رئيس التحرير
عصام كامل

ضربة نووية استعراضية

عاد السؤال عن السلاح النووي يطرح نفسه مجددا، في الآونة الأخيرة، بعد أن قلبت الأسلحة الامريكية الالمانية الفرنسية مسرح العمليات رأسا على عقب شرقي وجنوب أوكرانيا، واعتبرت روسيا التطور الأخير انتكاسة لقواتها، غطتها باسم بديل هو إعادة تجميع القوات، والوصف الحقيقي للتراجع الروسي في إقليم دونهام، جنوب وشرقي أوكرانيا هو انتصار القوات الأوكرانية بالسلاح الغربي والتخطيط الامريكي البريطاني وبالمعلومات التى وفرتها مخابرات لندن وبرلين وباريس وواشنطن!


هي هزيمة إذن، ولولا فداحة الثمن الذي دفعته روسيا ما حذرت موسكو واشنطن من إنها تدخل في مواجهة مباشرة مع روسيا، وخصوصا إذا منحت واشنطن صواريخ بعيدة المدي 300 كيلومتر للقوات الاوكرانية. من الصعب أن تتقبل دولة عظمى مثل روسيا هزيمة سلاحها التقليدي في مواجهة السلاح الغربي وبخاصة الأمريكي، ومن الصعب قبول فكرة أن روسيا أم الصواريخ في العالم فشلت وأن صواريخها لم تحقق المكاسب الميدانية المخطط لها رغم أن الحرب بدأت قبل سبعة أشهر ونصف تقريبا.. 

السلاح النووي


وفي الوقت نفسه فإن الغرب لا يبدو مهيأ للإبطاء من وتيرة تسليم أوكرانيا الأسلحة النوعية، لان ما حققه الأوكرانيون هو انتصار للمعسكر الغربي وللسلاح والتخطيط الغربي.. فهل ستقبل روسيا استمرار الحرب بالوكالة ضدها أم ستواجه العدو الحقيقي مباشرة؟ لابد أن تنظر موسكو طويلا في الخيارات التى فرضتها العمليات الأخيرة ونتائجها الحالية والتالية، لأنها وبالسلاح التقليدي، لم تحافظ على الأراضي التى سبق أن احتلتها أو حررتها، حسب الإعلام الروسي..


ومع عناد الغرب والاسراف في النصر، يمكن القول أن الخطر النووي وشيك.. إن من مبادئ الحرب الشهيرة ألا تنتصر عميقا لأن الإمعان في إذلال عدوك هو نجاحك في خلق عقيدة انتقامية كاسحة لديه، تتحين الظروف للانقضاض.. نموذج هتلر. من هنا نرى أن تلويح روسيا بالسلاح النووي هو الورقة الأخيرة لكبح جماح الغرب في معاونة أوكرانيا وإذلال موسكو. 

 

تنهض العقيدة النووية الروسية علي عدة سيناريوهات تعتمد أسبابا متباينة للبدء باستخدام السلاح النووى، أولها توجيه ضربة نووية اجهاضية إذا توفرت معلومات موثقة حاسمة بأن دولة ما تعتزم ضرب روسيا أو أي من حلفائها نوويا أو بأسلحة كيماوية أو بيولوجية، أو تعرض كيان ووجود الدولة الروسية للهدم والزوال ولو بأسلحة تقليدية كاسحة، أو لو تعرضت منشآت الدولة السيادية للتدمير الشامل.


من السهل ملاحظة المرارة بملامح الرئيس الروسي، فهو يواجه ضغوطا داخلية هائلة، واحتشادا غربيا بلا هوادة، وبدأت العقوبات تنال من أرصدة تمويل الحرب، ومن ثم فإن الخيارات تبدو محدودة، فإما الانتصار بالسلاح التقليدي، أو القيام بعمل استعراضي نووي كما حذرت الصحف الأمريكية، وجنون مثل هذا سيقود العالم إلى شتاء اقتصادي طويل الأمد.. ما الحل؟!

 


سبعة اشهر لم تحسم حربا وصفت بالعملية الخاصة، استدرج فيها الغرب قيصر روسيا، بالطعم الأوكراني، ليستنزفوه، وذلك نموذج أمريكي وضيع مكرر تم استعماله ضد صدام والقذافي.. الإغراء بالمغامرة ثم جمع الدول علي المغامر فينكسر ويقع بلده لسنوات وعقود.. ما الحل؟
أن تتوقف هذه الحرب الخراب علي العالم كله، لا منتصر ولا مهزوم، ضمن اتفاق ضمانات أمنية تحفظ لأوكرانيا سيادتها وتحقق الأمن لروسيا وتمنع وجود حلف الأطلنطي، حصان طروادة اللعين علي أعتاب البيت الروسي!

الجريدة الرسمية