رئيس التحرير
عصام كامل

محو أمية يا ولاد الحلال.. شرط التخرج العجيب!

تشترط كليات عديدة لمنح خرجيها شهاداتهم.. أن يقوموا بمحو أمية عدد من المواطنين! "المحو" يتم في النطاق الجغرافي للطالب موزع على عدد سنوات الدراسة.. وشكلا يبدو الكلام جميلا.. ويستهدف الصالح العام.. لكن في تفاصيله يبدو عجيبا للغاية بل وكارثيا في بعض الأحيان! 

ففي الصعيد أو في ريف الدلتا أو في مناطق البدو مثلا كيف يمكن العثور على أميين يريدون محو أميتهم؟ أغلب هؤلاء من كبار السن والسيدات والآنسات فكيف يمكن إقناع هؤلاء بالخضوع لذلك؟ كيف يمكن مفاتحتهم؟! وأين سيحصلون على دروس محو الأمية؟ هل اتفقت وزارة التعليم العالي مع وزارة الشباب مثلا على توفير قاعات للدروس أو للمحاضرات يتلقي فيها هؤلاء دروسهم؟ أو هل اتفقت الاتفاق ذاته مع وزارات أخرى مثل الثقافة مثلا؟! 

    
كان الأجدى أن يحدث ما نسميه بالحوار الأفقي بين الوزارات والمؤسسات والهيئات بحيث يتم ذلك أولا وفق خطة شاملة حيث يتجمع راغبو محو الأمية في هيئة واحدة هي طبعا الهيئة القومية لمحو الأمية وتعليم الكبار، بحيث يشعر كل أطراف العملية بجديتها.. وإن لم يتيسر وجود قاعات للدرس تكفي طلبة التربية تتوصل الهيئة لاتفاقيات مع أطراف أخرى لتوفيرها بحيث تتكامل الجهود وتتناغم ويوفر تخطيطها  أفضل الظروف لإنجاحها وفي أسرع وقت ممكن ويتفق كل ذلك مع الدستور الذي -فيما نظن- لا يقر عملية حجب الشهادات في وقت نعاني نقصا في المعلمين وفي تخصصات عديدة!


صيغة  أتصرف، وشوف أميين من تحت الأرض، وحتى لو هتدفعلهم، كلها غير لائقة وغير صحيحة. وتفتح باب الفساد واسعا للتحايل علي الالتزام وتدفع الفكرة النبيلة الثمن!

 


نأمل في مناقشة القرار المذكور وترشيده وإدراك أن محو الأمية هدف قومي ينبغي تحقيقه بالتخطيط الشامل وأن نرحم -من جهة أخرى- الخريجين الجدد من كليات التربية شديدي الحماس للعمل أو لأداء الخدمة العسكرية.. التي يحتاج الخريجين للشهادة النهائية للالتحاق بالخدمة الوطنية وإلا عوملوا وفق آخر شهادة لديهم!
بناء دولة عصرية بالتخطيط العشوائي أو بعشوائية التخطيط لا يصح.. كلاهما لا يصح! 

الجريدة الرسمية