رئيس التحرير
عصام كامل

إيمان البحر درويش.. مغني أم مونولوجست!

في البحار ألوان كثيرة فهناك الأبيض والأحمر والأسود.. أما الشعر فله بحور عديدة منها الطويل والبسيط والكامل.. أما أكثر البحار التي أثارت العواصف في الأيام الماضية فهو "البحر درويش"! وعلى طريقة دون كيشوت حينما قرر أن يحارب طواحين الهواء ظنًا منه إنها شياطين.. خرج الفنان إيمان البحر درويش في فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي يهاجم أعداء صنعهم في خياله.. متحدثًا عن اضطهاد يتعرض له منذ بداية مسيرته لمنع وصول فنه لجمهوره فهو يعتقد أن الموسيقار محمد عبدالوهاب حاربه لكراهيته لجده سيد درويش.. وتجار الكاسيت رفضوا أول ألبوماته..


ونظام مبارك منعه من الغناء في حفلات أكتوبر لمدة ثلاث عقود.. أما تقديره المبالغ لذاته يصل به أن يرى نفسه "أعظم فنان في العالم غنى لوطنه".. و"الأول على العالم غناءًا للوطن" وهي ألقاب اخترعها لنفسه ليبالغ في تعظيم مسيرته الفنية.. تصريحاته خلال الفيديو جعلت البعض يتساءل إذا كان هناك المزيد من التصريحات الكوميدية للفنان بدلًا من السؤال عن الجديد في إنتاجه الفني لنتناسي قليلًا دوره كمطرب ونبدأ في تصوره كمونولوجست قادر على روي النكات وإضحاكنا.

تخلل حديثه، الذي يمكن وصفه بالعجيب، آراء شخصية في الشأن العام.. ومن المؤكد أن للجميع الحق في إبداء رأيهم في مختلف القضايا العامة مهما اختلفنا معها لذا فإنني أؤيد تمامًا حرية وحق الفنان في طرح ما يراه بشأن أداء الحكومة في قضية سد النهضة أو غيرها من القضايا ولكن الفيديو لم يتعلق فحسب بما طرحه الفنان من آراء سياسية إنما امتلأ بأحاديث الفنان عن الاضطهاد الذي يتعرض له رغم كونه أعظم الفنانين، حسب قوله، وهو ما يوحي بأن انطفاء أضواء الشهرة عنه قد تسببت في إطفاء بعض الأنوار الأخرى في رأسه، فالرجل منذ نجاح أغنيته الشهيرة (أنا طير في السما) قبل عقود، لم يحقق أي نجاح لامع يمكن تذكره فيما يبدو إنه قد واجه سنوات طويلة من العزلة والانزواء الفني بتعميق إحساس داخلي زائف بالتفوق والنبوغ مخلوطًا بالاضطهاد والتآمر من الجميع ضده لمنع مواهبه من الظهور.

نصائح مخلصة
الإصابة بالمرض النفسي ليست إهانة لذا نأمل أن يوضح لنا متخصص إذا كان الفنان قد أصيب بالفعل بجنون العظمة أو شعور زائف بالاضطهاد بعد أن قرر التمرد على التفسير الواضح لغياب النجاح المبهر في مسيرته الفنية نتيجة محدودية قدراته ولكنه بدلًا من ذلك صنع عالم موازي يحكي خلاله عن الاضطهاد الذي لازمه منذ بداية مسيرته الفنية مانعًا بذلك تدفق إبداعه.

قرر الفنان خلال الفيديو أن يستعيد الأمجاد الفنية والتحليق مجددًا باعتباره "طير في السما" ولكن ليس للتحليق صوب سماء الفن إنما للتحليق في الأوهام!

على نقابة الموسيقيين أن تتدخل لمنع القضايا القانونية التي تطارد الفنان بعد نشره للفيديو.. فالرجل ليس في حاجة إلى دعوى قضائية تصل إلى منزله بل إلى طبيب نفسي ترسله النقابة للإطمئنان عليه.. لا داعي لإعطائه المزيد من الصدمات أو الإحباطات أو المآسي إنما تجاهل الفيديو بما احتواه من مغالطات مع تقديم الاحتواء الصادق له من جانب أسرته، وأصدقائه الفنانين، والمحبين له.. وهؤلاء ربما ينصحونه بعدم الظهور مجددًا أمام كاميرات السوشيال ميديا بطريقة تهينه أو تحوله إلى نكتة.
الجريدة الرسمية