رئيس التحرير
عصام كامل

القلم الرصاص!

* قال أحد اللصوص: كنت فى الصف الرابع الابتدائى، وذات يوم رجعت من المدرسة وقد ضاع قلمى الرصاص، وعندما علمت أمى بالخبر ضربتنى بمنتهى العنف! وسبتنى بأبشع الشتائم، ووصفتتى بالعبيط وبعدم تحمل المسئولية وغيرها من الصفات السيئة.. ونتيجة لقسوة أمى الزائدة عن الحد قررت ألا أعود أبدا لأمى فارغ اليدين، لقد قررت أن أسرق أقلام زملائي! 

 

وفى اليوم التالى نفذت الخطة، ولم أكتفِ بسرقة قلم أو قلمين، بل سرقت جميع زملائى فى الفصل، فى بادئ الأمر كنت أسرق خائفًا.. وشيئًا فشيئًا تشجعت ولم يعد للخوف فى قلبى مكان، وبعد شهر كامل لم يعد للأمر تلك اللذة الأولى، فقررت أن أنطلق نحو الفصول المجاورة، ومن فصل إلى آخر انتهى بى المطاف إلى سرقة حجرة مدير المدرسة. واعتبرت ذلك العام هو عام التدريب الميدانى، تعلمت فيه السرقة نظريًا وعمليًا، ثم انطلقت بعد ذلك وصرت لصَا محترفا.

التربية الإيجابية


* وقالت إحدى الأمهات: عندما كان ابنى فى الصف الثانى الابتدائى رجع يوما من المدرسة وقد ضاع قلمه الرصاص. فقالت له: بماذا كتبت؟ قال: استعرت قلمًا من زميلى، فقالت له: تصرف جيد، ولكن ماذا كسب زميلك عندما أعطاك قلمًا لتكتب به؟ هل أخذ منك طعامًا أو شرًابا أو مالًا مقابل ذلك؟ قال: لا، لم يفعل. فقالت له: إذن لقد ربح الكثير من الحسنات يا بنى.. لماذا يكون هو أذكى منك؟ لماذا لا تكسب أنت الحسنات؟

 

قال: وكيف ذلك؟ فقالت: سأشترى لك قلمين، قلمًا تكتب به، والقلم الآخر نسميه قلم الحسنات، وهذا لأنك ستعطيه لمن نسى قلمه أو ضاع منه، وتأخذه بعدما تنتهى الحصة. وكم فرح ابنى بتلك الفكرة.. وزادت سعادته بعدما طبقهًا عمليًا، لدرجة أنه أصبح يحمل فى حقيبته قلمًا يكتب به، وستة أقلام للحسنات.


والعجيب فى الأمر أن ابنى هذا كان يكره المدرسة ومستواه الدراسى ضعيف، وبعد أن جربت معه الفكرة فوجئت بأنه بدأ يحب المدرسة، وهذا لأنه أصبح نجم الفصل فى شيء ما، فكل المعلمين أصبحوا يعرفونه وزملاؤه يقصدونه فى الأزمات. كل واحد قلمه ضائع أو نسيه يأخذ منه قلمًا، وكل معلم يكتشف أن أحدهم لا يكتب لأن قلمه ليس معه فيقول أين فلان صاحب الأقلام الاحتياطية. ونتيجة لأن ابنى أحب الدراسة، بدأ مستواه الدراسى يتحسن شيئًا فشيئًا، والعجيب أنه اليوم قد تخرج من الجامعة وتزوج ورزقه الله بالأولاد، ولم ينس يومًا قلم الحسنات، لدرجة أنه اليوم مسئول عن أكبر جمعية خيرية فى مدينتنا.


مما لا شك فيه أن طريقة التربية وأسلوب التعامل داخل الأسرة هما الأساس المؤثر فى أخلاق الإنسان، وليكن قدوتنا فى ذلك هو رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، فهو القائل: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلى".
 

 

فلنتعامل بالرحمة، ولنحول المواقف السلبية، إلى مواقف تربوية ثمينة تترك أثرًا طيبًا لا يمكن أن يمحى. ولنعلم أن العنف والسباب وبذاءة الكلمات تؤدى إلى التدنى السلوكى والأخلاقى.. وأن الحكمة وإعمال العقل والطيبة المحمودة بلا تفريط، تؤدى إلى الرقى السلوكى والأخلاقى. ألهمنا الله العزيز الحكيم الهداية إلى كل ما يحبه ويرضاه.

الجريدة الرسمية