رئيس التحرير
عصام كامل

"توابل الموت".. الخلطات الجاهزة فيها سم قاتل.. وأصحاب محلات العطارة: لا نعرف مصدرها ولا مكوناتها الأفلاتوكسين ينهش أجساد المصريين.. وأستاذ أورام: من المسببات الرئيسية لسرطان الكبد

التوابل، صورة أرشيفية
التوابل، صورة أرشيفية

خلطات التوابل الجاهزة جديدة على الذوق المصرى، ومع ذلك لا تستغنى عنها كل سيدة فى مطبخها، وبعضهن يحرصن على شرائها بكميات كبيرة بعد أن تفرعت بشدة، وأصبحت هناك خلطات الفراخ الجاهزة، وتوابل السمك، والسبع بهارات، وتوابل اللحمة، والشوربة، والحواوشى، والشاورما، والكبسة أساس المطبخ.


لكن واكب ذلك استسهال من السيدات فى معرفة مصادر جلب هذه التوابل، والطرق السليمة لتخزينها، إذ تبقى لدى بعضهن عدة شهور وأكثر، بل المثير أن هناك سيدات اعتدن شراء التوابل فى موسم رمضان، لتستمر لديهن للموسم القادم دون دراية بمعرفة طرق تخزينها السليمة، أو إذا كانت تحتوى على فطريات سامة تهدد حياة أفراد الأسرة أم لا، سواء كان لديها طفل أو مريض مزمن أو كبار السن أو سيدة حامل.


شارع الحمزاوى بالأزهر

فى زيارة استكشافية لمعاقل التوابل فى مصر، ذهبت "فيتو" إلى أشهر الأسواق الشعبية، شارع الحمزاوى بمنطقة الأزهر، المعروف ببيع التوابل، ولا يخلو من الزحام القاتل على مدار اليوم.
الشارع عبارة عن ممر ضيق لا يتسع لأكثر من فردين فقط، لكن محال العطارة تتوزع على جانبى ممره الضيق، وعندما تقترب منه تستقبلك الروائح النفاذة للتوابل المختلفة.
وسط الجموع الهادرة، وقع نظر محرر "فيتو" على أحد المحال الصغيرة الممتلئة بالتوابل، وأمامه زحام شديد من الناس الذين يشترون منه، شكائر بلاستيكية كثيرة معبأة بالتوابل والأعشاب والخلطات المختلفة والسحرية، حسب وصف أحد الشباب الذى يعمل بالمحل.
بدا واضحا لـ«فيتو» أن الشكائر تمتلئ بالأتربة من جميع الجهات، يبيع بالمحل شاب ويعطى للناس ما يريدونه من خلطات توابل، سألناه سريعا عن سعر كيلو بهارات الحواوشى فأجاب: لا يتجاوز 80 جنيهًا، وهو سعر قليل مقارنة بباقى المحال المجاورة له بالشارع، والتى تبيع الكيلو بسعر 120 جنيهًا، كما يبيع الشاب كافة أنواع البهارات والتوابل بأسعار أقل من المحال المجاورة له.
اشترى محرر "فيتو" كيلو من بهارات الحواوشى، ولم تكن رائحة البهارات طيبة، لماذا بهارات الحواوشى دون غيرها عن بقية الأنواع المختلفة من التوابل؟
لأنه الأكلة الأكثر شعبية ويحبها الأطفال والكبار، ومن الأكلات المفضلة للجميع دون استثناء، واخترنا السعر القليل رغم الإقبال لمعرفة إذا كانت تلك الخلطات سليمة وآمنة أم لا، وهل تسبب فى خطورة على صحة المصريين عند تناولها، من خلال معرفة أن كانت تحتوى على سموم فطرية أم لا خاصة أن تلك الخلطات مستحدثه وجديدة على المجتمع المصرى وغير معروف مكوناتها بدقة.


