رئيس التحرير
عصام كامل

خطايا مرسي العشر وسؤال الإخوان عن الانقلاب


للإخوان خارطة سقطت بهم في منحدر وعزلت الرئيس.. تضاريس هذه الخريطة حملت خطايا ارتكبها الرئيس والجماعة.. هذه الخطايا هي التي عزلت الرئيس وليس الفريق السيسي.. الفريق عبد الفتاح السيسي حاول إيقاف هذه الأخطاء عندما عرض أن يرعى مصالحة وطنية ثم تحول لأداة لإيقاف خطايا الرئيس والجماعة بعد أن خرجت ملايين المصريين تطالب برحيله.



أول هذه الخطايا هي التخوين والاستكبار: فالرئيس والإخوان اعتبروا أن كل من يخرج عن طوعه هو خائن للإسلام.. فلولي أصيل.. ومتآمر.. فجعل الرئيس الناس يفتخرون بأنهم فلول ومتمردون.. كما أن الرئيس السابق محمد مرسي حصل على 51% من أصوات الناخبين في حين حصل مرشح الثورة المضادة أحمد شفيق على 49%.. غير أن الرئيس السابق لم يتعظ من فارق الـ 2% وتعامل على أنه يحظى بأغلبية ساحقة من الشعب المصري.. فاستكبر حتى على حزب النور – أقرب حلفائه - الذين نصحوه فلم يستمع.. ثم نصحوه ونصحوه ونصحوه.. ولما لم يجدوا منه سمعاً قرروا أن يقفوا مع من خرج في 30 يونيو لمصلحة شعب مصر فصاروا من الخونة الذين باعوا دينهم بدنياهم. 

خطيئة الاستخفاف: الرئيس والإخوان استخفوا بالناس بل وحقروا القوى السياسية والشباب.. وتعاملوا مع القوى السياسية على طريقة مبارك.. ولسان حالهم يقول: لا رئيس إلا الرئيس.. يموت الجميع ويحيا الرئيس.. وتناسى الإخوان أن الرئيس ليس له كاريزما سياسية.. وأنه عزل نفسه يوم أن خطب في عشيرته وجماعته أمام الاتحادية.

خطيئة التصنيف: استخدم الإخوان هذا الأسلوب لتصنيف الناس إما مع الإسلام والرئيس وصفوت حجازي وعاصم عبد الماجد ومن الحازمون أو من الخارجين من ملة الإخوان وملة الحازمون وبالتالي هم خارجون عن الإسلام ويحق سحقهم.. وربما كنت نصرانيا قبطيا أو شيعيا ووقتها فإن السحق وحده لا يكفي.

خطيئة العجز: لم يظهر الرئيس قادرا على التعامل مع الأزمات وظهر وكأنه سمسار صفقات.. مثل صفقة تحرير الجنود السبعة.. وحتى إذا كانت المؤامرات الكونية على الرئيس من الجركن وأصحابه وحودة وفودة والواد اللي بينزل سكينة الكهرباء هي السبب في ظهوره في شكل العاجز.. فكان أولى بالدكتور مرسي أن يلف نفسه بالتيارات السياسية جميعها بدلاً من أن يتشح بوشاح الجماعة وبحكومة هشام قنديل.. ومن العجز أيضا أن يصور الإخوان للناس أن الإعلام هو من أسقط الرئيس.. فالإعلام لم يستطع أن يمنع مرسي أن يكون رئيساً.. والإعلام لم يحاصر المحكمة الدستورية.. ولم يحاصر مدينة الإنتاج الإعلامي.. ولم يكتب خطابات الرئيس الفاشلة.
خطيئة الظل: فالرئيس ظهر بشكل جلي على أنه ظل الجماعة وكلمتها التي ألقتها للمصريين وأن الجماعة هي التي تحكم مصر وليس الرئيس.

خطئية النفاق: الإخوان نافقوا الرئيس ولم يقوموه بل جعلوه منزها عن الخطأ فيما ارتكبه من مصائب (مثل محاولة إعادة مجلس الشعب.. والإعلان الدستوري.. وحربه ضد المحكمة الدستورية والقضاء).. وعندما قال لهم المرشد والرئيس قولوا إن الرئيس له أخطاء.. خرجت رجال الإخوان يطنطنون ويزغردون في كل مكان أن الرئيس له أخطاء.

خطيئة افتقاد القدرة على التواصل: هذه على ما يبدو من الأسباب الرئيسية في انهيار شعبية الرئيس.. فالرئيس لم يكن يتواصل مع الناس لكن مع الأهل والعشيرة.. وعندما يخاطب الناس كان يخاطبهم بخطاب جماعة الإخوان المسلمين.

