رئيس التحرير
عصام كامل

"السرقة" سر ثورة الشعب


كمشاهد لإسقاط الحكومة التي تقودها جماعة الإخوان المسلمين والتي يرأسها "محمد مرسي"، هناك سؤال يثير اهتمامي بشكل كبير: "هل نحن في يوم من الأيام سننظر إلى الوراء في هذه اللحظة كبداية لاستعادة الإسلام السياسي؟".


لا أعرف الإجابة عن هذا السؤال، لكن من قراءتي للصحف وبعد زيارتي إلى كل من مصر وتركيا وبلدان الربيع العربي خلال الأسابيع الماضي، يمكنني القول: لقد رأيت تمرد الوسط غير الإسلامي. لقد رأيت تمرد العلمانيين والشباب المتحضر في تركيا ضد حزب البناء والتنمية. رأيت حزب النهضة الإسلامي في تونس أجبر من قبل الناخبين على حل وسط مع الأحزاب العلمانية في كتابة دستور جديد للبلاد. ومنذ عام رأيت ائتلافا يقوده أستاذ علوم سياسية تلقى تعليمه في الغرب ويفوز على منافسه في انتخابات حرة ونزيهة.

إنه من السابق لأوانه القول بأن حقبة الإسلام السياسي انتهت، لكن حتى الآن يمكننا القول إن الوسط السياسي المعتدل بدأ بالدفع مرة أخرى نحو هذه الأحزاب الإسلامية وإن المواطنين في جميع أنحاء المنطقة يشعرون بمزيد من التمكن. والحقيقة أن نكسة الإخوان في الإطاحة برئيسهم من سدة الحكم تضع عبئا كبيرا على أن الجيش مجبر على ضرورة التصرف بطريقة أكثر ديمقراطية من هؤلاء الذين حل محلهم. لكن يبقى التساؤل: ما الذي أوصل مصر إلى هذا الوضع، ومصر تمضي إلى أين؟

من الأفضل بدلًا من التساؤل "هل ما حدث بمصر ثورة شعبية من جانب المصريين أم انقلاب عسكري من جانب وزير الدفاع "عبدالفتاح السيسي"، يجب التركيز على لغة القانون والنظام.

من المعروف أن الرئيس "محمد مرسي" فاز بفارق ضئيل في الانتخابات الرئاسية الماضية لأنه تمكن من إقناع العديد من المصريين العلمانيين بالفكر الإسلامي الحديث وأنه سيساعد كثيرًا على اقتصاد مزدهر، فضلًا عن عدم رغبة الكثيرين في التصويت لمنافسه "أحمد شفيق" الذي اعتبروه أحد رموز النظام السابق، لكن تدريجيا بدا من الواضح أن "مرسي" يتصرف بشكل غير لائق بمصر ما بعد الثورة، حيث سعى مع جماعته إلى الاستيلاء على مزيد من السلطة وهو ما جعل فئة كبيرة من الشعب المصري تشعر بالغش من جانب الرئيس المنتخب، ورأوا أنه وحزبه سرقا شيئا قيما، وهو فرصتهما في وضع مصر على المسار الحقيقي للديمقراطية.

وشعر شباب ثورة يناير 2011 الذي أطاح بالرئيس السابق "حسني مبارك" بأن ثورتهم قد سرقت وأنه لا مجال لهم في مصر الجديدة في الوقت الذي شاركهم فقراء الريف والحضر بحالة من الاستياء والغضب لتنفجر هذه التظاهرات الشعبية التي أصرت على الإطاحة بالرئيس "محمد مرسي".

وفي النهاية أؤكد أن مصطلح أو فكرة "السرقة" و"الاغتصاب" هو كلمة السر وراء سقوط حكم الإخوان بعد عام واحد من اعتلائهم كرسي الحكم.
الجريدة الرسمية