رئيس التحرير
عصام كامل

مهرجان النقابة

على طريقة مطاردة الساحرات في العصور الوسطى، وبدعوى حماية الذوق العام، قامت نقابة المهن الموسيقية بمطاردة جديدة صوب أغاني المهرجانات وهي ليست "رجس" من عمل الشيطان وجب منعه إنما موسيقى تحظى بانتشار واسع وشعبية طاغية بين مختلف الطبقات الاجتماعية.. صنعها أبناء الأحياء الفقيرة كأداة تعبير عن مشاعرهم وظروفهم وحياتهم، ليتردد صداها لدى أبناء الطبقة الوسطى وأثرياء المجتمع.

 

يتمثل الخطأ الرئيسي في هذه الأغاني في رداءة جودة الكلمات وسوء اختيارها في أحيان كثيرة، فإذا احتوت أي أغنية على ألفاظ مسيئة أو كلمات خارجة، فإن هناك قوانين تعاقب المطرب الذي أداها بينما اللحن لا يمكن وصفه بالمسيئ أو المستحق للعمل على منعه، كما أن الحرية مكفولة للجميع في تحديد نوعية الموسيقى التي يستمعون إليها.

 

لا تروقني معظم أغنيات مطربي المهرجانات أو محاولة تصدير أصحابها كنماذج يمكن للشباب الاقتداء بهم، بل على العكس أجد معظمهم نماذج سلبية، جاءت من خلفيات ثقافية وأخلاقية واجتماعية متدنية، ولكن هذا لا يتنافى مع اندهاشي من محاولة البعض وضع إطار ثابت للفن، والأخلاقيات، والمثل العليا، والمبادئ، والقيم من واقع معاييره الخاصة. 

ومع الفارق الكبير في القيمة الفنية، فإنه قبل عقود منعت نقابة المهن الموسيقية الفنان حميد الشاعري لاعتماده على أجهزة موسيقية إلكترونية فلم يؤثر المنع إنما استمرت موسيقى حميد الشاعري ونسينا القرار ومن أصدره.

 

 

يظل من حق مطربي المهرجانات تقديم المحتوى الفني الذي يرغبونه وينتظره جمهورهم طالما التزمت هذه الأغنيات بتقديم كلمات غير مسيئة.. وعلى الجميع أن يتذكر أن الذوق العام لا ينتظر قرارات مختومة أو توقيعات رسمية لكي يتشكل بل تتم مواجهة الفن الردئ بالفن  والإبداع المتميز، وعلى الجمهور الاختيار النهائي لما يفضله، مثلما يظل دور الدولة هو دعم الفن الراقي في مواجهة الإسفاف عوضًا عن تركيز جهودها في مطاردة الساحرات.

الجريدة الرسمية