رئيس التحرير
عصام كامل

كيف ساعدت باكستان حركة طالبان في الاستيلاء على أفغانستان؟

عناصر حركة طالبان
عناصر حركة طالبان

بينما كانت حركة طالبان تجتاح أفغانستان، رأى العديد من الباكستانيين ذلك سببًا للاحتفال، وكانت المنظمات الإسلامية في العديد من المدن الباكستانية توزع الحلوى على السكان المحليين، فيما تحدث رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن فشل المجهود الحربي الأمريكي ومشروع بناء الدولة المجاور.

 

وكتب رؤوف حسن، المساعد الخاص لرئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، ”ساخرًا“ من تقييمات الخبراء الغربيين حول جنوب آسيا: ”أفغانستان تشهد حاليًّا تحولًا سلسًا تقريبًا للسلطة من حكومة أشرف غني الفاسدة إلى طالبان، وانهارت البدعة التي بنتها الولايات المتحدة من أجل أفغانستان مثل بيت الورق“.

حركة أصولية 

ووفقًا لصحيفة ”واشنطن بوست“ الأمريكية، ”أدلى خان نفسه بتصريح غريب خلال حدث أُقيم، الإثنين الماضي، في إسلام آباد، وتعليقًا على الأخطار الثقافية الكامنة في تعليم اللغة الإنجليزية للمجتمع الباكستاني والاستعباد العقلي الذي يتضمنه ذلك، بدا أنه يشير إلى حركة طالبان الأصولية كنموذج لتمكين الأصالة، وقال إن الأفغان كسروا أغلال العبودية“.

 

وحتى الآن، امتنعت حكومة خان عن الاعتراف بقادة طالبان الجدد كحكومة شرعية في كابول.

 

وذكرت تقارير إخبارية محلية، اليوم، أن ”رئيس الوزراء الباكستاني، والذي كان معارضًا صريحًا للحرب الأمريكية على الإرهاب في المنطقة ويلومها على تأجيج تمرد موازٍ لطالبان الباكستانية، أكد على أهمية تعاون جميع الأطراف على تأمين حل سياسي شامل“.

 

صراعات إقليمية 

ووصف خان وحلفاؤه باكستان بأنها ضحية لدورات من الاضطرابات والصراعات الإقليمية، والتي تفاقمت بسبب تدخلات القوى الأجنبية مثل الولايات المتحدة، وقال مستشار الأمن القومي معيد يوسف، خلال مقابلة هذا الشهر: ”لسنا مستعدين تحت أي ظرف من الظروف لرؤية عدم استقرار طويل الأمد والذي امتد فيما مضى إلى باكستان“، مضيفًا أن ”باكستان عانت طوال هذه السنوات الـ 40“.

 

ومن المرجح أن يُغضب مثل هذا الخطاب القادة الأفغان في الحكومة المهزومة والمدعومة من الغرب، والذين على مدى سنوات، أدانوا الدعم الذي تقدمه باكستان لحركة طالبان الأفغانية، لا سيما من قبل المؤسسة العسكرية في البلاد، وجهاز الاستخبارات التابع لها، المعروف باسم الاستخبارات المشتركة بين الأجهزة.

 

وفي يناير 2020، خلال اجتماع للمنتدى الاقتصادي العالمي، والذي حضره الصحفيون، سخر الرئيس الأفغاني أشرف غني من الادعاءات الباكستانية بأن حركة طالبان الأفغانية لم تعد تعمل من ملاذات آمنة في باكستان، وقال: ”يمكن القول أيضًا إن الأرض لا تدور حول الشمس“، مشيرًا إلى أن الادعاء لا يعني أن هذه هي الحقيقة.

 

ويعد تمرد طالبان الذي طال أمده، واستيلاؤه السريع على أفغانستان، مرتبطين بشكل وثيق بباكستان، فعلى مدار حوالي نصف قرن، زرعت باكستان عناصر مسلحة في أفغانستان كجزء من سعيها الإقليمي إلى ”التعمق الإستراتيجي“.

 

علاقات لوجستية 

وحافظت الفصائل التي اندمجت في حركة طالبان على علاقات لوجستية وتكتيكية واسعة النطاق مع الوكالات الباكستانية، في حين جاء العديد من مقاتليها من عالم الانتماءات العرقية والقبلية التي امتدت على جانبي الحدود الوعرة، ومكنت هذه الشبكات مؤسس تنظيم القاعدة الإرهابي أسامة بن لادن من العثور على ملاذ في مجمع سكني على مقربة من الأكاديمية العسكرية الرائدة في باكستان إلى أن قتلته قوات البحرية الأمريكية في غارة قبل عقد من الزمن.

 

وبالنسبة لحلفائها في المؤسسة الباكستانية، كانت جاذبية طالبان سياسية وتكتيكية على حد سواء، حتى في الوقت الذي كانت فيه باكستان حليفًا رئيسًا للولايات المتحدة خلال وبعد غزو أفغانستان في العام 2001.

 

وأشارت صحيفة ”فاينانشال تايمز“، إلى أن ”بعض الباكستانيين تعاطفوا مع الأيديولوجية المتطرفة للحركات الجهادية الإسلامية، في حين أراد آخرون استخدام الحركة لمواجهة نفوذ الهند، ووفقًا لتقرير صدر مؤخرًا عن المعهد الأمريكي للسلام، عاش قادة طالبان وأقاموا أعمالًا تجارية في باكستان وتم علاج المقاتلين الجرحى في مستشفياتها، كما تقيم شبكة حقاني، التابعة لطالبان، علاقة وثيقة مع جهاز المخابرات الباكستاني“.

 

وقال حميد غول، الرئيس السابق لجهاز المخابرات الباكستاني خلال مقابلة تلفزيونية في العام 2014: ”سيذكر التاريخ أن جهاز مع جهاز المخابرات الباكستاني هزم الاتحاد السوفيتي في أفغانستان بمساعدة أمريكا، ثم ستكون هناك جملة أخرى تقول: ”هزم جهاز المخابرات الباكستاني أمريكا بمساعدة أمريكا“.

 

ويبدو أن هناك الآن دعوات لاتخاذ إجراءات دولية أكثر صرامة بشأن باكستان من قادة الاتحاد الأوروبي السابقين إلى الأفغان على مواقع التواصل الاجتماعي، وكتبت الأكاديمية كريستين فير في مجلة ”فورين بوليسي“، هذا الأسبوع: ”لولا الدعم الاستخباراتي والعسكري الباكستاني المتواصل لطالبان، لكانت حركة طالبان مجرد مصدر إزعاج بدلًا من قوة قتالية فعالة“.

 

وأضافت: ”الولايات المتحدة رفضت بحزم القيام بالشيء الوحيد الذي كان بإمكانها القيام به منذ فترة طويلة وهو فرض عقوبات محددة الأهداف على أولئك الذين يرعون المتطرفين الإسلاميين في الدولة الباكستانية العميقة“.

الجريدة الرسمية