رئيس التحرير
عصام كامل

المبشرون الجدد بالجنة

وتفيض الذاكرة بما كان بعيدا، عند غزو العراق للكويت تأرجحت أربعة أنظمة عربية ورقصت كما يقال على السلالم، ورأت فيما رأت أن غزو العراق للكويت له ما يبرره. وكانت الصحافة المصرية عن بكرة أبيها ترى أن غزو دولة عربية لأخري إنما هو جريمة لا تغتفر، وكان الموقف الرسمي المصرى داعما للكويت، محاولا تجنب كارثة إخراج العراق بالقوة الدولية.


ولم ينصت صدام حسين لنداءات مصر التي أطلقها الرئيس مبارك في حينها، وفي هذا الحين وقفت صحيفتان مصريتان مع العراق في غزوه، وجيشت أقلامها في واحدة من أسوأ المواقف التي عرفناها في تاريخنا الحديث. وأذكر وقتها أن الموقف الذي كان قد دخل في مجال المتشابهات أن خرج الكاتب الكبير الراحل خالد محمد خالد بمقالة نارية في جريدة الأخبار تحت عنوان الأربعة المبشرون بالجنة.

احتلال مرفوض


تناول خالد محمد خالد موقف الزعماء العرب الأربعة واستطاع في مقال واحد أن يحق الحق وينكر على الإنسانية أن يكون من بين العرب من يقف مع الغزو أيا كان مبرره. وركز على الموقف الإسلامي من فكرة الغزو بعد أن أرتأى أن صحيفة محسوبة على الإسلاميين هي التي تبنت الموقف العراقي ضد كل ما هو انسانى ومنطقى.


أتذكر تلك الوقائع بعد حديث البعض عن شماتة في أمريكا والغرب وقوفا مع الغزو الروسي لأوكرانيا، فما أظن أن منطقة تعانى منذ عقود من فكرة الاحتلال الغاشم للكيان الصهيوني لوطن عربى يمكنها أن تقف مع فكرة الغزو أيا كان مبررها.

 صحيح ما يحدث في أوكرانيا الآن هو بمثابة ميلاد نظام عالمي جديد إلا أن المنطق والقيم الأخلاقية والإنسانية تأبى أن يكون محركنا هو موقف أمريكا من منطقتنا ودعمها للكيان المحتل فيكون موقفنا داعما لغزو جديد واحتلال مرفوض.

 


من حق روسيا أن تحمي أمنها القومى غير أن تشريد الشعوب واحتلال البلاد لا يمكن أن يكون له مبرر حتي لو كان نكاية في النظام العالمى الذى انفردت فيه أمريكا بقيادة العالم.
الاحتلال.. احتلال.. والغزو غزو حتي لو جرت وقائعه على واشنطن نفسها.. إذ لا يمكن لعاقل أن يبارك الاحتلال والغزو والتنكيل بشعب مسالم وتشريده فما يحدث في سوريا مرفوض وما يحدث في فلسطين المحتلة مرفوض وبنفس  المنطق ما يحدث في أوكرانيا مرفوض.

الجريدة الرسمية