رئيس التحرير
عصام كامل

“عمال الغرابيل.. حفاة على جسر من ذهب”.. الأمراض والزواحف السامة وقسوة الجبال أبرز الأخطار.. وتقنين العمل حلم طال انتظاره | فيديو وصور

مكان اقامة عمال غرابيل
مكان اقامة عمال غرابيل الذهب

"زواحف سامة وسيارات متهالكة وطرق وعرة ومطاردات أمنية وتهديد بالحبس والغرامة"..  معاناة يتكبدها العاملون بمجال غرابيل الذهب حتى أطلق عليهم "حفاة على جسر من ذهب".. شباب اتخذ من الطرق الوعرة بين سلاسل جبال قنا والبحر الأحمر مسلكا للبحث عن لقمة العيش. 

 

"فيتو" في تلك السطور ترصد لكم معاناة هؤلاء العاملين بهذا المجال وأهم مطالبهم لتقنين أوضاعهم.

السيارات المتهالكة

يستعدون للرحلة في الساعات الأولي من الصباح تنقلهم سيارات متهالكة في طرق وعرة بعيدة عن أعين الأمن ويستغرقون ساعات طويلة حتى الوصول إلى مخيم المبيت.. بتلك الكلمات بدأ "م.ع.و" البالغ من العمر 28 عاما، والذي يؤكد أن لقمة العيش هي السبب في العمل، بذلك المجال المحفوف بالمخاطر الذي نهايته قد تكون السجن أو الموت.

وأشار "صابر.م.ع" البالغ من العمر 30 عاما إلى أنه يعمل في تلك المهنة منذ عدة سنوات، واضطر للعمل بها ليوفر معيشة كريمة له ولأسرته وخوفًا من السفر إلي الخارج والغربة قائلا “فضلت الموت في بلدي وسط الجبال أفضل من الموت في بلدان أخرى”، منوها بأن العمل مقتصر على غربلة الذهب من التراب في الجبال، مستخدمين بعض الآليات والغرابيل اليدوية في عملية التنقية، وقال: “هذا العمل يستغرق أياما نظل فيها محبوسين بالجبال دون توفير أي حياة آدمية”.

عمال الغرابيل: "مس بنستحمى بالشهور عشان نوفر المياه"

واستطرد "ياسر.م.ن" البالغ من العمر 25 عاما، قائلا: إنه التحق بالعمل مع عمال المهنة مثل كثير من شباب البلدان المختلفة فى قرى ونجوع الصعيد، لافتا إلى أنهم يظلون بلا استحمام لأيام، وقد يصل البعض إلى شهر توفيرا للمياه "وحتى في ظل أزمة كورونا لا نستطيع فعل ذلك.. لا نستطيع الاستحمام أو نكتفي في الحمامات بالطريقة البدائية للأسف ونظل لأيام من غير مياه، ونكتفي بالتيمم حفاظا على نقاط المياه، فنحن نخزنها في جراكن كبيرة وحتى الملابس التي نستخدمها رثة وتصبح هكذا في أحيان كثيرة".

فروا من أضواء المدينة لظلام الجبل  

تشبه مخيمات عمال الغرابيل، اللاجئين الذين يقفون على الحدود في دول عدة ينتظرون الفرج والدعم من الدول الصديقة، ولكن عمال غرابيل الذهب ينتظرون الفرج من رب السموات. 

 

وقال "يحي.ب.ه" البالغ من العمر 31 عاما: المخيمات من القماش ولا تقي من برد أو حر في فصلي الشتاء أو الصيف، فنحن في كثير من الأحيان نضطر إلى المبيت في العراء سواء تلك المخيمات غير الآدمية أو السيارات التي تقلنا لساعات طويلة حتي نصل للمكان المخصص لنا، نحن نظل لأيام  وأشهر في بعض الأحيان نواجه البرد القارس والحر الشديد ".

