رئيس التحرير
عصام كامل

طاقة نور في ليل الاقتصاد المظلم

في اجتماع عقده الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، لمتابعة إجراءات إعادة هيكلة عدد من الشركات التابعة لجهاز الخدمة الوطنية، استعدادًا لطرح حصص منها في البورصة أكد رئيس الوزراء أن الاجتماع يأتي في إطار استعراض الدراسات التي تتم حاليًا باهتمام، فيما يخص طرح حصص من الشركات التابعة لجهاز الخدمة الوطنية في البورصة، تنفيذًا للتوجيهات الصادرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية بهذا الخصوص. 

 

وتم استعراض الخطوات التي تتم لإعادة هيكلة كل من الشركة الوطنية لبيع وتوزيع المنتجات البترولية "وطنية"، والشركة الوطنية للمشروعات الإنتاجية "صافي"، التابعتين لجهاز الخدمة الوطنية، تمهيدًا لطرح حصص منهما في البورصة. وسبق أن أعلنت الحكومة، تأسيس صندوق مصر السيادي، لصندوق فرعي لإدارة عملية الطرح لبعض الشركات المملوكة للدولة بالبورصة المصرية، أو على مستثمر استراتيجي..

 

وحددت أهداف الصندوق في جذب استثمارات أجنبية في فترة زمنية قصيرة، والإسراع بتنفيذ برنامج الطروحات وذلك في ضوء سرعة اتخاذ القرارات من قبل الصندوق، واستهداف مستثمرين استراتيجيين مما يساعد في قياس مدى الاهتمام المؤسسي قبل الانتقال إلى مرحلة الاكتتاب العام.


 ومن وجهة نظري يأتي هذا التوجه –طرح الشركات التابعة لجهاز الخدمة الوطنية في البورصة– في وقت غاية الخطورة والأهمية، ويحمل قيمة إيجابية كبيرة، فيأتي الطرح في ظروف اقتصادية مصرية بالغة الصعوبة تتعلق بعدم توافر الدولار لتوفير مستلزمات إنتاج الكثير من المصانع؛ مما ينذر بتعطلها وبالتالي ارتفاع نسب البطالة وارتفاع أسعار المنتجات إلى حدود غير مسبوقة، كما تخشى الدولة من نفاد الكثير من السلع المستوردة من الخارج وبالتالي فالحل في سحب السيولة من الأسواق مع رفع الأسعار قدر الإمكان.. 

 

هذا بالإضافة إلى زيادة حجم الدين الخارجي والداخلي مما يقتضي توفير فوائد هذه الديون لسدادها وهذا أمر صعب للغاية، كل ذلك مع العجز الشديد في الميزان التجاري، فنستورد أكثر من 85% ونصدر ما لا يزيد عن 20% الخ من مشكلات ضخمة تواجه الاقتصاد المصري وليس هذا أوان أسبابها.

تشجيع الاستثمار


فكان توقيت طرح هذه الشركات التابعة لجهاز الخدمة الوطنية في غاية الأهمية والفائدة، فتأهيل شركتين تابعتين للقوات المسلحة للطرح بالبورصة رسالة واضحة من الحكومة بتجديد تعهداتها بالتخارج من عددا من الأصول لصالح القطاع الخاص ومنح الأخير فرصة أكبر للمشاركة في الاقتصاد الوطني، بما يؤكد أن هناك توجهات واضحة من الدولة المصرية لزيادة مشاركة القطاع الخاص بصورة أكبر في الاقتصاد والاهتمام بدور سوق المال.

 

وفي هذا رسالة واضحة من الدولة أنها قررت أن تنسحب من المنافسة المدنية والمصانع والشركات تاركة ذلك كله للقطاع الخاص لتقوم الدولة بدورها في الحفاظ على أمن الوطن وسلامته داخليا وخارجيا؛ مما يشجع بالفعل القطاع الخاص والمستثمر الأجنبي على القدوم للسوق المصري.

 
ونجد أن طرح شركتي وطنية، وصافي، التابعتين لجهاز الخدمة الوطنية  يعبر عن ذكاء وحنكة لأن هاتين الشركتين من أنجح الشركات وأربحهم؛ مما يغري المستثمر الداخلي والخارجي على الاستثمار، خاصة وأنه يعلم أن المسئول عنهما هو جهاز الخدمة الوطنية الذي يتميز بالصرامة والحزم مما ينعكس على تحقيق الأرباح، فالقوات المسلحة تستثمر في عددا من القطاعات الاستراتيجية وذات ربحية مرتفعة، مما يجعلها جذابة أمام الراغبين في الاستثمار بمصر..

 

وهو ما انعكس على رغبة شركات عربية كبرى في شراء حصص بها، خاصة وأن الاقتصاد المصري متنوع يضم قطاعات عدة سواء عقارات أو رعاية صحية أو أغذية أو الخدمات المالية، ولا يعتمد على قطاع بعينه، وهذه ميزة تنافسية تجعله محط أنظار للعديد من المستثمرين.


وفي هذا السياق ينبغي لاكتمال الصورة الطيبة والضوء في عتمة الاقتصاد إزالة المعوقات في سوق المال قبل طرح الشركتين أو أي شركات أخرى حتى لا تؤثر على شهية المستثمرين للاكتتاب في الطرح، ومن أهم المعوقات ضريبة الأرباح الرأسمالية على المتعاملين بالبورصة، والتي أثرت سلبا على المستثمرين، وفي الوقت نفسه لم تحقق أي عائد لحصيلة الموازنة في ظل الخسائر المحققة للمتعاملين مما يتطلب إلغائها، كذلك ينبغي إلغاء عمليات المتلاعبين في البورصة التي أثرت سلبًا على ثقة المستثمرين، وضرورة التوصل لآلية تحافظ على سلامة واستقرار السوق وفي الوقت نفسه لا تؤثر على المتضررين من إلغاء العمليات. 

 

 

مع ضرورة وجود محفزات لطرح شركات القطاع الخاص بالبورصة،  مثل خصم ضريبي للشركات لتشجيع القيد بسوق المال، ومن ثم زيادة عمق البورصة وجذب متعاملين جدد إضافة إلى تنويع القطاعات المطروحة أمام المستثمرين. ومع الوضع في الاعتبار أن هناك صعوبة في جذب الطروحات الحكومية في الوقت الحالي استثمارات أجنبية، ولذا سيتم الاعتماد على السيولة المحلية التي تبحث عن الاستثمارات في عوائد ادخارية أعلى.

الجريدة الرسمية