خطيئة استغباء المثقفين: من أكثر خطايا الإخوان سوءاً هي خطيئة إجبار الناس - والمثقفين تحديدا - على تصديق إكذوبة مشروع النهضة.. فمشاكل مصر الاقتصادية لم يكن ليحلها الرئيس مرسي بمشروعه الهش.. وكان عليك دائما أن تصدقهم حتى تتجنب أن يتم تصنيفك.. أما إذا كنت من المحظوطين فسيدعون لك بالهداية.. في حين يعرف الدكتور مرسي الذي زار ناسا أن النهضة لا ترتبط بالضرورة بمشروعه ولا بالمشروع الإسلامي فالدول المتقدمة لا تدين بالإسلام.

خطيئة القفز بين الدين والسياسة: فالإخوان يتمسحون في الدين عندما يرغبون ويتمسحون في السياسة ويبررونها دونما أن يكون للدين اعتبار.. أفلم يكن الرئيس يخجل من أن يطلب قرضا من صندوق النقد الدولي ويسوق شيوخ الجماعة والسلطة لتبريره بينما رفض القرض نفسه تحت قبة البرلمان لأن الربا حرام.. وبالطريقة نفسها برر الإخوان للرئيس قراره بطرح دستور غير توافقي على الشعب لأن ذلك من السياسة.. وضربوا الدين في مقتل عندما غضوا الطرف عن نفاق الرئيس الذي كرر أمام الناس أنه لن يطرح الدستور على الشعب إلا إذا اتفق الجميع عليه وقال: "هذا أمر منتهي وكررها مرتين"..

خطيئة تآكل الشرعية والشعبية: الرئيس ترك شرعيته تتآكل أمام عينيه.. وهوت شعبيته أمام عينيه وأعين الإخوان.. وهم مطمئنون إلى أن فترة السنوات الأربع ستتيح لهم أخونة الدولة.. الإخوان لا يعترفون بأن تصرفات الرئيس أدت إلى تآكل شرعيته وشعبيته.. وأن الرئيس وسع سلطاته وعبث بالحياة السياسية وبمؤسسات الدولة دونما أي نضج سياسي..

لو كان الدكتور محمد مرسي على ثقة بأنه سيحصل على 50% من أصوات الناخبين في أي انتخابات قادمة لوافق على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة أو لوافق على استفتاء على تجديد الثقة فيه ليسكت المتمردين.. ولأن الإخوان مستمرون في تصنيف الناس مع مرسي أو انقلابي خارج عن ملة الموحدين في رابعة العدوية.. فإنهم مستمرون في معصية جموع الشعب التى خرجت ضد الرئيس السابق. 

ثم يسألك الإخوان بعد كل هذه الخطايا إذا ما كنت تؤيد الانقلاب وإلغاء إرادة الناس؟ هذا السؤال تلقيته من صديق.. والإجابة أنني من الناس الذين انتخبوا الرئيس مرسي وخانهم يوم أن وضع طبيب الأمراض الجلدية ياسر على رئيساً لمركز معلومات مجلس الوزراء لأنه من أهل الثقة وليس من أهل الكفاءة.. فالعبد لله أحق بالمنصب منه وإن لم يكن يعرفني الرئيس.. ومن هم أحق مني ومن الدكتور ياسر على بالمئات.. العبد لله من الناس الذين سحبوا صوتهم من الرئيس لأنه لا يشرفني أن يمثلني من يستخف بالمصريين فيلخص مشكلة البنزين في الجركن والكهرباء في الواد اللي بينزل سكينة الكهرباء علشان 20 جنيها..

العبد لله واحد من الناس الذين يقول الإخوان عنهم إن الفريق السيسي ألغى إرادتهم – لكن الحقيقة التي يعرفها الإخوان لكنهم لا يستطيعون أن يمضغوها هي أننى – وكثير من الأصدقاء الذين صوتوا للرئيس مرسي – سحبوا أصواتهم من الرئيس وقعنا على استمارة تمرد أم لم نوقع عليها.

على الإخوان أن يتوبوا إلى الله بأن يتوقفوا عن محاولة إرجاع "خيال الجماعة".. وأن يندموا على ذنوبهم السياسية وأن يصالحوا المصريين وأن يعزموا على ألا يكرروا خطاياهم السياسية مرة أخرى.. وأن يعقدوا النية على أن يعودوا لشعارهم القديم "مشاركة لا مغالبة" بعد أن كانت "مغالبة ورئاسة ومن بعدنا الطوفان".. ذلك أزكى لهم إن كانوا يفقهون في السياسة.. فليكظم الإخوان غيظهم ويتذكروا بأن الله يحب المحسنين.. فإذا كانت السلطة وكرسي الرئاسة هي من كرّه الناس في الإخوان.. فلماذا يتمسكون بها إن كانوا من المؤمنين وأحسبهم كذلك.

الجريدة الرسمية