كورونا تجاورنا والزواحف السامة تقتلنا

وعن الزواحف السامة سواء عقارب أو الثعابين بمختلف أنواعها قال "صبري.م. ش" البالغ من العمر 35 عاما: الجبال مليئة بالزواحف السامة القاتلة فنحن نجد العقرب الأسود الجبلي تحت الغطاء الذي نستتر به وأحيانا داخل ملابسنا، ونلجأ في كثير من الأحيان إلي الطب الشعبي للعلاج وفي بعض الأوقات يتوفى المصاب نتيجة عدم تحمله الأعراض التي تصاحب اللدغ من تلك الزواحف السامة.

وأكد "صبري"  أن المصاب يحتاج إلي وقت في نقله إلي أقرب مكان إسعاف وبالطبع حال دخوله أي مشفي قد نسأل قانونيا عن مكان إصابته ونتعرض الى "سين وجيم" ولذا نفضل الانتظار ليكتب للمصاب الحياة أو الموت خاصة في ظل أوضاع كورونا. 

 

ويطالب الشباب بتقنين أوضاعهم ودفع ضريبة، خاصة أن ما يتعرضون له لا يساوي كل هذا العناء والمطاردات.

 

وقال "شاكر.م.ع"البالغ من العمر 33 عاما: نحن مطاردون في كل حياتنا وإذا توفر لنا العمل في بلادنا ما كنا تركنا حياتنا بالمدينة وفضلنا حياة الجبل. نحن نعيش حياة غير آدمية ومعرضون للموت أو مهددون بالحبس بسبب هذا العمل.. نأمل أن يسمع المسئولون أصواتنا بتقنين الأوضاع وفرض ضريبة شهرية علينا بحيث يكون وضعنا مقننا ولا نتعرض للحبس أو الإيقاف.

وأضاف "سليمان.م.و" البالغ من العمر 40 عاما: أننا نعمل في جبال واماكن لا تصلح اساسا ان تكون مصانع او مناطق جذب استثماري فهذه أماكن يطلق عليها كده بالبلدي "بالحبة أو اليمة " وتركها للشباب والعاملين البسطاء بشكل مقنن يفيدنا ويفيد الدولة في ذات الوقت ويكون دخل لهم ولنا خاصة أن متوسط دخل العامل ما يقرب من 100 جنيه يوميا،جراء العمل في أجواء وعرة وكم الأتربة التي نستنشقها كفيلة أن تصيبنا بالعديد من الأمراض التي تسبب وفاتنا أو العيش بالعلاج كحال الكثير منا.

 

“عمال غرابيل الذهب حفاة على جسر من ذهب”.. هكذا يطلق علي عمال غرابيل الذهب بحد قول العم " شمندي.ص.ط" البالغ من العمر 60 عاما حيث قال: أملنا في الدولة أن تمنح الشباب رخصة عمل في تلك المناطق ، ويكون العمل تحت اعينها بدلا من المطاردات والتعب والعناء الذي يتحمله الشباب المسكين الذي هرب إلي ظلمة الجبل ليحيا حياة غير آدمية للحصول علي "فتات الذهب" فما يتم استخراجه لا يصلح لمستثمر أو صاحب مصنع ولكن بالنسبة للغلابة لقمة عيش حيث ينتظرون أشهر للعودة لبيوتهم.

وطالب "شمندي" الدولة بأن تقف مع العاملين في هذا المجال وأن تكون الاستفادة للجميع ويحصل الكل علي حقه ويتساوي الكل وقال: افتحوا لهم الطريق. محدش عنده مانع تقننوا الوضع ويشتغل ويفيد ويستفيد  من هذا العمل ويكون تحت أعين الدولة وبطريقة مقننة  حتي لا يخسر الكل.. العديد من العاملين يتم دهسهم تحت عجلات تلك المهنة التي لا يعرف الكثير عنها شيئا، ولم يرصد أحد معاناة من يعمل بها والأمراض والأخطار التي يتعرضون لها جراء هذا العمل ".

الجريدة الرسمية