رئيس التحرير
عصام كامل

الجيش ينقلب على "لو"


لا أقبل اتهام "مؤسسة الجيش" بالانقلاب على جماعة الإخوان وتنظيمها الدولى ومندوبها في جهاز الرئاسة، والزاعمون بأن الرئيس المنتخب "شرعى" لا يقرأون حدثًا سياسيًا معاصرًا له تفسيرات مغايرة بعين المؤرخين الرافضين لكلمة "لو" فيما يكتبون عن المشهد بعد عقود من انقضائه.


خط المواجهة الأخير مع الجماعة التي سطرت "تاريخا" خاصا لتنظيمها على حساب الأمن القومى والمجتمعى للمصريين، لبى النداء الشعبى وتعاطى مع الرابط المشترك بين يناير 2012 ويونيو 2013 وهو شعار "الثورة مستمرة"، لذا ظلت الجماعة بعد مخطط الأخونة المتسارع داخل دواوين الدولة على عجل من أمرها تجاه تفتيت الجيش، بجره إلى معارك تُسقِطَ كبرياء قياداته وجنوده.

ولأنك أمام ببغاوات لا تملك إلا تكرار ما يردده أسيادها من مفاهيم انتهازية، لم ينتبه متهمو الجيش بالانقلاب إلى مولد فكرة "الرقابة الشعبية" التي كانت الجماعة أولى ضحاياها، بعد خطواتها في السلطة المستهدفة تفتيت الدولة واستعباد شعبها وبيعه في أسواق النخاسة والجوارى، راجع ما قاله "الشرعى المنتخب" لزوجات الضباط المختطفين بسيناء "نزوجكم من عندنا"، أو كيف تعامل مع قضية الجنود المفرج عنهم دون ملاحقة خاطفيهم.


ولأنك أمام "مؤسسة" وطنية خالصة، تعاملت قياداتها مع المشهد الثورى والسياسي بحنكة وذكاء، وفى وجود جماعة لا تنقصها إلا محاكمة عاجلة لقياداتها بتهمة "الغباء السياسي"، استطاعت أن تقدم نفسها شريكا في حركة مجتمع تنتصر فيها لأبنائه على الجماعة في معركة "الديمقراطية" بما تحمله الكلمة من حقوق وحريات غير منقوصة، فيسمى الحمقى موقفها "انقلابا"، رغم مدنية الرئيس المؤقت ووزارة الكفاءات الوطنية المنتظرة، و"تسلح" ميليشيات "المنتخب" وإجرامها بحق الشعب قبل وبعد طرده.

راجعوا عامًا من حكم الجماعة بتفاصيل ساعاته، وراقبوا جرائمها الإرهابية المتكررة بحق المصريين وجيشهم وشرطتهم، والتفجيرات المستمرة لعصاباتها المرتزقة، ثم سلوا أنفسكم: هل تدخل الجيش طرفًا في صراع على السلطة؟ أم لنصرة الديمقراطية والشرعية الثورية القائمة على إرادة شعب يفقد وطنه وأمنه القومى لصالح التنظيم؟

أي حكم كانوا يطلبون أن تصبر عليه جماهير جائعة متعطشة للخبز والأمن والكرامة، بينما مندوبهم المطرود من جهاز الرئاسة يتهدد بخطوات عملية أمن مصر القومى، شرطتها المستهدفة.. رجالها عبر جماعات الإرهاب والتطرف المخلى سبيل قياداتها وزعاماتها وأفرادها بقرارات "المنتخب"، شلاتين وحلايب المعلن عودتها إلى السودان بوعد "الشرعى".

أي صبر يطلبونه لثلاث سنوات باقية في مدة حكم "القادم بالصندوق"، وحدودنا الغربية منتهكة من قبل عصابات التهريب المنتهية مواكبها عند حليفته حماس، وقودنا المدعم المهرب بفعل فاعل إلى ذراع جماعته في الأراضى المحتلة لتحصل قياداتها على "كارتة" مرورها إلى عملاء جدد، أموالنا المنهوبة المهربة في الداخل والخارج والمصالحات المشبوهة لحكومته عليها، الدعم المتراجع لسلع يتسولها فقراء، حرمان غير المنتمين لجماعة "المنتخب" من تقلد الوظائف العامة والقيادية وقصرها على أعضاء التنظيم وأصحاب الفضائح، وتقديم "فخامته" المناصب الشرفية للأفاقين ومرتزقة موائد الحوار الهزلى.

يا سادة.. خطوة الجيش المنتصر لـ"الديمقراطية" و"الشرعية الثورية" وخروج 32 مليون مواطن متهم بالكفر، تدحض مخاوف المصريين من مطامع عسكرية في الحكم، خاصة بعد أن حمل الجماعة السلاح وإراقة دمائنا وضرب منشآتنا وممتلكاتنا، لتؤكد أن قضيتها "السلطة" وليس "الديمقراطية".

إجراء الجيش سبق به السيسى ورفاقه مؤرخين لا يستطيعون استخدام كلمة "لو" في سطر واحد من كتاباتهم بعد عقود، عن ثورة مصر التي سُرقت بحضور "المنتخب" المحكوم بأمر "المرشد"، ليصحح مسارًا ويسطر تاريخا مختلفًا لشعب يستحق ما هو أفضل من جماعة دموية، جماعة سينتصر التاريخ لجيش وطنى وقف بوجه إرهابها وميليشياتها المسلحة إلى جوار شعبه الأعزل وثورته السلمية الثانية، قبل عقود من بكائية مؤرخين يتطلعون إلى دوره بـ"لو".
الجريدة الرسمية