؛ ناهيك عن أسعار فلكية للأدوية المستوردة والمستلزمات الطبية بعد تحرير سعر الصرف، وهي أرقام تعجز ميزانيات الأسر الفقيرة عن مواكبتها، ناهيك عما أحدثه  نقص الموارد والمخصصات المالية للقطاع الصحي في الـ 30 سنة الأخيرة من تهالك البنية الأساسية للقطاع  الحكومي، وهو ما أدى إلى ظهور بديل موازٍ تمثل في القطاع الخاص والخيري. 


إتمام التأمين الصحي الشامل يستلزم ضغط المواعيد والبحث عن بدائل تمويلية خارج الصندوق، ولابد من حل مشكلة الأدوية التي كانت صناعة حكومية بامتياز يجري تصديرها للخارج لتدر على الدولة عملات صعبة تشتد حاجتها إليها خصوصًا هذه الأيام  أكثر من أي وقت مضى ليس فقط لزيادة الاحتياط الأجنبي بل للتخفيف عن كاهل الأسر المصرية التي لا تستطيع ميزانية أكثرها الوفاء بمتطلبات الدواء ولاسيما المستورد.

 


للتأمين الصحي الشامل مزايا عديدة، أولاها أن سيبني مظلة أمان للفقراء أولًا، ويوفر الأمان الطبي لكل الفئات إذا ما جرى الالتزام بمعايير معتبرة وأكواد لا تتغير سواء في الوحدات الصحية التي يجري تأهيلها في أقاصي الريف أو في أرقى مستشفيات العاصمة.. فالمشروع سيحدث تغييرًا جذريًا للخريطة الصحية لمصر؛ ذلك أنه يقوم على فصل التمويل عن الخدمة ويكفل الحرية والكرامة للمواطن المصري في التعامل مع جميع المستشفيات حسبما يشاء، كما يمنحه حرية اختيار الطبيب المعالج والمستشفى الذي يرعاه.. فهل يتحقق الحلم بوتيرة أسرع؟!

الجريدة الرسمية