رئيس التحرير
عصام كامل

العبيط عندما يستعبط

جزيل الشكر لمجمع اللغة العربية لأنه أجاز استخدام كلمة استعباط، وواضح أن المجمع شعر بحاجتنا إلى استخدام هذه الكلمة في الوقت الحالي فأقدم على إجازتها ليريحنا، وليحررها من قوسين طالما وضعناها بينهما.. استند المجمع في إجازته للكلمة إلى كلمة عبيط التي وردت في المعجم الوسيط، والرجل العبيط هو الأبله غير الناضج، واستعبط فلان فلانًا أي أنه ظنه عبيطًا، واستعباط هي المصدر، والفعل المضارع منه يستعبط.


ولأننا نعيش حالة من الاستعباط.. تعالوا نتعرف على نماذج من العبطاء - جمع عبيط- الذين افترضوا أننا غير ناضجين، وراهنوا -وهم الخاسرون- على ضعف ذاكرتنا فتمادوا في استعباطنا.
يستعبطنا -وهو العبيط- هذا المذيع الذي ميزه الرئيس الأسبق مبارك على غيره من المذيعين تارة بالسفر على طائرته إلى الخارج وأخرى بإجراء اتصالات هاتفية معه في برنامجه..

 

فكان انتقاد مبارك بالنسبة له الخط الأحمر الذي لا يجب تجاوزه، بل أنه كان وأسرته يمهدون لتوريث جمال مبارك الحكم، وسرعان ما تغير حاله عندما تغير حال مبارك وثار الشعب عليه، هنا أصبح مبارك عدوه الذي كان يحاربه في أكل عيشه، وأصبحت جماعة الإخوان على حجر هذا المذيع، يحني رأسه أمام قياداتها، ويخطب ودها، ثم انقلب عليها عندما انقلب الشعب ليحني رأسه أمام النظام الجديد، وها هو يسعى للإمساك بمنتصف العصا في محاولة جديدة لاستعباط الجماهير.

النفاق والاستعباط


أما هذا المذيع فطالما هاجم الجيش والشرطة، وهاجم النظام الحالي عندما ارتدى ثوب الثوار، وها هو ينحني أمام من كان يهاجمهم في محاولة لاستعباط الجماهير.. ومثله هذا المذيع الذي كان يلهث خلف قيادات جماعة الإخوان عسى أن يحظى بشرف مقابلتهم، وها هو يكيل لهم الاتهامات، ولو ابتعد عن الشاشة سوف يكيل للنظام الحالي.


أما هذا الشيخ المودرن الذي لا يثبت على مبدأ ولا يثبت على زي يرتديه.. فيطالب الناس بالتقشف ويستفزهم بساعات اليد الثمينة التي يستعرضها أمام الكاميرا، وهو يشبه هذا الشيخ الذي أصبح عبئًا على النظام بنفاقه الفج وتنقلاته السريعة بين الولاءات.
 

هؤلاء يذكرونني بهذا الرجل الذي انضم لصفوف المعارضة لأنه لم يفز بمنصب وزير من النظام الحالي، مثله مثل هذا الذي لو لوح له النظام بالدخول في مناقصة لترك الخارج الذي يعارض منه وجاء مهرولًا إلى مصر.


ولا فارق بين هؤلاء الذين يستعبطونا وأولئك الذين فجروا في نفاقهم، كانوا يباهون بأنهم من ثوار يناير، وطالما هاجمونا عندما قلنا أن أي حراك بعد تنحي مبارك فوضى، بل أنهم كانوا يحرضون علينا، وكانوا وراء إحالتنا إلى التحقيق في نقابة الصحفيين، وها هم يحذرون من الفوضى ويذكرون الناس بفوضى يناير التي كانوا يفخرون بأنهم أهم أدواتها.

 


هؤلاء دأبوا على الاستعباط حتى أصبحوا جزءًا من المشكلة، وإزاحتهم عن المشهد خطوة من حل المشكلة فالمواطن لم يعد يقبل منهم نصيحة ولا تحذيرًا ولا توجيهًا، المواطن لم يعد يقبل استعباطه لأنه أكثر نضجًا من هؤلاء العبطاء.

besheerhassan7@gmail.com

الجريدة الرسمية