المعامل المركزية

اتجه محرر “فيتو” بـ«بهارات الحواوشى» إلى المعامل المركزية لوزارة الصحة بمنطقة عابدين بالقاهرة، وهى الجهة الحكومية التى تجرى فيها تحاليل كل المواد الغذائية بكافة أشكالها وأنواعها، من أجل تحليل عينة من توابل الحواوشى للكشف عن وجود السموم الفطرية بها أم لا، وخاصة سموم الأفلاتوكسين وهى المادة المسببة للسرطان.
استغرق تحليل توابل الحواوشى للكشف عن سموم الأفلاتوكسين مدة أسبوع لتحديد وجود تلك المادة من عدمها، وأثبت التحليل وجود نسبة (2 ppb) من سموم الأفلاتوكسين فى عينة بهارات الحواوشى، والحد المسموح به من 5 إلى ١٠ppb، وتم إجراء التحليل وفقا للمواصفات المصرية رقم 7136 لسنة ٢٠٢٠ من حيث نسبة السموم الفطرية.


خطورة الأفلاتوكسين

ما هو الأفلاتوكسين وهل يمثل خطورة على جسم الإنسان، وهل يسبب الإصابة السرطان؟ وكيف يحدث ذلك وتتحول خلايا الجسم إلى خلايا سرطانية؟ وأى أعضاء الجسم أكثر تأثرا بسموم الأفلاتوكسين؟ وهل يمكن أن يتخلص منه جسم الإنسان؟
أسئلة مشروعة تدور فى الأذهان، يجيب عنها فى التحقيق عدد من الأطباء من تخصصات مختلفة منها السموم وعلوم أغذية وأطباء الجهاز الهضمى والأورام.
يقول الدكتور إبراهيم أمين، أستاذ مساعد بكلية الزراعة جامعة عين شمس بقسم علوم الأغذية، إن الأفلاتوكسين مركب شديد السمية، ويتم إنتاجه من خلال فطريات "الأسبرجلس فلافوس"، وهى سموم تتحمل درجة الحرارة العالية ولا تتأثر بها، وتتكون سموم الأفلاتوكسين من أربعة مشتقات، وهى (B1,B2,G1,G2).
وأشار إلى أن مركب B1 من أشدها وأخطرها، إذ يمكن أن يتسمم الإنسان من خلالها عن طريق التعرض المباشر لها وتناول الأغذية الملوثة بها كالتوابل والمكسرات والفول السودانى، أو يمكن أن يتعرض لها الإنسان بطريقة غير مباشرة من خلال تناول منتجات مصدرها حيوانات سبق لها أن تغذت على أعلاف ملوثة بالسموم الفطرية.
وأوضح أن سموم "الأفلاتوكسين" تنتج من فطر "الأسبرجلس"، وهو كائن حى له صفات منها إنتاج المواد الكيميائية التى تقتل أي نوع ميكروب آخر حوله، ليصبح قادرًا على النمو سريعا، مؤكدا أنه لا توجد بهارات أو أغذية خالية من الفطريات أو متبقيات المبيدات.
وأضاف أستاذ مساعد علوم الأغذية أن هناك دراسات أثبتت وجود علاقة وثيقة بين التوزيع الجغرافى لحالات الإصابة بسرطان الكبد فى العالم متوازيا مع التوزيع الجغرافى لانتشار سموم فطريات الأفلاتوكسين فى الغذاء بالعالم، وأثبتت الدراسة أن سموم الأفلاتوكسين قد تسبب السرطان عند الإنسان، لأن مركبات الأفلاتوكسين تصيب الكبد، وتحدث السرطان والضمور والتليف والالتهاب والنزيف الداخلى فى فراغ البطن أو بداخل الجهاز الهضمى.
كما يؤثر الأفلاتوكسين على نشاط الإنزيمات، وعلى تركيب الدم وعلى سرعة ترسيب الدم، وتسبب مركبات الأفلاتوكسين الأورام الخبيثة للإنسان، والتى تلاحظ انتشارها بدرجة مرتفعة فى المناطق الصحراوية فى أفريقيا وفى مناطق جنوب شرق آسيا، وهى تلك المناطق التى يتعرض فيها الإنسان للأفلاتوكسين.
وقال إن هناك دراسة أجريت فى الهند على أطفال تغذوا على لبن أمهاتهم المصاب بالأفلاتوكسين من النوع B1، وأظهرت أن الأطفال يعانون من تليف فى الكبد.
وأشار إلى أن الإنسان إذا أصيب بالتسمم الفطرى، فإن الطب لم يتمكن بعد من الوصول إلى علاج قاطع للتسمم، ويقتصر دور الطبيب على علاج الأعراض الظاهرة بالمسكنات ومحاولة وقف النزيف وتنشيط القلب والكبد.
وكشف عن وجود طرق للوقاية من تعرض التوابل للتسمم بالأفلاتوكسين، وهى تخزين التوابل فى أماكن جافة وباردة بعيدًا عن الرطوبة الزائدة التى تشجع على نمو السموم الفطرية، ولابد من استخدام التعقيم بالإشعاع أو استخدام المواد الحافظة ومثبطات الفطر والاهتمام بنظافة صوامع الغلال وتبخيرها بانتظام، بالإضافة إلى التحليل الروتينى للسموم الفطرية والتخلص من النباتات والمحاصيل المصابة وإعدام الأغذية والأعلاف الملوثة وتعريض الغذاء للأشعة فوق البنفسجية، وقد تساعد إضافة مواد مؤكسدة على تقليل سمية السموم الفطرية مثل: فوق أكسيد الأيدروجين وهيبوكلوريت الصوديوم.
ونصح المستهلكين بشراء التوابل من أماكن موثوقة، وأن تكون التوابل غير مطحونة، مع تجنب شرائها بكميات كبيرة، حتى لا تبقى فترة طويلة وتتعفن.


