رئيس التحرير
عصام كامل

شعب وجيش ووطن


لو أن شرعية اكتسبها محمد مرسي مندوب الإخوان في الرئاسة لعام غير محتسب من عمر المصريين، لتباهى أنصار الجماعة في رابعة بها، ولأن شرعية الصندوق لا تعنى شرعية الحكم في ظرف ثورى تاريخى لا يحتمل أصحاب الوطن مزايدات التنظيم الدولى ورهاناته على مستقبلهم، كانت 30 يونيو حلًا مثاليًا وردًا عمليًا على تفريط الجماعة في حقوق وحريات المواطنين.


اذهب إلى رابعة حيث جمهورية الإشارة وعلمها بألوانه الثلاثة ورئيسها المحرض على الإرهاب والعنف المختار بقرار لاهثين وراء مغانم وسلطة، راقب خطب دعاتها وأدعياء السياسة والوطنية بينهم وصبيانهم داخل الصحف ووسائل الإعلام واللجان الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعى، وإذا لاحظت إنجازًا واحدًا لحكومتهم المعزولة رفعوه على لافتاتهم يؤكد مناصرتهم الثورة وتطبيق شعاراتها وأهدافها وتحقيقهم "العيش والحرية والعدالة والكرامة" لك ولغيرك على السواء ودون تمييز، تعال وابصق على وجهى وانزع قلمى من يدى.

راجع تاريخ الجماعة في أقصر وأسوأ فترة حكم في تاريخ مصر، تابع عملية التمييز على أساس الانتماء إلى تنظيمها، في الالتحاق بالوظائف وتقلد المناصب العليا، في الحصول على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، في ممارسة الحقوق السياسية دون ضغوط أو ابتزاز، ثم ابعث رسالة إلى نفسك متسائلًا عن مصطلح الدولة "العميقة" الذي ضموا إليه شعبًا متهمًا بالكفر والإلحاد لمجرد اختلافه مع أفعالهم وممارساتهم حول حقوقه، وقارنه بمصطلحهم الخاص "الدولة العقيقة" التي لا غذاء ولا كساء ولا عمل ولا سكن ولا أمن فيها إلا لأبناء التنظيم ودعاة التكفير ومحبى الجماعة كل وفقًا لدرجته، وسل نفسك لماذا تصر مليونياتهم على القتل والدمار والتخريب طالما غابوا عن السلطة.

راجع أقوال وأفعال المهووس والي "غزة" وبعدها "مصر" في تنظيم عالمى إرهابى، يترك سيناء التي روت أرضها دماء الشهداء مرتعًا لقوى الإرهاب والعنف ومشروعًا لحلم الدولة البديلة لحماس، يترك إعلامًا يرفعها أنصاره بمطروح والسلوم لدول أخرى بعيدًا عن أعين السيادة المصرية، يتنزه في الجنوب فيمنح الأشقاء السودانيين وعدًا بأرض حلايب وشلاتين المصرية وكأنها قطعة من "عزبة أبوه"، ثم يقف وسط أربابه ليسب ويهين القضاة والشرفاء ويهين على المشاع كل من أملت الجماعة أسماءهم عليه دون تمييز أو إعمال عقل أو احترام للقانون.

استعد بذاكرتك كل الوجوه المشرقة والمشرفة في تاريخ مصر القديم والوسيط والحديث والمعاصر، وقارنها وإنجازاتها لصالح شعب مغلوب على أمره لا يملك نصفه قوت يومه، بما حمله هذا المندوب المعزول من مشروع يحقق به رؤية التنظيم ومكاسبه ومصالحه في بلدان أخرى، ويدعم خطط ومخططات صهيوأمريكية في المنطقة العربية أرجأ ظهور عبد الناصر تنفيذها نصف قرن ويزيد، ثم عُد إلى مشاهد سقوط قوات الجيش والشرطة والمدنيين الأبرياء ضحايا على أيدى التنظيم الإرهابى الذي تنطق ألسنة دعاته بالدم والقتل، وعُد إلى الأمهات الثكلى والزوجات الأرامل والأطفال اليتامى الذين أشبعتهم رصاصات الغدر قهرًا.

أيها المصرى: أمامك جماعة مارست الإرهاب قبل صعودها إلى الحكم وفى ظل وجودها بالحكم وبعد أن لفظتها أنت وأسقطت حكمها، في كل مرحلة كان السلاح حلًا مثاليًا لقياداتها ومن تحت طاعتهم كالقطيع، لم يكن لدى أي منهم مشروع أو حل سياسي لأزمة تحياها أنت وبنى وطنك، وأصبحت بعد أيام من إبعادهم عن السلطة والمال والنفوذ والشهوات، هدفًا مستحقًا لهم مع جيشك الحامى لثورتك وحدود وتراب بلدك، جيشك الذي أرادت جماعة الإرهاب كسره وهى في الحكم وتفتيت قواه وهى خارجه، بإرادتك أو رغمًا عنك صرت في خندق واحد مع مؤسسة وطنية تعرف لمصر معنى وإرادة وتاريخًا ورسالة.

المسافة بين الحق والباطل بعيدة تمامًا.. وبين جمهورية رابعة ومصر الحرة أقرب مما تتخيل، وحريتك بيدك لا تمنحها لأحد، ولا تحولها إلى محنة لك وبنى وطنك وجيشك.
الجريدة الرسمية