رئيس التحرير
عصام كامل

هويدي.. وسقوط الأقنعة


لم أكن أعرف أن الكاتب الكبير فهمي هويدي من الخلايا النائمة للإخوان، كنت أظنه كاتبًا حرًا قد يميل إلى التوجه الإسلامي في كتاباته دون انحراف عن الموضوعية في التناول ودون انتصار لتوجهه السياسي. ثم بدأ الموقف يتكشف لي رويدًا رويدًا خاصة في الأشهر الأخيرة. حيث حاول في كتاباته دس السم في العسل وهو يتبني مواقف متأرجحة، رمادية أحيانًا، ومنحازة على نحو موارب إلى النظام الإخواني أحيانًا أخري.


بدأ بالتشكيك في حركة تمرد ومصادر تمويلها وانتماءاتها ومن يقف وراءها على نحو ما يفعل الإخوان، ثم سقط قناعه تمامًا بعد سقوط الإخوان، فقد جعل يتلمس الأعذار لهذا النظام فيما وقع فيه من أخطاء وخطايا، وعجز وفشل على طريقة التلميذ البليد.

وفي ذات الوقت يوجه سهامه المسمومة إلى الثورة والثوار والجيش والمعارضة باعتبارهم جزء من مؤامرة دولية مزعومة حيكت بليل للإطاحة بحلم المشروع الإسلامي.

إذا كانت الدول العربية قد أخذت موقفًا محايدًا من الثورة في بدايتها فلأن مقدمتها كانت إخوانية في تونس، فكان لابد من الانتظار حتي يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، فلما قفز الإخوان على صهوة جواد الثورة الجامح أصيبت هذه الدول بالفزع لأنها ـ، بحكم كونها الحاضن والمربي لهذه الجماعة بعد هروب أعضائها من مصر إبان العهد الناصري ـ، تعلم مشروع الحلم الإخواني في السيطرة على العالم الإسلامي تحت زعم الخلافة الإسلامية. وقد زعم هويدي أن مرسي حاول تغيير السياسة الخارجية الموروثة من عهد مبارك باهتمامه بأفريقيا والصين وروسيا والهند وإيران، ثم اعترف بتوقف آثارها في حدود إبداء حسن النوايا. والحقيقة أن هذه الزيارات قد أساءت لمصر ومكانتها الدولية إساءة بالغة، وجاءت بنتائج عكسية مخيبة للآمال، فقد حقرت وقزمت الدور المصري على المستوي الدولي، فمعظمها كانت جولات تسولية.

ثم يذهب هويدي إلى التماس الأعذار الواهية لإخفاقات مرسي ونظامه الفاشل. ثم ينتقل هويدي نقلة أخري بحديثه عن تقرير أوردته جريدة وول ستريت جورنال الأمريكية بعنوان " الدولة العميقة تعود إلى مصر مرة أخري " مؤداه أن جبهة الإنقاذ وشخصيات معارضة وعسكريين ورجال نظام سابق قد دعموا حملة تمرد. بما يعني من وجهة نظره أنها لم تكن حركة وطنية خالصة، وأن المشهد كله لم يكن بريئًا، لأن الأطراف التي شاركت فيه وجدتها فرصة لتصفية حسابها مع الثورة ومع الإخوان.

وهذا تحليل غير مستغرب من الجانب الأمريكي باعتباره الداعم الأوحد لنظام الإخوان الذي تم صناعته لتنفيذ الأجندة الأمريكية في الشرق الأوسط. وطبيعي أن تشوه جبهة المعارضة انتصارًا لحليفها. ولو حدث ما أشارت إليه الصحيفة لما كان في ذلك غضاضة. والغضاضة في لي الاستنتاجات التي تخدم الهدف التشويهي والإغتيال المعنوي. وحتي تكتمل الحبكة التي يريد هويدي إقناع القاريء بها باعتبارها مؤامرة لها أطراف داخلية وخارجية ضد نظام مرسي. وهي حبكة خائبة لأنها تعتمد على أمور طبيعية تلقائية لا تستثير الدهشة ولا الاستغراب. حيث ذهب إلى القول بأن دول معسكر الاعتدال قد سارعت بمد الجسور مع النظام الجديد ــ وفي تلك إساءة لهذه الدول وللنظام الجديد وفقًا لمفهوم السيد فهمي هويدي ــ مع أن مد هذه الجسور قد جاء بعد الاطمئنان إلى زوال نظام كان يتهدد وجودها باحلامه وطموحاته.

ثم يمعن في دس السم بإلقائه معلومة مرسلة سمعها من شخص في رئاسة الجمهورية عن قول لآن باترسون لمرسي بأن:" مفاتيح خزائن الدول الخليجية بيد واشنطن "، ويفهم من ذلك أن أمريكا داعمة للنظام الجديد طالما فتحت خزائن الخليج. وهو استنتاج يجافي الواقع ويصدم الحقيقة، لأن العكس كان هو الصحيح.
Advertisements
الجريدة الرسمية