رئيس التحرير
عصام كامل

«الحلنجي».. حازم صلاح أبوإسماعيل

فيتو

"الحلنجي".. باتت صفة تطلق على كل من يقول ولا يفعل، مرادفها هو "الكاذب".. لكن في عالم السياسة وفقًا للمعطيات التي تكون بيدك أو المعلومات التي تدركها يجب أن تكون "حلنجيا" حتى تستطيع أن تحشد الأنصار وتتحول إلى "مهيج" للجماهير، وتكون قادرا على حشدهم كالقطيع في أي وقت.. هذه لغة السياسة التي يعترف بها العالم بأكمله، وفي مصر كم من "حلنجي" بارع استطاع أن يرسم لنفسه مكانة عالية في أوساط السياسة.

لكن خلال الأعوام الثلاثة الماضية يستحق الشيخ "حازم صلاح أبوإسماعيل" أن يحصل على لقب السياسي الأبرز.. ولو كان هناك جائزة عالمية للحلنجي لحصل عليها الشيخ دون منازع.

فهو الأقدر على حشد الأنصار بتصريح مقتضب منه أو بإشارة من إصبعه الصغير، ليس ذلك فحسب، بل إنه السياسي الوحيد في العالم الذي استطاع أن يحشد أنصاره مرارا وتكرارا ويتركهم وحيدين يواجهون المجهول، فتارة نجد هاتفه المحمول "فصل شحن" وبحث عن الشاحن ليتواصل مع أنصاره إلا أنه لم يستطع العثور على "الشاحن"، وتارة أخرى تجده يدعو للتظاهر ويطلب من أنصاره الاحتشاد، ثم يتبرأ منهم!

أبو إسماعيل يصر دوما على البقاء في الصورة مهما كلفه ذلك الأمر، لكن للأسف فالرجل لا يدفع ذلك من حسابه، بل يصر على دفع فاتورة وجوده في دائرة الضوء على حساب أنصاره، الذين يتركهم دون حماية تذكر، ويتخلى عنهم وقت الجد انتصارا للمقولة الرائجة "الجري نص الجدعنة"، وتطبيقا لمقولة "إن كانوا كتير اضرب صاحبك".

فالرجل دوما "خارج نطاق الخدمة" وقت الجد، يستغل أنصاره ويتركهم عرايا الصدور ويتبرأ منهم إن لزم الأمر.

آخر كلمات أبوإسماعيل التي صبت مزيدًا من الزيت فوق النار وزادتها اشتعالا هو رد الرجل على دعوة الفريق عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع للجميع بالالتفاف حول مصلحة مصر والحفاظ على أمن الوطن، فقد اعتبر هذه التصريحات فيها نوع من الرعونة قائلًا إن تصريحات الفريق أول عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي هي «عربدة بالغة واعتداء صريح وصارخ».

وأضاف أبوإسماعيل عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»: "تصريحات السيسي مقدمة لا يقبلها ذو كرامة ولا احترام لانقلاب وإجهاض كامل لكل ما تحقق لهذا الشعب من حد أدنى عبر السنتين الماضيتين".

وتابع: "كلمات السيسي تسبيق وإثبات عليه بما سبق أن قلناه عنه من قبل وعن موقفه وتصريحات أمريكا بهذا الشأن، وواضح جدًا لما سكت الناس له (السيسي) عن تصريحاته التي قالها منذ 4 أيام فإنه طور كلماته إلى ما هو أفدح وأبشع، لذلك لابد أن يجد من يردعه عن هذا التجاوز البشع غير المسبوق في تاريخ مصر، ولا شك أن هذه هي قضية اللحظة الراهنة دون أدنى شك وقبل خروج الأمر عن نطاقه".

وأنهى «أبوإسماعيل» تهديده ووعيده قائلًا: "دون أدنى شك فإن توزيع الأدوار بتصريحات الجيش من ناحية، والشرطة من ناحية أخرى، تصفق معا، والمعارضون من جهة ثالثة، هذا التناغم البديع بينهم يستدعي ما لم يكن مستدعى من قبل".

والشيخ محمد حازم صلاح أبوإسماعيل، مولود في (16 يونيو 1961" رجل قانون ومتحدث في الفكر الإسلامي والشئون السياسية، له دراسات دستورية وقانونية، وأبحاث تخصصية في علوم التربية والإدارة والاقتصاد على مدى 25 سنة، فضلًا عن العلوم الشرعية. 

بعد سقوط نظام حسنى مبارك يوم 11 فبراير نتيجة ثورة 25 يناير 2011، يقول أبوإسماعيل إنه وجد الرؤى المطروحة على الساحة ما هي إلا أفكار متناثرة وليس مشروعًا متكاملًا لبناء دولة بمنهجية ورؤية شاملة فقرر عرض رؤيته كمرشح للرئاسة بمرجعية إسلامية واضحة.