معهد التغذية

من جانبه قال الدكتور عماد عاطف، استشارى الميكروبيولوجى ورئيس قسم السموم الفطرية بمعهد التغذية، إن الأفلاتوكسين نوع من السموم التى تنتجها الفطريات، وهى مركبات ثانوية ضارة بصحة الإنسان يمكن أن تتراكم فى الجسم وبعد فترة من الزمن تسبب أضرارا.
وتابع حديثه لـ"فيتو" بأن السموم يمكن أن تسبب أوراما سرطانية، مشيرا إلى أن أشهر السموم هى الأفلاتوكسين، حيث تسبب سرطان الكبد والكلى لو تعرض الإنسان لفترات زمنية طويلة تصل إلى مدة ٦ شهور بكميات كبيرة.
وأشار إلى أن بعض الظروف البيئية يمكن أن تساعد على نمو السموم والفطريات فى المواد الغذائية سواء الأعشاب أو التوابل أو الحبوب إذا تواجدت السموم فيها بتركيزات مرتفعة، وتشمل تلك الظروف البيئية نسبة رطوبة فى المواد الغذائية ورطوبة فى أماكن التخزين ودرجة حرارة تبدأ من ٣٠ درجة مئوية يمكن أن ينمو الفطر وينتج الأفلاتوكسين، وله أنواع منها B1,B2,G1,G2 والتى تتواجد فى التوابل بينما يوجد أنواع منها M1,M2 تواجد فى منتجات الألبان.
وأضاف أنه مسموح بحدود معينة من السموم، مشيرا إلى أنه ليس دائمًا تكون الأغذية خالية من السموم، ولكن بنسب مسموح بها وفقا للمواصفة القياسية المصرية.
وأكد أنه إذا تم تناول المادة الغذائية التى تحتوى على الأفلاتوكسين فى الحدود المسموح بها بكميات ضئيلة بها طالما فى المستوى الآمن من السموم الفطرية وحسب الكمية التى تستخدم فى الأكل، لا خطورة فيها بينما إذا كانت نسبة السموم فى الأغذية تقترب من الحدود العليا المسموح بها يجب تنويع مصادر التوابل وعدم تناولها باستمرار يوميا، حتى لا يحصل الجسم على جرعات زائدة من السموم.
ونصح بعدم الإكثار من نوعيات التوابل التى تحتوى على الأفلاتوكسين فى الطعام، مضيفا أن من يحصل عليها حتى لو فى الحدود الآمنة يجب تناولها بحرص دون إفراط فيها، وكذلك حفظها فى الثلاجة، لأن التخزين فى ظروف وجود رطوبة مرتفعة وحرارة مرتفعة تزيد نسبة السموم فى الطعام كما يجب تجنب حفظها بعيدا عن الشمس، مضيفا أن الشمس والحرارة المرتفعة يمكن أن تزيد من نشاط الفطريات على النمو وإنتاج الأفلاتوكسين.
وتابع حديثه بأن تناول السموم بالحدود الآمنة فى الجسم تذهب إلى الكلى ويتم التخلص منها فى البول، بينما إذا ارتفعت النسبة عن الحد المسموح به يمكن أن يتحول الأفلاتوكسين b1 إلى m1، وإذا كان من يتناوله سيدة مرضعة يتواجد الأفلاتوكسين فى لبن الرضاعة للمولود، موضحا أن الأفلاتوكسين m1 أقل خطورة، ولكن الأطفال الرضع من الفئات الحساسة وليس لديها مناعة قوية مثل الكبار.


