رئيس التحرير
عصام كامل

تهذيب الخطاب الإعلامي

ماذا يقول المذيعون بعد نشرة الأخبار؟ هذا السؤال شغلني كثيرًا في الصغر، فإذا انتهت النشرة وجمع مذيعاها أوارقهما.. ينقطع الصوت، وتبقى الصورة لثوان، وفيها نلمح بداية لحوار بين المذيعين، ثم تختفي الصورة، وددت لو ظل الصوت مفتوحًا لأعرف ماذا يقولان، هل يثني كلاهما على الآخر؟ أم أنه نقاش حول خطأ في القراءة أو خلل في ترتيب الأخبار؟ وهل المذيعان يتحدثان بعيدًا عن الكاميرا بنفس المثالية؟ ومع الوقت امتد سؤالي لمذيعي البرامج الحوارية، ماذا يفعل المذيع بعد نزول التتر على الشاشة؟ وهل يتعاملون في حياتهم العادية بنفس الطريقة المثالية التي يظهرون بها؟ 

الكاتب الصحفي الراحل محمود صلاح كان قد غير وجهته (مخيرًا أو مجبرًا) منذ عقدين ونصف إلى صفحة الإذاعة والتليفزيون بأخبار اليوم، وهو محرر الحوادث الأشهر، وفي فترة مسئوليته عن تغطية ماسبيرو (ولم يكن موجودا سواه) وجدته يجيب من خلال حوار له مع اثنين من مقدمي نشرات الأخبار عن ذلك السؤال الذي شغلني في الصغر.. ماذا يقول المذيعون بعد قراءة نشرة الأخبار؟

وعندما عملت في بداياتي محررًا تليفزيونيًا بجريدة الوفد.. حرصت على التفتيش في كواليس البرامج لأعرف الجانب الآخر من حياة المذيعين، ومع بداياتي في الوفد.. كانت بداياتي مع الإعداد الإذاعي والتليفزيوني، فتعايشت مع المذيعين واقتربت منهم وعملت معهم، كان وجدي الحكيم وإمام عمر ونادية صالح ونجوى أو النجا ومحيي محمود وسهير الأتربي ونجوى إبراهيم وغيرهم، كنت إذا جلست معهم أصغيت، وإذا عملت معهم تعلمت، وإذا تحدثت إليهم انتقيت مفرداتي، لا لهيبتهم.. ولكن اقتداءً بهم، ومع تلاميذ الكبار امتد عملي، وعلى دربهم سرنا جميعًا، اختيار مدروس للموضوعات، وانتقاء للمفردات، وورشة عمل يتم الاتفاق فيها ليس على ما يقال فقط.. ولكن على تفاصيل لغة الجسد أيضًا.

الخطاب الإعلامي لمذيعينا 

لماذا التذكير بالكبار ومن ساروا على نهجهم ؟ لأن الخطاب الإعلامي من بعض مذيعينا الذين يطلون علي الجماهير يوميًا يحتاج إلى تهذيب وتدقيق في اختيار المفردات، فالمذيع قادر على تمرير كل ما يريد قوله دون عصبية أو تطاول أو خدش للحياء، فإيماءة بالعين أو اليد أو حتى بالصمت.. قادرة على توصيل المعنى الذي يريده، لكن هذه اللغة التي لا موضع للكلام فيها لا يجيدها الكثيرون، أما الثبات الانفعالي للمذيع على الهواء فحدث ولا حرج.

 

أزمة العديد من مذيعينا تكمن في عدم إدراكهم خطورة الكلمة، هم يضعون نصب أعينهم هدفًا واحدًا هو إرضاء شخص أو جهة، ضاربين عرض الحائط بما دون ذلك، وطالما نبه الرئيس السيسي على ضرورة تلافي المصطلحات التي سببت حرجًا لمصر مع دول أو جهات.

المذيع زمان كان قدوة، وأزمة مذيعينا اليوم أنهم إذا لم تكشفهم عدم مهنيتهم ولغتهم المستخدمة في برامجهم.. تكشفهم تصريحاتهم ومنشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

في معركة الوعي.. يجب أن يعي المذيع أنه قدوة قولًا وفعلًا، وهو المرجعية لمن يبحث عن المثالية والمهنية.. لا عن قلة الأدب.

besheerhassan7@gmail.com

الجريدة الرسمية