رئيس التحرير
عصام كامل

إلحقوا عبد الباسط!

عبد الباسط لمن لا يعرفه هو مواطن مصرى بسيط، قلب السوشيال ميديا رأسا على عقب خلال الأيام الماضية، لأن السيد عبد الباسط عمل عملة سودة أثناء رحلة عودته من دولة عربية إلى القاهرة، حيث أصر على ألا يفوت الفرصة ليؤكد أن له فى الطيارات علامات! فقام بكتابة اسمه بالبنط العريض بقلم أسود تخين على جدار الطائرة وعلى ظهر الكرسى!! 

 

ولأجل حظه الحلو قام راكب آخر ابن حلال بتصوير ما فعله عبد الباسط ورفع الصورة على فيسبوك، إلى أن وصلت الصورة لمعالى وزير الطيران الطيار محمد منار، الذى أصر على التوصل ل عبد الباسط وفرض غرامة عليه لقيامه بأعمال تدخل تحت بند إتلاف طائرة مصرية مملوكه للدولة، وحتى يكون عبرة لكل من تسول له نفسه العبث فى طائرات الشركة الوطنية، اللى مدفوع فيها مليارات الدولارات!! 

 

زعل الحكومة

 

البعض أكد أن تصرف عبد الباسط يدل على وجود ميول تخريبية لديه لأنه شخصية معقدة، وأفتى آخرون بأن عبد الباسط شاب مستهتر، بينما أشار آخرون بأن عبد الباسط فعل ما اعتاد أن يفعله بعض الشباب من نقش أسمائهم وأسماء أحبائهم فوق جذوع الأشجار، وعلى أحجار الأهرامات، وعلى مقاعد أتوبيسات النقل العام فى مصر، لكن المرة دى وسعت منه وكتب اسمه على حيطان الطيارة!!

 

 بالتأكيد.. أنا ضد تصرف الأخ عبد الباسط وأرفض ما فعله جملة وتفصيلا، وأؤيد فرض عقوبة رادعة على أي مخرب ومتلف لممتلكات الدولة، إلا أن ما استوقفنى فى قصته أننى أدركت أن عبد الباسط بخطه السيئ وكتابته الركيكة، وإسمه الذى يدل على انتمائه لأبناء الريف أو الصعيد فى مصر، لم يكن يكتب إسمه على جدار الطائرة على أمل أن تقرأه حبيبة غائبه، ولا هى رسالة شاب مستهتر يحفر إسمه فى كل مكان زهوا وفخرا بنفسه وإثباتا لأقرانه بأنه عملها وركب طيارة!.

 

بل إن ما وقر فى قلبى هو أن عبد الباسط هو عامل مصرى غلبان، اتغرب عن أهله وناسه بحثا عن لقمة العيش، وهو مواطن غضبان من الحكومة وتصرفاتها معاه، لأنها لا تعترف به كمواطن إلا بكلمة ادفع! فهو إما غضبان لأن الفلوس لا تكفيه ليتزوج ويبقى له بيت، أو لأنه متجوز وغير قادر على أن يكفى بيته وأولاده، أو غضبان لأنه مواطن يسدد ضرائب ودمغات فى كل مصلحة حكومية، ويدفع رسوم مقابل خدمات وهمية لا يحصل عليها أبدا! بينما لا يوجد مسئول واحد يعترف بأن عبد الباسط مواطن له حقوق يجب أن يحصل عليها بأعلى جودة!! 

 

لذلك.. عبر عن غضبه بكتابة اسمه على جدار الطائرة.. علشان ياخد حقه من الحكومة.. ويزعلها زى ما هى مزعلاه، واعتبر أن ما فعله هو تنفيس عن غضبه.. يمكن الحكومة تسأل عن السبب.. ويمكن تفهم! 

 

 

ببساطة عبد الباسط هو نموذج لناس كتير فقدت شعورها بالولاء والانتماء لبلدها فلم يعد يكترث بالحفاظ على ممتلكاتها، لأنه يشعر بأنه ليس له نصيب فيها، وليس له حقوق فى الشكوى أو الاعتراض أو المطالبة بحق، بسبب قرارات وأخطاء مسئولين أفقدوا الناس الثقة فى كل شيء.. لهذا أنادى بأعلى صوتى.. أدركوا عبد الباسط.. إلحقوا عبد الباسط، رجعوله شعور الإنتماء للبلد، وازرعوا فى قلبه الولاء للوطن.. وراجعوا أخطاءكم كثيرا.. قبل أن يتحول الجميع إلى عبد الباسط.. وساعتها.. مش هتلحقوه.

الجريدة الرسمية