المواصفة القياسية المصرية

وأضاف أن المواصفات القياسية المصرية أكدت أن الأغذية الخاصة التى تستهدف مرضى الكلى والسكر والحوامل لها حدود من السموم أقل من الشخص الطبيعى، موضحا أن جسم الإنسان يتخلص من السموم فى البول بينما إذا كان مريض كلى لا يستطيع التخلص من السموم فى البول ويتم تخزين السموم فى الجسم بكميات أعلى لذا الفئات الخاصة لها حدود خاصة من السموم ولا يجب تعرضهم لتركيز أعلى من سموم الأفلاتوكسين، والتهاون فى ذلك لأن الفئات الخاصة لا تتحمل من يتحمله الأصحاء، وكذلك الحامل حتى لا ينتقل السم للجنين عن طريق سوائل الجسم.
وأضاف أن السموم الفطرية من مشكلاتها أنها تتحمل درجات حرارة من ٢٠٠ إلى ٢٥٠ درجة أي أن طرق الطبخ العادية لا تقضى عليها، مشيرا إلى وجود أبحاث علمية جديدة للبحث عن طرق تقليل الأفلاتوكسين فى المواد الغذائية منها على سبيل المثال البكتيريا الموجودة فى الزبادى والألبان يمكن أن تقلل من نسبة الأفلاتوكسين وتمنع امتصاصها فى الجسم.
وأشار إلى أن الطريق الآمن لتناول طعام بدون سموم يكون عن طريق اختيار الطعام والتوابل من مصدر معتمد وآمن، وعبر شركات موثوق فيها تؤخذ منها عينات للتحليل وتكون صالحة للاستهلاك الآدمى.


