رئيس التحرير
عصام كامل

شيء ما يولد!

لا يمكن إغفال ما يجرى في الإقليم العربي ومحيطه التركي الإسرائيلي الإيراني، من تطورات تزامنت معها سلسلة من اللقاءات على المستويات العليا رئاسية وملكية وأميرية، تعزز تحالفات قائمة أو تبنى تحالفات وتفاهمات، تخاطب التغيرات الجيوسياسية الداهمة، وتوحد لغة خطاب عربى في حدودها الدنيا، وفق المصالح العربية العليا التى لم تعد تتحمل المساس بثوابتها وحدودها.


ولا يمكن أن تنصرف العين عن أن القاهرة في القلب من حركة الاتصالات واللقاءات. في القاهرة منذ أول أمس أمير قطر في زيارة تستمر يومين، وقبلها كان ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان، ومن قبلها اللقاء الثلاثي بين الرئيس السيسي والعاهل الأردني والعاهل البحريني، وقبلها لقاءات القاهرة ومحمد بن زايد، وهذه جميعها لا يقتضيها فراغ، بل تستدعيها ضرورات الإقليم وما طرأ عليه ويطرأ من توابع الحرب الروسية الأوكرانية وما أعظمها خطرا وما أعظمها من فوائد بالنسبة للقرار العربي وتحرره، فيما أعتقد.


بغض النظر عن مساحات التوتر الناشئة بين قيادات الإقليم وبين واشنطن بسبب ضغوط الأخيرة لإملاء مصالح غربية تناقض المصالح العربية، فإن قادة الإقليم من القاهرة إلى الرياض ومن أبو ظبي إلى أنقرة إلى عمان والمنامة باتت على يقين من أن ولي الأمر الواحد في العالم تمت زحزحته عن العرش، وبعبارة أخرى فإن نتائج حبس الغاز الروسي عن الغرب، أكدت أهمية الثروة الغازية والنفطية العربية، وسقوط فكرة الاستغناء الأمريكي والانسحاب من المنطقة.

قوة عربية

 

يزور الاقليم -وبالذات السعودية- رئيس أمريكا بايدن يلتقي ولي العهد السعودى، وهو من كان متعاليا متعففا عن التعامل مع الرياض، لكن ضرورات الغاز والنفط وصرخات الأسر الأمريكية أخضعته للمجئ وحضور قمة عربية أمريكية الشهر القادم ترسم فيها ملامح قوة عربية لها مصالحها وتشابكاتها الدولية.


هل نذهب بعيدا إن جادلنا بأن حرب روسيا وأمريكا على الأراضي الأوكرانية فرضت حضورا عربيا قويا كذاك الذى فرضته وولدته حرب أكتوبر المجيدة في عام ١٩٧٣؟ التكلفة الروسية الجسيمة في الجنوب والشرق من أوكرانيا، واستمرار الإرادة الروسية في إنهاء الحرب بعد تحقيق الأهداف، هى الدم الذى يعيد رسم العلاقات الدولية، في الإقليم العربي ومحيطه التركي الايراني الاسرائيلي، ولن تخرج روسيا من هذه الحرب بدون الحصول على تنازل أمريكي بأن عصر القطب الواحد ذهب إلى غروب.


فى سياق مواز لا يمكن أيضا أن تكون اللقاءات العربية العربية المتوالية، بعيدة عن الهواجس الأمنية الخليجية من امتلاك إيران الوشيك لقنبلتها النووية، وهي الهواجس ذاتها التى تدفع بالجانبين العربي والاسرائيلي إلى خندق واحد.. بكل أسف!
 

 

عواقب الحرب الروسية الأوكرانية، وقرب حصول إيران علي القنبلة النووية، هما إذن الضرورتان اللتان تدفعان بقوة إلى بناء الناتو العربى كما أسلفنا قبل عامين في هذا المكان من فيتو.
ناتو عربي غير معلن، لكن قواه حاضرة وفاعلة.. واسرائيل هناك!

الجريدة الرسمية