رئيس التحرير
عصام كامل

صقيع البرازيل يهدد التموين بتكرار أزمة اختفاء السكر.. وارتفاع في الأسعار العالمية

السكر
السكر

«من الخبز إلى السكر.. تتوالى الأزمات».. من هنا يمكن المضي قدمًا للحديث عن الأزمات المتلاحقة والملفات الشائكة التي طفت على سطح الأحداث داخل وزارة التموين والتجارة الداخلية، فبعد أسابيع قليلة من توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، للدكتور علي المصيلحي، وزير التموين، بالعمل على دراسة «تحريك سعر الخبز»، قبل تقديم دراسة وافية إلى مجلس الوزراء بمقترح السعر الجديد، شهدت أسعار السكر قفزات عالمية، بما يهدد بعودة أزمة اختفاء السكر التي ضربت البلاد عام 2016، حيث كان الحصول على كيلو واحد من السكر أمرا بالغ الصعوبة، ويتم بيعه في السوق السوداء بعد ارتفاع سعره إلى الضعف.

ارتفاع أسعار السكر
باتت أزمة ارتفاع السكر في الأسواق المحلية مرشحة للاستمرار خلال الفترة المقبلة، ومخاوف تسيطر على المواطنين من تكرار سيناريو أزمة السكر في 2016، وتعطيش الأسواق في حالة فشل وزارة التموين في السيطرة على الأسعار، ووفقا لآخر تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة «الفاو» لأسعار الغذاء، الذي أشار إلى ارتفاع أسعار السكر العالمية بنحو 1.8 نقطة (1.7%) عن مستواه في يونيو الماضي مسجلًا، رابع زيادة شهرية له على التوالي، وأعلى مستوى له منذ مارس 2017. 


وأرجع تقرير «الفاو» ارتفاع الأسعار الدولية للسكر بسبب التأثر بموجات الصقيع التي أصابت غلال المحاصيل مؤخرًا في البرازيل، المصدر الأكبر للسكر في العالم، والمتأثر سلبًا جراء الظروف المناخية الجافة المطولة، كما ساهم ارتفاع أسعار الزيت الخام إلى لجوء البرازيل لاستخدام قصب السكر في إنتاج الإيثانول.


وداخليًا قفز سعر طن السكر في مصر، حيث بلغ في سوق الجملة 9200 جنيه بزيادة ألف جنيه تقريبا مقابل 8100 جنيه قبل الزيادة، ليتراوح سعر الكيلو للمستهلك حاليا ما بين 9.5 جنيه إلى 10 جنيهات، بعدما كان سعره يتراوح بين 7.5 جنيه إلى 8.5 جنيه.


في المقابل.. استغل كبار تجار السكر في مصر ارتفاع أسعاره عالميا في محاولة منهم لرفع سعره بالأسواق المحلية، ورغم أن هناك وفرة من السكر المعروض داخل الشركات، إلا أن البعض حاول ترويج الشائعات بين صغار التجار بأن الكميات على وشك النفاد، وأنهم مقبلون على أزمة لرفع سعر الطن، خاصة مع حلول مناسبة المولد النبوي الشريف، وارتباطه بإنتاج «حلاوة المولد». 


وفي هذا السياق طالب حسن فندى، عضو مجلس إدارة شعبة السكر والحلوى بغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، وزارة التموين بإعطاء تعليمات إلى شركاتها لطرح سلعة السكر بالأسواق، لحدوث توازن واستقرار بالأسعار حتى لا ترتفع دون مبرر.


وقال «فندي»: لدينا مخزون استراتيجي من السكر حتى مارس، ولا داعي لتحريك الأسعار في السوق المحلية، كما أن أسعار جميع الحلويات والعصائر وغيرها من المنتجات التي يدخل السكر في صناعتها شهدت ارتفاعًا في أسعارها. 

مخاوف الشركات
وكان قد عقد مجلس إدارة شعبة السكر بغرفة الصناعات اجتماعا طارئا منذ أيام لبحث مخاوف الشركات من توافر السكر في الأسواق خلال الأيام المقبلة، خاصة بعد ارتفاع أسعاره عدة مرات الفترة القليلة الماضية من 7400 جنيهًا إلى 9200 جنيه للطن، بعد أن تجاوز السعر العالمي حاجز 500 دولار للطن، وأسفر الاجتماع عن وجود تنسيق مع وزارتي "التموين" و"التجارة والصناعة"، لمتابعة احتياجات المصانع من السكر بشكل يومي، ورصد أي نقص في الكميات المعروضة بالسوق.


