رئيس التحرير
عصام كامل

مهم.. وعاجل جدًا!


أرى الآن من واجبى كمراقب ومواطن مصرى، ومن منطلق المكاشفة التامة، أن أضع مجموعة حقائق واقعة، أمام الفريق السيسى والمؤسسة العسكرية، بعد أن اضطلعت بمهمة إدارة شئون البلاد، ففي ظنى أن خيوط الصورة قد تشابكت، لدرجة يصعب معها تحديد ملامحها بدقة، غير أن النفاذ إلى المتاح من التفاصيل، يمكن أن يلقى الضوء على ما آلت الأمور من الآن فصاعد، وهى ما أعتبرها "مخاوف"، ينبغى أن توضع بكل الوضوح أمام القيادة السياسية، لعلها تتخذ الحيطة والحذر.


أبدأ بالقول، إنه بطبيعة الأمر الواقع، هناك في مصر الآن تيار إسلامى واسع، يستحيل اجتثاثه.. هناك أيضًا تيار ليبرالى وعلمانى يستحيل اجتثاثه..النتيجة المنطقية لذلك الوجود، وعلى ضوء نتائج ما حدث، هي عدم قبول التيار الإسلامى لأى اختيار تفرضه القوى الأخرى أيًا كانت، بدءًا من مريدى نظام مبارك، إلى القوى الليبرالية والعلمانية، ومن الوارد أن تستخدم ذات الآليات والأساليب لضرب اختيار أى تيار.

المآل التالى هو مخاوف حقيقية من سقوط دولة القانون، بعد أن تجرأ الجميع على مخالفته وإسقاط هيبته، والسماح بوضع صورة مؤسسة القضاء في مرمى نيران التشكيك والسب والتجريح.. والمؤسف أن يحدث ذلك بأيدى النخب لا بيد المواطن الذي هو الخاسر الوحيد، لسبب بسيط، وهو أن القضاء ملاذه الأول والأخير، سواء في ظل الدكتاتورية أو في ظل الحرية والحكم الديمقراطى.

لن يقتصر الأمر على سقوط دولة القانون وحسب، بل سيجرى تثبيت عنوان "عدم أهلية الشعب للديمقراطية والاختيار"؛ لأن الصورة الآن تعنى أن اختياره لم يكن في موضعه الصحيح، الأمر الذي يعنى أغول سيادة الإرادة الشعبية، وفقًا لمنطق النخب والنشطاء، والذي بدا أنه لا يحق لغيرهم أن يحكم.

من المتوقع أيضًا حدوث حالة فراغ سياسي وفراغ أمنى قد يطول أمده بصورة يصعب أن نضع له نهاية، وتلك مصيبة المصائب، وأم الكوارث، التي ستنزل كالصاعقة على رءوس كل البشر، المسلم والمسيحى والليبرالى والعلمانى والأهلاوى والزملكاوى.

المنتظر أيضًا أن يعترف الجميع ويسلم بانهيار الخيار الديمقراطي، وأن مصر تربة لا تصلح لزراعة ونمو الديمقراطية، والدليل أن شعبها يقبل بالحكم بالقبضة الحديدية لعشرات السنين، ولا يقبل بالخيار الديمقراطى لعدة أشهر.

الأخطر على الإطلاق، فتح الباب ــ في ظل حالة إنهاك الدولة ــ بل فتح جميع الأبواب على مصارعها أمام أموال وأجهزة استخبارات العالم، في فرصة لا تتكرر كثيرًا، لتلعب وتنخر في مصر كما تشاء.. الأمر الذي يوفر فرصة ذهبية لتشكيل تنظيمات سرية وعلنية لا حصر لها، تتحكم فيها وتحركها تلك الأجهزة المتربصة منذ زمن.. تلك مخاوفى من مآلات الأمور، أطرحها وأدعو الله أن يخلف ظنى.
الجريدة الرسمية