التهاب الكبد B

من جانبه قال الدكتور أشرف عمر أستاذ أورام الكبد والجهاز الهضمى بكلية طب القصر العينى ورئيس جمعية سرطان الكبد أن التعرض إلى سموم أفلاتوكسين بكميات قليلة جدا لا يسبب مشكلة صحية بينما التعرض لمدة طويلة بكميات كبيرة ونتيجة التأثير التراكمى يسبب الأورام.
وأضاف لـ"فيتو" أن الإصابة بفيروس التهاب الكبد B مع التعرض للأفلاتوكسين يزيد من فرص الإصابة بسرطان الكبد فى فترات زمنية قصيرة تصل إلى عامين فى حالة التعرض للأفلاتوكسين بشكل مستمر.
وأشار إلى أنه يوجد علاقة بين الطريقة التى تؤدى لسرطان الكبد عن طريق الفيروسات الكبدية C,B وسموم الأفلاتوكسين، لافتا إلى أن مادة الأفلاتوكسين تعمل فى أماكن معينة فى جينات الخلية الكبدية وتغير مكوناتها وتحولها إلى خلية سرطانية، حتى لو الكبد غير مصاب بتليف كبدى أولا، ولكن الأفلاتوكسين يعجل من الإصابة بالسرطان حتى لو المريض ليس لديه تليف كبدى.
وأشار إلى أن أي مواد غذائية يجب أن تخضع للتحليل والفحص والتأكد من النسبة الآمنة من الأفلاتوكسين مع مراعاة ظروف التخزين الجيد وفق المعايير القياسية لمنع نمو الفطريات والسموم والتخزين، نظرا لأن سموم الأفلاتوكسين تنمو سريعا، بينما النسب غير الآمنة يجب إعدامها، مضيفا أن الأفلاتوكسين يؤثر على كل أعضاء الجسم إلا أن إصابة الورم تكون فى الكبد.
وحذر من تناول الأطعمة خاصة التوابل والحبوب والمكسرات لشهر رمضان المخزنة من عام كامل لأن التجار أحيانا تترك التوابل والحبوب الغذائية لأكثر من عام، بجانب التأكد من تاريخ صلاحية كل منتج.
وقال أستاذ أورام الكبد إنه يمكن معرفة إذا كان سبب سرطان الكبد التعرض لسموم الأفلاتوكسين، وإذا كان مريض مصابا بسرطان كبد وتحاليل الكشف عن فيروسات الكبد C,B سليمة تكون الإصابة ناتجة عن التعرض الزائد لسموم الأفلاتوكسين.
أكد أن الأبحاث العلمية أثبتت أن الأسباب الرئيسية فى مصر لسرطان الكبد هى فيروسات الكبد وسموم الأفلاتوكسين، والمرحلة العمرية التى تتعرض لسرطان الكبد من عمر ٣٠ حتى ٦٠ سنة.
من جانبه قال الدكتور محمود لطفى، أستاذ السموم بكلية الطب جامعة عين شمس، إن الأفلاتوكسين مجموعة من المواد السامة تنتجها الفطريات، وهذه الفطريات تنمو على الحبوب والغلال سواء الذرة والفول السودانى والمكسرات، وتمثل خطورة على الإنسان إذا تناول أي أغذية تحتوى عليه.
وأضاف لـ"فيتو" أنه يوجد ١٣ نوعا من الأفلاتوكسين يتم إنتاجها وأكثرها خطورة b1، ويمكن التعرض لها سواء من تناول اكلات ملوثة بهذه السموم أو استنشاق الغبار الملوث بالأفلاتوكسين.
وتابع حديثه بأن سموم الأفلاتوكسين لا يمكن تجنبها، ولكن يجب تناولها بكميات قليلة حتى لا تسبب تليف كبدى وفشل كلوى وسرطان الكبد.
وفى ذات السياق قال الدكتور حسنى سلامة، أستاذ الجهاز الهضمى بكلية طب القصر العينى: إن الإنسان إذا تعرض إلى كمية قليلة من سم الأفلاتوكسين بشكل مستمر، يترسب داخل الجسم وعلى المدى الطويل، يصاب الجسم بأمراض عديدة أبرزها أورام الكبد، ويكون ناتجًا عن التأثير التراكمى، فإذا تغذى الإنسان على المواد المصابة بسموم الأفلاتوكسين على مدار السنة، فسوف يتأثر بشكل سلبى، مضيفا أن التعرض لنسبة صغيرة من تلك السموم بشكل عشوائى فلن يتأثر به الإنسان.


