رئيس التحرير
عصام كامل

نيرة.. القتل مرتين

نيرة أشرف تفرض نفسها على صناع المحتوى المحترفين فى الوطن.. طرح رحيلها المحزن واحدة من أهم قضايا النقاش الإعلامي عندما دعا الأستاذ كرم جبر، رئيس المجلس الأعلى للإعلام، رؤساء تحرير الصحف والمواقع الإلكترونية ورؤساء وقادة القنوات الفضائية لجلسة نقاش حول قضايا العنف وطريقة تناولها فى الإعلام.


وفي واحدة من أهم جلسات الحوار والمصارحة طرحت قضية تورط بعض المواقع فى بث فيديو اغتيال براءتها على مرأى ومسمع من الناس بطريقة خالفت كافة الأعراف المتعارف عليها من قيم النشر وخرق الكود الخاص بتغطية جرائم العنف. وللحقيقة والتاريخ فإن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام كان ولا يزال سباقًا فى مسألة وضع صياغات أخلاقية ملزمة للقائم بالاتصال فى كل ما يُطرح على الساحة الإعلامية المصرية.


تحمل المجلس مسئولية إصدار أكواد أخلاقية لقضايا الطفل والمرأة والكراهية والعنصرية والجريمة، وقام بتعميمها على المؤسسات، وهو ما طرحه الأستاذ كرم فى بداية جلسته صباح أمس. كان الحضور جامعا وشاملا لكافة المؤسسات الإعلامية والصحفية، وحظيت المناقشات باهتمام كبير حول تطبيق الأكواد وضرورة إلزام المؤسسات بتطبيقها ووضع تصور وآلية للعقاب فى حال عدم الالتزام.
 

الصحافة والإعلام الوطني

 

وطالب المجتمعون بوضع برامج تدريبية لجيل الشباب تقنيا وأخلاقيا حول الوسيط الجديد والإعلام الاجتماعى وطرق التعامل معه أخذًا وردًّا، مع ضرورة العمل على إصدار قانون لحرية تداول المعلومات باعتباره الوعاء الحامى للقارئ والمجتمع من نار الشائعات وإثارة الفتن.


وناقش الزملاء الممثلون لكافة المؤسسات الصحفية والإعلامية بشكل منفتح كل المخاوف التى تهدد المهنة ودورها فى المجتمع مع تنامى دور الإعلام الاجتماعى وتأثيره المتزايد. ورغم أن الحدث المؤثر الذى دفع المجلس إلى عقد جلسته الحوارية هو سقوط بعض المواقع الإلكترونية مهنيا أثناء تغطية حادث الطالبة نيرة أشرف، إلا أن النقاش تمدد ليطول العديد من قضايا وهموم مهنة الصحافة باعتبارها حائط صد منيع لحماية قيم المجتمع، ولا يجب أن تسقط فيما لا يجب أن تسقط فيه.


وتعدى النقاش حدود حادث نيرة أشرف إلى آفاق أكثر رحابة عندما طرحت بعض الأصوات قضية التدريب وإمكانات الوسيط الجديد وخروج الإعلام الاجتماعى عن الخط القيمى الحاكم للنشر وطريقة التعامل معه ومواجهة خطره وإمكانية تقنينه، وهى بالطبع واحدة من القضايا الشائكة. وبدا واضحا أن قضية إعلام الطفل واحدة من القضايا التى طرحت نفسها بقوة، خصوصا أن مؤسسات دولية كبرى تعمل على إنتاج محتوى للأطفال يغاير قيم المجتمع المصرى والعربى مع إعلان تلك المؤسسات دعمها قضايا الشذوذ باعتباره قيمة ستفرض نفسها من خلال الأعمال التى ستقدمها ديزنى على سبيل المثال.


وأشار الأستاذ كرم جبر إلى تواصل المجلس الأعلى للإعلام مع المنصات العالمية مثل نتفليكس لوضع تصور قانونى حول المحتوى والوجود داخل المجتمع المصرى مع إلزام هذه المنصات بقوانين الدولة المصرية. إن ما يتعرض له المواطن المصرى من محتوى اجتماعى غير مسئول ومحتوى عالمى عبر المنصات يشكل هاجسا يهدد الأمن القومى فى الصميم ويطرح من جديد فكرة تعريف الحرية وخصوصية المجتمعات.


وهذا التعرض الفوضوى لسيل من المعلومات ومختلف أنواع المحتويات المكتوبة والمصورة والحية يعد واحدة من صور التهديد الحقيقى للهوية الوطنية وضرب استقرار المجتمع بمواد عابرة للقيم المحلية وأخرى غير خاضعة لمعايير النشر. هذا الواقع يفرض علينا الخروج من فكرة المنع إلى التعاطى بحيوية أكثر وبناء إعلام وطنى قادر على المواجهة، وضرورة منحه كافة الأدوات التى تجعله قادرًا على سد الفراغ المعلوماتى الحادث الآن نتيجة غياب المعلومة من مصادرها الرسمية.

 


انتهت جلسة الحوار المفتوح إلى ضرورة استمرار الحوار مع تنبيه المستشار محمود فوزى أمين عام المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بما قام به المجلس من إصدار أكواد أخلاقية حاكمة لكافة ألوان التغطيات التى تخص الطفل والمرأة والجريمة، محذرا من إهمال تلك الأكواد أثناء الممارسة الإعلامية.


نظن، وبعض ظننا ليس إثما، أننا بحاجة إلى عقد مؤتمر موسع يجمع صناع المحتوى مع كافة المؤسسات المتقاطعة مع الرسالة الإعلامية لوضع تصور مستقبلى يجعل إعلامنا قادرا على القيام بدوره التنويرى والتنموى فى المجتمع.

الجريدة الرسمية