رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا يروج المستشار الشائعات المسيئة لزميلته؟ (1)

من أين نبدأ تلك القصة التي تجعل الحليم حيرانًا، فلا تدري من الظالم ومن المظلوم، ومن الذي أساء وظلم، ومن الذي بغى واتهم الآخرين بما ليس فيهم، إنها واقعة مؤلمة، تارة لما تضمنته من وقائع ماسة بالشرف، وتارة لأنها وقعت بين من يتقلدون المناصب الهامة، ويضع المجتمع بين أياديهم مصائر الناس، وجاء الحكم ليكون عنوان الحقيقة، ويقطع الشك باليقين، فما الذي حدث؟
أقام المستشار طعنه أمام المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة طالبًا في ختامه الحكم بإلغاء قرار هيئة النيابة الإدارية والمنتهي إلى مجازاته بالتنبيه كتابة بضرورة الالتزام بما تقضي به التعليمات في هذا الشأن وتجنب الوقوع في مثل ذلك مستقبلًا، وذكر شرحًا للطعن أنه يشغل وظيفة تعادل درجة مستشار وأنه قد صدر قرار الهيئة التي يعمل بها، والذي نسب إليه بمقتضاه ارتكابه الوقائع الآتية:
1ـ إهانة زميلته الأحدث منه، وذلك بإرسال رسالة مكتوبة بواسطة هاتفه المحمول إلى الهاتف المحمول الخاص بالأستاذة (زميلته الشاهدة) مضمونها بحصر اللفظ "سفالة اللي إسمها (زميلته الشاكية).

2- قيامه بالتلويح باليد في وجه زميلته المذكورة بالقرار في البند الأول بإحدى طرقات مقر العمل متلفظًا بعبارات غير لائقة مضمونها (ردي حيوصلك في أقرب وقت) ثم باقي ما جاء في القرار المطعون فيه.

وقائع كيدية

وأضاف المستشار عبر تقرير الطعن أن التحقيقات انتهت إلى اتهامه بالخروج على مقتضيات وظيفته ومخالفته للمادة (20) من تعليمات الهيئة القضائية التي يعمل بها، وأوقعت به الجزاء المشار إليه، وينعي هذا الجزاء الصادر ضده بمخالفته القانون لقيامه على وقائع كيدية، واستناده إلى تحقيقات شابها القصور الشديد والإخلال الجسيم بحقوق الدفاع، والفساد في الاستدلال والخطأ في تحصيل الوقائع، لأسباب حاصلها سبق قيام زميلته الشاكية المزعوم التعدي عليها لفظًا وتلويحًا  بتعديها عليه سابقًا وإحالتها للتحقيق وصدور قرار التفتيش بمجازاتها لثبوت المخالفات المنسوبة إليها في حقها والتي منها ترويجها للشائعات ضده بالمخالفة للحقيقة.
كما أنه لم يتمكن من إبداء دفاعه بالتحقيقات، وحيل بينه وتسلمه مذكرة التحقيق الصادر بناءً عليها التنبيه المطعون فيه، وأن المخالفة المدرجة بالتنبيه إهانته زميلته بإرسال رسالة sms من هاتفه المحمول للهاتف المحمول لزميلته الأخرى (الشاهدة)، وأنه بمطالعة التحقيق يتبين أن التحقيقات لم يرد بها رسالة sms  ولكنها رسالة من تطبيق الماسنجر ومن اللاب توب وأن المحققين اللذين أجريا هذه التحقيقات حققا بشكل غير مهني مع شهوده (عضوي الهيئة) ورفضا سماع باقي الشهود (منهم العامل بمقر عمله) وتعسفًا في التعامل معه.

قالت المحكمة عبر أسباب حكمها إن الهيئة القضائية المطعون ضدها أصدرت القرار المطعون فيه بتوجيه تنبيه مسلكي للمستشار الطاعن لما نسب إليه من: إهانة الأستاذة (زميلته)، وذلك بإرسال رسالة مكتوبة بواسطة هاتفه المحمول إلى الهاتف المحمول الخاص بزميلته مضمونها بحصر اللفظ عبارة (سفالة اللي اسمها...) وقيامه بالتلويح باليد في وجهها بإحدى طرقات مقر عمله متلفظًا فيها بعبارات غير لائقة مضمونها بحصر اللفظ عبارة “ردي حيوصلك في أقرب وقت وشوفي أنتي بتعملي إيه مع سكرتيرك”.

