رئيس التحرير
عصام كامل

غراب البين يكتب: فوانيس رمضان وتعاليق الزينة

غراب البين
غراب البين

 

بعد يوم شاق من اللف والدوران والمرازية فى خلق الله.. قلت أريح جتتى شوية وأقضى ليلتى فوق الشجرة اللى قدام بيت الواد أحمد بتاع البنات

انكمشت داخل ريشى ويادوب لسه عينى هتغفل وإذا بالآنسة سماح شقيقة أحمد تخرج للبلكونة ومعها صديقتها منار اللى بتتحجج بزيارة سماح علشان تشوف أحمد اللى مجننها

منار قالت لسماح متسائلة: هو أحمد جابلك فانوس رمضان؟

سماح ضاحكة: هو أحمد لاقى يأكل أصلا.. يا بنتى دا بيخرج للشغل الصبح ويرجع هلكان ويادوب الكام ملطوش اللى بيقبضهم بيشترى بنصهم سجاير والباقى بيصرفه فى المواصلات والفطار فى الشغل ويادوب بيلحق يشحن باقة النت علشان يتنحنح معاكى ومع غيرك

منار بحسرة: بس دا وعدنى يجيبلى فانوس رمضان وانا هموت لو مش جابلى الفانوس

 

شابان أسفل المنزل يناديان على سماح عايزين 20 جنيه علشان تعاليق زينة رمضان وسماح تدخل حجرتها وتعود لهم بالمبلغ ثم تقول لمنار بصوت هامس: والله هما اللى حيلتى كويس ربنا ستر

 

صوت أبو سماح يأتى من الداخل حيث يصرخ بأعلى صوته فى وجه زوجته اللى عايزه فلوس علشان تشترى ياميش رمضان قائلا: ياميش إيه يا وليه وتلاجتنا مافيهاش فرخة توحد ربنا.. قوليلى عايزين أكل لرمضان.. أنا الللى معاى ميجيبش 2 كيلو لحمة

 

طبعا منار اتكسفت وقالت أنا مروحه ولما ييجى أحمد خليه يرن عليا

وأنا وقفت على قدمى وأخذت أنعق بأعلى صوتى "قاق قاق" فراحت سماح ومعها منار يهشوننى ويقولون لى غور من هنا يا غراب البين جبتلنا الفقر

 

فهربت قبل أن يحدفوننى بمشابك الغسيل ولسان حالى يقول: بقا أنا اللى جبتلكم الفقر؟!.. فعلا صنف البنى آدمين دا غريب جدا.. مش لاقيين يأكلوا وظروفهم ضنك ويطلبون الفوانيس والتعاليق والياميش فقط ليحافظوا على مظهرهم أمام أنفسهم وأمام الناس

 

أنا اللى أعرفه كغراب إن البنى آدم فى الأزمة العالمية دى لازم يتقشف ولا يفكر فى مثل هذه الصغائر التى لا تنفع ولا تضر ويتركها للقادرين.. الراجل يكاد يموت غيظًا من زوجته أم أحمد وهى تطلب الياميش ولديه كل الحق لأنه ببساطة يفكر فى طعام رمضان الذى أصبح بأضعاف ثمنه.. والآنسة منار عايزه الفانوس علشان تتصور معاه وتنشر صورتها عالفيسبوك

 

نفسى كل بنى آدم يعيش على قدر رزقه ويكف عن التقليد الأعمى الذى سيكلفه فوق طاقته.. خاصة وأن العالم كله يمر بظروف قاسية ولا يسعى إلا خلف احتياجاته الرئيسية.. ياخى جاتها ستين ألف نيلة اللى عايزه تخلف بنى آدمين غاويين يرهقوا أنفسهم وولاة أمورهم وكل ما يهمهم هو المظاهر الكاذبة!

غراب البين
الجريدة الرسمية