علم الوراثة اللاجيني

ويقول الدكتور محمد عبد المنعم أستاذ بكلية علوم جامعة حلوان ومدير مركز البحوث والدراسات البينية إن هناك علمًا جديدًا بألمانيا قادر على تغيير المقاييس التى توضع لسلامة الغذاء، وهو علم الوراثة اللاجينى (Epigenetics).
وأوضح أن العلم يدرس التغيرات الوراثية فى الجينات، فإذا تعرض الإنسان إلى أي تغييرات فى البيئة أو السلوك الغذائى كتناول الأطعمة الملوثة، فسوف تؤثر على جيناته عن طريق DNA، مما يضعف الجهاز المناعى بالجسم، ويساعد الميكروب أو السموم على التكاثر دون أن يأخذ الجهاز المناعى أي رد فعل تجاه هذا الجسم الغريب، وكل هذا يسبب مجموعة من الأمراض التى من الممكن أن تكتشف بعد مرور فترة من تناول الأطعمة الملوثة، حتى وإن كانت فى الحدود الآمنة، ويتعرض لها الإنسان بصورة مستمرة، فسوف تتأثر الجينات لديه.
أضاف: مثال على ذلك عند حدوث المجاعة فى هولندا أثناء الحرب الألمانية، أثرت على السيدات الحوامل فى ذلك الوقت، وسببت لهن أمراضا، وبعد 60 عامًا على مرور تلك المجاعة قاموا بفحص الأبناء، فوجدوا أن هؤلاء الأبناء تأثروا بشكل كبير بسبب السلوك السيئ الذى مارسته أمهاتهم أثناء فترة حملهن، واكتشفوا أن لديهم أمراض مختلفة.
رأى محلات العطارة
“فيتو” ذهبت إلى عدد من محلات العطارة التى تبيع جميع أنواع التوابل للتعرف على طرق تخزين التوابل، وهل يتم التعامل معها وفق تاريخ صلاحيتها أم لا؟
يقول عبد الرحمن، أحد العطارين بمدينة ٦ أكتوبر: إن التوابل ليس لها تاريخ صلاحية، على حد قوله، وتبقى فى المحال لفترات طويلة، لكن أهم شيء أن تكون فى مكان بعيد عن الحرارة، مضيفا أن خلطات التوابل ليس لها تاريخ انتهاء صلاحية، ويحصلون عليها من الشركات.
وبسؤاله عن سبب اختلاف طرق حفظ التوابل عند البعض، فهناك أشخاص تحتفظ بها بشكائر أو برطمانات زجاجية، وقال إن هذا مجرد مظهر، والشكائر لا تؤثر على سلامة التوابل.
وقال أبو أنس، صاحب محل عطارة، إن أنسب طريقة لحفظ التوابل هى البراميل الخشب، لأنها تحافظ على نسبة حرارتها باردة بالأخص فى فصل الصيف، أو أكياس نظيفة أو شكائر من نوع الخيش، لكن تفسد التوابل إذا وضعت فى شكائر بلاستيك، لأنها تولد حرارة عالية.
وأكد على ضرورة توافر التهوية الجيدة، داخل المحل، عندما يحل فصل الصيف لا يغلق التكييف أبدًا، وإذا ظهرت تكتلات أو سوس أو خيام، فهذا يعنى أن التوابل فسدت وساءت، حتى إذا لم ينتهِ تاريخ صلاحيتها بعد، ويجب التخلص منها على الفور، لأنها بذلك فسدت، مشيرا إلى أن هناك بعض العطارين الذين يعيدون تدويرها، بعد إزالة التكتلات أو الفاسد منها، وتباع مرة أخرى للناس، ولا يمكن أن يكتشف المستهلك أن هذه التوابل تم إعادة تدويرها، ولا تعرف من رائحتها أو طعمها.
وبسؤاله عما إذا كان هناك تواريخ صلاحية للتوابل، قال: بالطبع هناك تواريخ صلاحية مكتوبة على البضائع عند شرائها من التجار، مشيرا إلى أن هناك توابل لها تاريخ صلاحية 8 أشهر، وهناك أنواع تاريخ صلاحيتها ٩ أشهر أو عام، مضيفا أن هناك أنواعا تحفظ نفسها، مثل: الشطة والكبابة الصينى والقرنفل وخلطات التوابل، لكن هناك أشياء عمرها قصير للغاية، مثل: دقيق الذرة والشوفان كما أكد أن التوابل المطحونة عمرها أقل من التوابل الحصى، لأنها تظل محتفظة بزيوتها.
وعن كيف لسيدات البيوت أن تتعرف على تاريخ الصلاحية عند شراء التوابل، قال إن هذا يرجع إلى أمانة البائع، مؤكدا أنه عندما توشك صلاحية البضائع لديه على الانتهاء يتخلص منها فورا.
من ناحيته، قال ضياء صاحب أحد محلات العطارة إن التوابل لها تاريخ صلاحية تصل إلى ٣ سنوات، وعن طريقة حفظ التوابل، أكد أن يحفظها فى شكائر أو برطمانات زجاجية أو أكياس، وكل هذه الأشياء طرق عرض فقط، مشددا على ضرورة أن تحفظ التوابل فى فصل الصيف فى التكييف، وأن تبقى فى مكان جيد التهوية.
وتابع حديثه: "على مدار سنوات مضت كنت بخسر بسبب ارتفاع الحرارة، التى تؤدى لفساد البضاعة لديه، بعد ظهور حشرة (أبو دقيق) أو تكتلات أو سوس، ولكن عندما بدأ يهتم بالتهوية الجيدة وفتح التكييف لم تفسد البضاعة.
وأجمع العطارين على أن خلطات التوابل مجهولة المصدر ولا يعلموا مكوناتها لأن الشركات هى التى تورد لهم الخلطات.


