رئيس التحرير
عصام كامل

احميها بأخلاقها

قرأت مؤخرا تقريرا شيقا نشرته مجلة "المجلة" اللندنية، تحدث عن عادة الختان السيئة التى تمارس فى بعض الدول العربية والأفريقية والآسيوية، بشكل إجرامي يعتدى على حق الفتاة فى حياة جنسية سوية مع زوجها، ويجزم مقدما بأن بتر العضو التناسلي لها وتشويه جسدها هو الضمان الوحيد وحائط الصد ضد أى انحراف أخلاقي. وتناسى هؤلاء أن الأخلاق والتربية النفسية السوية والدينية السليمة، هم أكبر وأقوى "حوائط صد" للفتاة فى مواجهة الانحرافات الجسدية والأخلاقية.


يورد التقرير أن منظمة الأمم المتحدة أفادت أن نحو 200 مليون امرأة وفتاة تعرضن لأحد أشكال تشويه أعضائهن التناسلية من بينها نحو 44 مليون فتاة دون سن 14 عاما، وأكد أن عادة ختان الإناث منتشرة في دول مثل الصومال والسودان وغينيا وجيبوتي وغيرها. ووفقا للتقرير فإن نحو 92 في المائة من المتزوجات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15 و49 عاما خضعن للختان وفقا لتقارير نشرت عام 2014.

وبحسب أطباء مختصون فإن ختان الإناث يؤدى إلى مخاطر ومضاعفات على صحة الفتاة مثل النزيف الحاد والصدمة النفسية والتهابات الجهاز التناسلي، ومشكلات انتظام الدورة الشهرية، ومضاعفات الولادة، عدوى مجرى البول وانخفاض الرغبة الجنسية، والوفاة.

ثاني الأسباب هو أهمها، وهو الذي يفرز جراء الشكل التقليدي الوحشي التي كانت تجري به تلك العادة قديما، والتى تطورت بالتفاف بعض معدومى الضمير لتأديتها عن طريق التخدير داخل إطار عملية جراحية، وهو ما يسبب فى كلتا الحالتين صدمة نفسية عنيفة للفتاة التى تكون غالبا فى طور الطفولة.

رأى دار الإفتاء
فى فتوى رسمية نشرتها دار الإفتاء المصرية، فى صفحتها على موقع "فيس بوك"، بتاريخ 6 فبراير العام الماضي، أكدت أن ختان الإناث حرام شرعًا، كما أن الأطباء جزموا بضرره،  وقالت الفتوى: "الصحيح أن ختان الإناث من قبيل العادات وليس من قبيل الشعائر". وأوضحت أن قضية ختان الإناث ليست قضية دينية تعبدية في أصلها، ولكنها قضية ترجع إلى الموروث الطبي والعادات، وبعد البحث والتقصي وجد أن هذه العادة تُمارَس بطريقة مؤذية ضارَّة تجعلنا نؤكد أنها حرام شرعًا.

الشكل التقليدي الوحشي لامرأة أو اثنتين غالبا ما يكُنّ من ممارسات عمليات توليد النساء "الداية"، يقدمن إلى منزل الفتاة فى مشهد من مشاهد الرعب، ليتم تقييد الصغيرة بلا وازع من رحمة أو ذرة خوف من أب أو أم، ثم تتم عملية بتر جزء من عضو الصغيرة التناسلي بشكل عشوائي وفي أجواء تفتقر الى النظافة والتعقيم، وهو مشهد دامى لا تنساه طول عمرها، وتظل تعانى من تبعاته بشكل مؤلم وضار فى حياتها الزوجية، إذ تتحول خلال ممارسة حياتها الخاصة مع زوجها إلى مجرد "جثة هامدة" لا تتفاعل أو تبادله الرغبات، ما يؤدى بالتالى إلى حدوث نفور بين الطرفين وافتقار الى الإشباع الجنسي وبالتالي الوصول إلى حافة الطلاق.

بصمة الأذى النفسي لا تزول، ونصل البتر لا ينسي، مهما طال الزمن، فلا يظن كل من اتخذ هذه العادة القبيحة ملاذا للهروب من مسئولية التربية القويمة، أن دوره انتهى عند هذا الحد، مثل قول بعض العامة: "قطعنالها وارتحنا"، فلن يحمى الفتاة سوى صداقة الأب والأم لها، وتعريفها وفق التطور العمرى لها بما ينبغى الحذر منه و التطورات الجسدية والفسيولوجية لها، وبما تفرضه عليها هذه التطورات، وتعريفها بموجبات الدين وتعاليمه التي تحفظ جسدها وتصونه، فالحصن الأخلاقى أقوى بكثير من "مشرط الداية".. مش كده ولا إيه؟.
الجريدة الرسمية