الانفصال

وأكدت المحكمة الإدارية العليا عبر أسباب حكمها أن المخالفة الأولى ثابتة في حق الطاعن ثبوتًا يقينيًا وفقًا لإقراره بالتحقيقات علي وفق ما أورده بمحضر التحقيق،  فقد سأله المحقق "ما قولك فيما ورد بالشكوى المقدمة من زميلتك، فأجاب بما هو نصه (بالنسبة للواقعة الخاصة بالمراسلة الإلكترونية علي الأكونت الخاص بالأستاذة الزميلة فذلك تم عقب ثلاثة شهور من سماعي إشاعات تمس سمعتي وإن وصلت لأهل بيتي إلى الإنفصال رغم زواج دام خمسة عشر عامًا).
كما قرر كذلك علي لسانه بمحضر التحقيق بما هو نصه: أنه عند إقراري بإرسال الرسالة للأستاذة (..... الشاهدة) لم أضمنها أي كلمة مسيئة حتى أن كلمة سفالة الواردة بالرسالة لم أوصف بها أيا من الزميلتين وإنما وصفت الكلام الذي قيل في سمعتي، فلم أقصد منه المعنى المتعارف عليه مجتمعيًا وإنما المعنى اللغوي الوارد بالمعجم وهي الندالة أو الخساسة أو السفاهة، وقدم صورة ضوئية مطبوعة من الحاسب الآلي لتأييد لأقواله.
وشددت المحكمة على أن تلفظ الطاعن بالكلمة سالفة الذكر ونعت زميلته بها ينطوي علي خروج صارخ على مبادئ الأخلاق والأصول والقيم الاجتماعية والآداب العامة بالنظر لما تعنيه هذه الكلمة بمعنييها اللغوى والمجتمعي علي السواء من حط وتحقير وتقليل من شأن زميلته التي ألمح إليها بهذا اللفظ، لا يتناسب وكرامة وهيبة الوظيفة القضائية التي يشغلها ومكانة الهيئة التي ينتمي إليها، فمن ثم يتعين مؤاخذته عنها دون الالتفات للتبرير الذي ساقه كونه قصد المعنى اللغوي دون المجتمعي باعتبار أنه لا يسوغ له في جميع الأحوال توجيه هذا اللفظ لما يمثله بمعنييه من إساءة وتجاوز غير لائق.

تطبيق الماسنجر

كما لا يدفع ثبوت هذه المخالفة في حق المذكور ما ارتكن إليه بصحيفة طعنه من وجود تناقض تأسيسًا منه علي أنه ورد بالأوراق أن المخالفة المدرجة بالتنبيه الخاصة بإهانته زميلته المذكورة عاليه بإرسال رسالة SMS من هاتفه المحمول للهاتف المحمول لزميلته الأخرى في حين لم يتبين بالتحقيقات وجود رسالة SMS ولكنها رسالة من تطبيق الماسنجر ومن اللاب توب، فهذا الدفع مردود عليه بأن مناط مؤاخذته وتوجيه التنبيه إليه كتابة في هذا الشأن إستعماله الكلمة المسيئة المشار إليها في ذاتها بغض النظر عن طبيعة الرسالة التي تضمنتها هذه الكلمة.

وعن المخالفة الثانية المنسوبة إلي المستشار الطاعن والمتمثلة في قيامه بالتلويح باليد في وجه زميلته الأستاذة "رئيسة النيابة" بإحدى طرقات النيابة المذكورة متلفظًا فيها بعبارات غير لائقة مضمونها بحصر اللفظ عبارة "ردي حيوصلك في أقرب وقت وشوفي أنتي بتعملي ايه مع، سكرتير النيابة فهي ثابتة في حقه كذلك ثبوتًا يقينيًا على نحو ما شهد به كل من.." وللحديث بقية.

الجريدة الرسمية