رئيس التحرير
عصام كامل

أين بايدن من روزفلت؟

يتسم عهد الرئيس جو بايدن، بالارتباك والتردد والزلات بما فيها مواعيد زياراته، وبعد تغيير موعد زيارته الشرق الأوسط مرات عدة، تأكدت أمس زيارته السعودية وإسرائيل منتصف يوليو المقبل، وأعلن البيت الأبيض أن الزيارة تهدف "لتعزيز التزام الولايات المتحدة الصارم بأمن إسرائيل وازدهارها، ثم حضور قمة دول مجلس التعاون الخليجي في وجود مصر والعراق والأردن"، على أن يتوجه بايدن، برحلة مباشرة من إسرائيل إلى السعودية، ما سيشكل سابقة رئاسية لأن السعودية لا تعترف حتى الآن بإسرائيل.

 

الترقب سيكون عنوان اجتماع بايدن مع الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لأنه يعيد ضبط العلاقات بين البلدين وتعزيز أمن الطاقة والملف النووي الإيراني وسبل إيقاف حرب اليمن، ويعتقد كثر أن بايدن سيواجه صعوبة نتيجة تراخي إدارته تجاه الالتزام بأمن حلفائه ورفض إمدادهم بالسلاح، وانسحابه المفاجئ من أفغانستان، والتساهل في ملف النووي الإيراني، فضلا عن تعهد بايدن السابق بأن يجعل السعودية دولة منبوذة، وأن تعامله يقتصر على الملك سلمان فقط دون ولي عهده.
 

هذه الجزئية تحديدا دعت جون كيربي، المتحدث السابق باسم البنتاغون، لتوضيح ما قصده بايدن بأن السعودية منبوذة، في مقابلة مع "سي إن إن"، قائلًا: إن بايدن تراجع عن موقفه من السعودية واعتبرها شريك استراتيجي، وحين تعهد بجعلها منبوذة كان يقصد المساءلة في مقتل جمال خاشقجي، لكنه يؤمن بأهمية السعودية كشريك ومفتاح الشرق الأوسط كله.

 

وفي السياق نفسه، أكدت المتحدثة بإسم البيت الأبيض كارين جان بيير، أن "السعودية شريك استراتيجي منذ 8 عقود، وقد التقى كل رؤسانا منذ عهد روزفلت بالقادة السعوديين، والرئيس بايدن لن يختلف عن أسلافه إذا كان ذلك يخدم مصالح الولايات المتحدة".
 

تراجع شعبية بايدن


تعمدت المتحدثة كارين، ذكر الرئيس روزفلت، ولم يكن ذلك اعتباطًا، لأن الديمقراطيين راهنوا على أن بايدن سيكون المنقذ مثل الرئيس فرانكلين روزفلت، الذي وحّد الشعب بقيادته وأخرج الولايات المتحدة من الأزمات الاجتماعية والكساد بخطط إنتاجية مبتكرة كانت مثار إعجاب العالم.
لكن على عكس ما تمنى قادة الحزب الديمقراطي، فشل بايدن في جميع الملفات وانخفضت شعبيته كثيرا، وأصبح لديهم شك في قدرته على إنقاذ الحزب من هزيمة في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس قبل نهاية العام الجاري، كما لا يمكن المراهنة عليه في الانتخابات الرئاسية المقبلة..

 

 خصوصا أنه أعلن مرات عدة عزمه الترشح لإعادة انتخابه في 2024، وبعدما كان الاعتراض همسًا على ترشحه لدورة ثانية، نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" قلق وإحباط 50 قياديًا في الحزب من قدرة بايدن على مواجهة الحزب الجمهوري نظرا لأدائه المخيب في غالبية الملفات، ولا يصح التعويل عليه بأنه سيكون روزفلت العصر الحديث، خصوصا لإخفاقه المتكرر في تمرير تشريعات تعالج قضايا حيوية في أجندة الديمقراطيين، وعدم قدرته على استغلال البيت الأبيض في تحريك الرأي العام، إلى جانب زيادة التضخم لأعلى نسبة منذ أربعة عقود، وارتفاع أسعار الوقود، استمرار فيروس كورونا، وتعدد جرائم إطلاق النار دون رادع، ما أدى لتراجع شعبيته وانخفاض معدل تأييد الحزب.


وفي محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، تقرر بث جلسات مجلس النواب التي تحقق في هجوم أنصار الرئيس ترامب، على مبنى الكابيتول، عبر شبكات التلفزيون المختلفة وفي وقت الذروة، لتذكير الناخبين بالعنف الذي إتسم به الهجوم وإقناعهم بالتصويت للديمقراطيين، وإذا لم يتمكن الحزب من استثمار هذه الجلسات، فقد لا يستطيع محاسبة الرئيس السابق ترامب، وبالتالي يلحق بالديمقراطيين هزيمة في الانتخابات النصفية ما يزيد أمور إدارة بايدن سوءا.

يدرك الرئيس السابق ترامب، المغزى من بث جلسات التحقيق في اقتحام الكونغرس، لذا اعتبرها مهزلة قضائية، مؤكدًا أنّ خسارته انتخابات 2020 سببها تزوير واسع.

 

دعا بعض قادة الحزب الديمقراطي إلى البحث عن قائد جديد يخلف بايدن في الانتخابات الرئاسية المقبلة، لعدم قناعتهم بقدرة نائبة الرئيس كمالا هاريس، خصوصا أنها تواجه انتقادات لأخطائها المتكررة، ورأوا أن تقدم سن بايدن لا يمكنه من القيادة بحيوية فضلا عن زلات لسانه المتكررة التي أقنعت كثيرين بمعاناته من الخرف، ومنها قوله أكثر من مرة أن كمالا هاريس رئيسة الولايات المتحدة، وتعثره مرات عدة وسقوطه على درج الطائرة، وقوله أن زوجته جيل بايدن كانت نائبة الرئيس أوباما، وخلطه مرارًا بين ليبيا وسورية، مصافحته الهواء عندما انتهى من أحد خطاباته..

 

 

كما بدا تائها مرتبكا لا يعرف أين يذهب، بعدما التف الحضور حول أوباما في البيت الأبيض ولم ينصت لكلمته أو يعيره اهتماما، فضلا عن تصريحاته غير المتوقعة التي أزعجت الدبلوماسية العالمية، واضطر البيت الأبيض إلى التراجع عنها لاحقًا، واضطر لتقليص مقابلات بايدن الإعلامية خشية زلات لسانه، وعليه اقتنع الحزب بحاجته إلى قيادة جديدة وجريئة تخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة.

الجريدة الرسمية