رئيس التحرير
عصام كامل

بيرم وأبوالقاسم الشابي.. وليلة ظهر فيها القمر!

بعيدا عن كرة القدم فالعلاقات بين  مصر والعالم العربى رائعة عامة، ومع تونس أكثر من رائعة، تم اختيار عام ٢٠٢١/ ٢٠٢٢، ليكون "عام الثقافة المصرية التونسية"


الأربعاء الماضى نظم المجلس الأعلى للثقافة أولى الفاعليات لمائة فاعلية سيتم إقامتها خلال العام.

باشتراك الدكتور أيمن فؤاد أستاذ التاريخ الإسلامى، والكاتبة الكبيرة سلوى بكر، وفى حضور السفير التونسى، أدار الدكتور هشام عزمى الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة حوارا ثريا، شارك فيه عدد من الضيوف عبر رسائل مسجلة مثل السفير المصرى فى تونس والدكتور سعيد المصرى وأديبات تونسيات، كما شارك الدكتور صبرى سعيد رئيس قطاع الثقافة الخارجية وعدد من المهمومين بالشأن العربى، وأخشى نسيان الأسماء..

وقد بدأت الفاعلية بالسلام الوطنى للبلدين وقدم الأستاذ وائل حسين مدير عام المؤتمرات، البداية بفيلم قصير عن تونس.

أما مشاركتى فكانت من خلال الحديث عن تونس وهو حديث عن جزء من وطنى العربى، لإيمانى بأن حدودى من المحيط إلى الخليج، ثم أشرت إلى زيارة الرئيس التونسى قيس سعيد لضريح الزعيم جمال عبد الناصر، وهذه دلالة على توجه الدولة التونسية العروبى، وكانت هذه الزيارة بمثابة ضربة موجعة للإخوان فى تونس وتركيا وقطر، وأشرت إلى أن الحلم العربى والوحدة العربية ضرورة، فالمصير واحد كما أكد الدكتور جمال حمدان أن مصر والعرب واحد، هو مصير واحد.

روائع بيرم التونسي
وكان اقتراحى واضحا أن فعاليات عام الثقافة المصرى التونسى لابد أن تكون فى قرى ومراكز مصر، فى قصور الثقافة ومراكز الشباب. وكان لابد من الإشارة إلى العبقري بيرم التونسى، الرجل الذى اشتبك مع ملك مصر وعرض نفسه للنفي والسجن، لأنه شعر أنه يعيش فى وطنه، بل أصبحت كلماته أشبه بتراث شعبى، مثل حديثه عن المجلس البلدى فقال:

قد أوقعَ القلبَ في الأشجانِ والكَمَدِ
هوى حبيبٍ يُسَمّى المجلس البلدي
أمشي وأكتمُ أنفاسي مخافة َ أنْ
يعدّها عاملٌ للمجلسِ البلدي
ما شَرَّدَ النومَ عن جفني القريحِ سوى
طيف الخيالِ خيال المجلسِ البلدي
إذا الرغيفُ أتى، فالنصف ُ آكُلُهُ
والنصفُ أتركُه للمجلس البلدي
وإنْ جلستُ فجَيْبِي لستُ أتركُهُ
خوفَ اللصوصِ وخوفَ المجلسِ البلدي
وما كسوتُ عيالي في الشتاءِ ولا
في الصيفِ إلاَّ كسوتُ المجلسَ البلدي
كَأنَّ أٌمّي بَلَّ اللهُ تُربتها
أوصَتْ فقالت: أخوك المجلس البلدي
أخشى الزواجَ إذا يوم الزفافِ أتى
أن يَنْبَرِي لعروسي المجلسُ البلدي
ورُبَّمَا وَهَبَ الرحمنُ لي ولداً
في بَطْنِها يَدَّعيه المجلس البلدي
وإنْ أقمتُ صلاتي قلتُ مُفتتحاً
اللهُ أكبرُ باسم المجلس البلدي
أستغفرُ الله حتى في الصلاةِ غَدَتْ
عِبادتي نصفُها للمجلس البلدي

وهو من قال :
هتجن با ريت يا خوانا
ما رحتش لندن ولا باريز
دي بلاد تمدين و نضافة
 وذو ق ولطافة وحاجة تغيظ
ما لاقيتش جدع متعافي
وحافي وماشي يقشر خس
ولا شحط مشمرخ أفندي
معاه عود خلفة ونازل مص
ولا لب أسمر وسوداني
وحمص وانزل يا تقزقيز
هتجن با ريت يا خوانا
ما رحتش لندن ولا باريز

وأيضا قال بيرم التونسى أبوالعامية المصرية قبل رحيله بأيام:
قال: إيه مراد ابن آدم؟
قلت له: طقه
قال: إيه يكفي منامه؟
قلت له: شقه
قال: إيه يعجل بموته؟
قلت له: زقه
قال: حـد فيها مخلد؟
قلت له: لأه

أبوالقاسم الشابي وتونس
وقد أشرت إلى السيرة الهلالية التى تقع أحداثها التى تسمى فى تونس "الجازية الهلالية" وفى مصر "السيرة الهلالية" وهناك اختلافات بينهما، فى الوقت الذى ترى الجازية التونسية أن البطل هو الزناتى بركات، ترى السيرة الهلالية المصرية أن البطولة لأبوزيد الهلالى، فإن المبدع القدير يسرى الجندى استوحى من الروايتين سيرة هلالية جديدة .

ولم يكن يمكن عدم الحديث عن العظيم أبوالقاسم الشابي الذى كتبت مقالا عنه منذ ٣٦ سنة فى سلطنة عمان بعنوان "لولا أبو القاسم الشابى ما عرف العالم تونس" وأعتقد أن قصيدته عن إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر، أصبحت أيقونة لشعوب العالم المطالبة بالحريات.

والعجيب أن أبوالقاسم الشابى رحل فى عمر 25 سنة فقط، قضى السنوات الأخيرة التى أبدع فيها شعرا عبقريا وهو مريض، فعلى سبيل المثال نشيد الجبار قال فيه :
سَأعيشُ رَغْمَ الدَّاءِ والأَعْداءِ
كالنِّسْر فوقَ القِمَّة الشَّمَّاءِ
أَرْنو إِلَى الشَّمْسِ المضِيئّة
ِهازِئاً بالسُّحْبِ، والأمطارِ، والأَنواءِ
لا أرمقُ الظلَّ الكئيبَ
ولا أَرى ما في قرار الهَوّة السوداء

كان اللقاء ثريا، وأتمنى أن تكون المائة فاعلية القادمة خارج القاهرة .
وتحيا مصر.. وتحيا تونس .. وتحيا مصر.
الجريدة الرسمية