وطلبت الغرفة إتاحة الكميات المطلوبة للصناعة وطرح كميات إضافية في السوق، وإصدار تعليمات للشركات المنتجة للسكر بتغطية احتياجات المصانع، والتصدي لأي تجاوزات أو ممارسات تضر بالسوق بشكل عام.


وفي الوقت التي ترصد فيه وزارة التموين الارتفاع العالمي في سعر السكر، بدأت تتحرك نحو العمل على استقرار أسعاره بالسوق المحلي، ومحاولة منع احتكاره، والتصدي لرفع كبار التجار الأسعار داخل الأسواق، وطرحت هيئة السلع التموينية منذ أيام مناقصة جديدة لشراء 200 ألف طن سكر قصب خام من أي منشأ لحساب الشركة القابضة للصناعات الغذائية، ويمثلها شركة السكر والصناعات التكاملية. 


وأكد مصدر مسئول بوزارة التموين، أن «الوزارة تقف بكل حزم ضد محاولات بعض التجارة لرفع سعر السكر داخل الأسواق، وجاء قرار التعاقد كخطوة استباقية لاستقرار سعر السكر ومنع احتكاره أو تعطيش الأسواق الفترة المقبلة، كما حدث في أزمة السكر عام 2016». 

المخزون الاستراتيجي
المصدر ذاته كشف أن شركة السكر والصناعات التكاملية لديها مخزون استراتيجي يكفي حتى مارس المقبل، بخلاف موسم العصير الجديد الذي يبدأ في نهاية شهر ديسمبر المقبل، مما يؤدي إلى زيادة المعروض من السكر، مؤكدًا أن الوزارة ستطرح كميات كبيرة من السكر داخل المجمعات الاستهلاكية، وأن سعر السكر التمويني بـ8.50 جنيه، ويتم ضخ كميات كبيرة منه لتلبية احتياجات المواطنين من خلال الشركة القابضة للصناعات الغذائية، والتي تتحمل فارق السعر بين تكلفة الإنتاج وتكلفة التوزيع، مشددا على وجود احتياطي إستراتيجي من السكر يكفي حتى موسم الإنتاج المقبل.


من ناحية أخرى، تحركت شركة الدلتا للسكر، والتى قامت بالتعاقد على العروة المبكرة بمساحة 60 ألف فدان، حيث توجد عروتان أخريان، المتوسطة والمتأخرة، بإجمالى 120 ألف فدان للعروات الثلاث، تنتج نحو 320 ألف طن سكر، وهي نفس معدلات العام الماضي.


وأكدت الشركة أن أسعار السكر فى السوق تشهد استقرارا، وأنها أنتجت هذا العام كمية قدرها 316 ألفا و500 طن سكر، وتم التعاقد على توريد 200 ألف طن من مجمل الإنتاج للشركة القابضة للصناعات الغذائية التابعة لوزارة التموين، وكذلك للشركات التابعة لها ويتم تسليمها فى صورة دفعات شهرية حتى نهاية العام الجارى.


كما أشارت إلى تحقيق مصر اكتفاء ذاتى يقارب 90%، وأنتجت مصر هذا العام مليونا و800 ألف طن سكر من بنجر السكر، فضلا عن 900 ألف طن سكر من قصب السكر.


بدورها، أكدت الشركة النوبارية للسكر، تغطية ما يعادل 30% من الفجوة الغذائية لسلعة السكر للعمل على تحقيق هدف الاكتفاء الذاتي، ما يساهم فى خفض واردات الدولة من السكر بما يعادل 310 ملايين جنيه سنويًا، فضلا عن زيادة الصادرات من هذه السلعة والصناعات الثانوية، من خلال التعاقد على 65 ألف فدان لإنتاج نحو 1.3 ملايين طن بنجر، باستثمارات 15 مليون جنيه.


يشار هنا إلى أنه يبلغ حجم استهلاك مصر من السكر 3.2 مليون طن سنويًا منها 2.6 ملايين طن إنتاج محلى، ويتم تعويض الفارق من الاستيراد، وتحتوي مصر على 345 ألف فدان قصب، يوجه منهم نحو 245 ألف فدان لإنتاج السكر من خلال شركة السكر والصناعات التكاملية، ووصلت مصر لمساحة بنجر سكر توازي 640 ألف فدان، بينما من المتوقع أن ينتج هذا العام 1.7 مليون طن، بالإضافة إلى 900 ألف طن يتم إنتاجها عن طريق القصب، وهو ما يقرب من 2.6 مليون طن لتقليل الكميات المستوردة من الخارج.

الجريدة الرسمية