وكان يرى أن الشخصيات المترشحة للرئاسة هي شخصيات مصنوعة إعلاميًا ويرى ضرورة أن يكون المرشح واضحًا ويتجنب أسلوب التمييع في الكلام ويكون منتميًا لنسيج الشعب وهويته الإسلامية ويرى أنّ من ضمن شروط المرشح أيضا أن يكون قد تغلغل في وزارات وهيئات الدولة ويعلم طرق التحايل على القانون التي كانت تدار بها المصالح الحكومية من مستوى ديوان رئاسة الجمهورية حتى أقل مستوى حتى يستطيع وضع خطط وإجراءات محكمة لمنع هذا التلاعب.

المعروف أن أبوإسماعيل كان أول المبادرين لعقد اجتماعات عاجلة بين مرشحى الرئاسة لبحث أزمة الخلاف الكبير في كثير من القضايا بين مختلف التيارات والقوى والأحزاب السياسية من جهة وبين المجلس العسكري الحاكم من جهة أخرى، وكان عدم استجابة المجلس لهذه المطالبات وعدم وفائه بتحقيق أهداف الثورة سببا رئيسيا في مطالبة حازم أبوإسماعيل بعد هذه الاجتماعات بإجراء فورى للانتخابات الرئاسية بعد البرلمانية وقبل وضع دستور للبلاد لإنقاذ الوطن من الوضع المتردى أو الالتفاف على مطالب الشعب، وكنتيجة لعدم استجابة المجلس أعلن أبوإسماعيل نزوله ميدان التحرير يوم 28 أكتوبر ودعوة الآلاف من المصريين لمليونية يوم 18 نوفمبر 2011 للمطالبة بتحديد جدول زمنى لنقل السلطة.

وبعد إعلان المجلس العسكري استمراره في الحكم إلى منتصف 2013 بدلا من الوعد الذي قطعه على الشعب بعد توليه السلطة في يناير 2011 باستمراره 6 أشهر فقط ومحاولة المجلس العسكري إقرار مبادئ فوق دستورية تضع مميزات له مثل عدم مراقبة ميزانيته وعدم إقرار أي قوانين تخصه وأنه هو الذي يعين اللجنة التي تضع الدستور دون استفتاء من الشعب ونتيجة لتجاهل المجلس العسكري للمطلب الشعبي واستخدامه للعنف المفرط في التعامل مع المتظاهرين واندلاع أحداث محمد محمود بالتحرير دعا حازم أبو إسماعيل للاحتشاد والضغط الجماهيرى، مما أدى لإعلان المشير حسين طنطاوى بتبكير انتخابات الرئاسة قبل يوليو 2012.

تقدّم أبوإسماعيل للترشّح لانتخابات الرئاسة 2012 مؤيدًا من 152،835 ناخبًا و47 نائبًا منتخبًا بمجلسى الشعب والشورى، لكنه استُبعد بعد أن اتضح أن أمه تحمل الجنسية الأمريكية.

رفع حازم صلاح أبوإسماعيل قضية مستعجلة ضد وزارة الداخلية والخارجية المصرية واللجنة العليا للانتخابات الرئاسية وحصل على حكم قضائي من المحكم الإدارية بعدم ازدواج جنسية والدته وإلزام وزارة الداخلية باعطائه مستند من واقع سجلاتها بما يفيد ذلك إلا أن اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية قررت في 14 أبريل 2012 استبعاده من سباق انتخابات 2012 بعد أن ثبت للجنة من المستندات المرسلة لها من الخارجية الأمريكية حصول والدته نوال نور على الجنسية الأمريكية منذ 25 أكتوبر 2006 وحتى وفاتها في 15 يناير 2010، مما ينتفي معه شرط أصيل من الشروط الواجب توافرها في رئيس الجمهورية بنص المادة 26 من الإعلان الدستوري. 

وقد رد حازم صلاح أبوإسماعيل على هذا القرار بأنه شرخ في البنيان القانوني والدستوري للدولة فكيف تصدر اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية قرارًا يعارض الحكم الصادر بحقه وهي ليست لجنة قضائية بحكم القانون بل لجنة إدارية مشكلة من قضاة، وخاصة أن نفس الورق المقدم لها هو نفس الورق المقدم للمحكمة وقد علقت المحكمة على هذا الورق بأنه غير صادر عن ذي صفة وأنه ورق لا يلقي له بالًا وتصريح محامي الدولة بأن مشكلة حازم صلاح أبوإسماعيل مع الخارجية الأمريكية وليست الخارجية المصرية.
الجريدة الرسمية