شعبة العطارة

ذهب محرر “فيتو” إلى شادى الكومى نائب رئيس شعبة العطارة باتحاد الغرف التجارية، وقال إن الخلطات الجاهزة نوع من التوابل المستحدثة على السوق والذوق المصرى، موضحا أن لها مذاق جديد لم يكن متوفر من قبل.
وأشار لـ"فيتو" إلى أن بعض المصانع المصرية ابتكرت فكرة تكوين خلطات جديدة من خلال خلط الأصناف المعروفة التى نستخدمها من آلاف السنوات مثل البقدونس والزعتر والثوم والبصل والفلفل والكمون وغيرها من التوابل بجانب خلطها مع المواد الخام الأولية توفرها المصانع وجزء منها مستورد من دول أجنبية وتدخل هذه الخلطات الجاهزة فى الصناعات الغذائية خاصة فى اكلات الوجبات السريعة.
وأضاف أنها تعتبر ذات تكلفة أقل من تكلفة التوابل الطبيعية، بالإضافة إلى أنها ذات مذاق جديد، وأصبح مؤخرا لها رواج إلا أنه لا غنى عن التوابل الطبيعية وبدونها لا يكون للطعام والأكلات طعم مميز.
وتابع حديثه بأن طرق التخزين فى محلات العطارة لا تختلف عن طرق التخزين فى البيوت والمصانع ويمكن حفظها فى درجة حرارة الغرفة الطبيعية، مؤكدا أن كل صنف ونوع منها له تاريخ صلاحية لا يجب تجاهله، مشيرا إلى أن أي محلات تدعى أن التوابل ليس لها تاريخ صلاحية أمر غير صحيح، ولا يجب استخدام أي نوع انتهى تاريخ صلاحيته.
وأوضح ضرورة شراء التوابل من مصادر موثوق فيها، تخزن بطرق سليمة بدون تلوث وتضعها فى أماكن بها رطوبة وتعرضها لأشعة الشمس المباشرة، ولحفاظ عليها لكى يحصل المستهلك عليها بشكل آمن.
وأكد أن مكونات خلطات التوابل الجاهزة هى نفسها التوابل الأصلية المستخدمة منذ سنوات، سواء القرفة والروز مارى والزعتر، لافتا إلى خلطها بمواد خام مستوردة من الخارج وطعوم مختلفة لتقليل التكلفة وزيادة القيمة الغذائية.
وأكد نائب رئيس شعبة العطارة، أن حجم استهلاك خلطات التوابل الجاهزة لا يزيد على ٢٠%من حجم استهلاك التوابل عامة والتوابل الطبيعية هى السائدة فى الاستخدام لأن ثقافة المجتمع المصرى ما زالت تفضل التوابل الأصلية الطبيعية الخالية من أي مواد كيميائية.

 

أرقام مهمة

١- سموم السيانيد والأفلاتوكسين مسئولة عن ربع الوفيات الناتجة من الأمراض المنقولة بالأغذية فى إقليم شرق المتوسط.
٢- يتعرض 600 مليون شخص عالميا للأمراض المنقولة بالأغذية الناتجة عن البكتيريا والفيروسات والسموم منها الأفلاتوكسين.
٣- شخص من كل 10 أشخاص فى العالم، يصابون بالمرض كل عام بسبب تناولهم أغذية ملوثة بالسموم والفطريات، يموت منهم 420 ألف شخص من بينهم 125 ألف طفل عمرهم أقل من ٥ سنوات.
٤- أكثر من 100 مليون شخص يعيشون فى إقليم شرق المتوسط يصابون بالأمراض المنقولة بالأغذية كل سنة، و32 مليون من هؤلاء المتضرِّرين هم من الأطفال دون الخامسة.

المصدر موقع منظمة الصحة العالمية

طرق الحماية من السموم الفطرية فى التوابل

1- شراؤها من مكان موثوق فيه.
2- معرفة تاريخ صلاحيتها.
3- الاعتماد على التوابل الأصلية الطبيعية بعيدا عن الخلطات مجهولة المصدر.
4- شراء التوابل الحصى وطحنها بالمنزل.
5- عدم الإكثار منها وتناولها بكميات قليلة.

نقلا عن العدد الورقي 

الجريدة الرسمية